الخلاف حول العراق يعقّد مسار التفاهم الروسي الأميركي موسكو تردّ من قزوين… والجيش السوريّ يبدأ حربه البريّة
كتب المحرر السياسي
رغم الضجيج الغربي عموماً، والأميركي خصوصاً، حول الدور العسكري الروسي في الحرب على الإرهاب في سورية، بدا أن التعارضات التي طرأت أمس تتصل بالاعتراض الأميركي على انضمام العراق إلى غرفة عمليات مشتركة مع روسيا وسورية وإيران، ورفض روسيا ربط التنسيق في العراق بالغرفة الثنائية الأميركية الروسية المشتركة حصراً كما في سورية، من جهة، وفي المقابل رفض العراق حصر تحالفاته في الحرب على داعش بالجانب الأميركي، رغم الإغراءات بتكثيف الطلعات الجوية وتسليم الجيش العراقي المزيد من العتاد والسلاح والذخائر التي سدّدت الحكومة العراقية أثمانها ولا تزال واشنطن تماطل بتسليمها، ولم يتأخر الرد الروسي ففي إشارة اعتبرتها مصادر عسكرية رداً روسياً صارماً على الصراخ الأميركي، قامت السفن الروسية التابعة لوحدات الصواريخ العابرة للقارات والتي تُعتبر من عتاد الحروب العالمية، بدخول الحرب في سورية بإطلاق ستة وعشرين صاروخاً بعيد المدى على مواقع لتنظيم داعش وجبهة النصرة، برسالة مضمونها، أن روسيا جادة في الفوز في هذه الحرب إلى حد وضع سمعة العسكرية الوطنية الروسية في كفة موازية، بما يعنيه الانخراط بهذا المستوى العالي من السلاح الروسي الذي لا تستدعيه ضرورات الحرب الميدانية بقدر ما فرضته رغبة القيادة الروسية بالردّ الحازم على ارتفاع الضجيج الغربي.
المصادر العسكرية نفسها قالت إن موسكو لا تقيم وزناً كبيراً للاعتراضات الأميركية لأنها تراقب أفعال واشنطن أكثر من أقوالها، فمن يريد تصعيداً ويلوّح لروسيا بعواقب أفعالها، لا يقوم بسحب صواريخ الباتريوت التي جلبها قبيل مجيء أساطيله إلى المتوسط لضرب سورية، ومن يومها كان الاختبار الحقيقي للحزم المتبادل، بين موسكو وواشنطن تجاه سورية، يومها كان الباتريوت يتموضع والأساطيل تقترب، وصواريخ الاختبار تنطلق منها نحو الساحل السوري فصدرت الأوامر من موسكو لسلاح الصواريخ نفسه في بحر قزوين باعتراض الصواريخ الأميركية وتمّ إسقاطها في مياه المتوسط، فارتضت واشنطن التفاوض وكان الحل السلمي للسلاح الكيميائي السوري، وبدأ عهد التفاوض مجدداً حول الملف النووي الإيراني الذي توّج بالتفاهم قبل شهور قليلة، وها هو الباتريوت يرحل بعدما رحلت الأساطيل، بينما روسيا هي من يوضّع سلاحه اليوم ويعرف ماذا يريد.
وفي إشارة لا تقلّ أهمية عن بدء زمن جديد في الحرب في سورية بدأ الجيش السوري، حربه البرية النظامية في ريف حماة، بتطهير مجموعة من القرى والبلدات واستعادة زمام المبادرة، تحت غطاء جوي مشترك روسي سوري، وغطاء ناري مدفعي وصاروخي وتقدّم أفواج المشاة والمدرعات، بما لم تعرفه المواجهات التي خاضها الجيش السوري سابقاً وفقاً لقواعد حرب العصابات، تعبيراً عن كونه في مرحلة امتصاص الصدمات، والصمود والدفاع عن مواقعه الاستراتيجية بانتظار نضوج ظروف بدء الهجوم المعاكس، التي يبدو أنها قد نضجت وأطلقت إشارة البدء للحملة البرية التي بدأت يوم أمس في ريف حماة بنجاح واضح بدأ يقطف ثماره سريعاً فراراً للمسلحين وإقبالاً على تسوية الأوضاع، بحيث بلغ مجموع الذين فروا من جبهات القتال أو استسلموا للجيش السوري وأجهزته الأمنية الآلاف خلال الأيام السبعة منذ بدء التموضع الروسي الجديد في الحرب.
لبنانياً، كان تأجيل جلسات الحوار من الموعد المقرر اليوم، مفاجئاً للكثير من المتابعين باعتباره علامة على تعقيد يمنع السير بالتسوية المنتظرة في قضية تسريح العميد شامل روكز من المؤسسة العسكرية منتصف هذا الشهر، مع بلوغه السن القانونية، ما يعني وضع البلاد على ضفة التصعيد السياسي، ما لم تحدث مفاجأة تتيح تحقيق اختراق قبل يوم الخميس المقبل، ربما يريد تيار المستقبل تأجيلها لما بعد قراءة حجم حشود العماد ميشال عون يوم الأحد على طريق قصر بعبدا، بينما قرّر رئيس مجلس النواب نبيه بري النأي بمصير الحوار عن نتائج مساعي التسوية فاختار موعداً بعيداً للجلسة التالية للحوار، وترك الحراك الذي قرّر التحرك اليوم بوجه طاولة الحوار يتحرّك ضد لا أحد.
جلستان للحوار ولا اتفاق
استكملت هيئة الحوار الوطني في جولتها السادسة ولليوم الثاني على التوالي، مناقشة مواصفات رئيس الجمهورية في جلسة أولى ظهراً وأخرى مسائية على أن تقدم الكتل اليوم مواصفاتها إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي حدد يوم 26 تشرين الأول موعداً للجلسة الثامنة.
وشهدت الجلسة انقساماً بين فريقي 8 و14 آذار في ما يتعلق بمواصفات الرئيس وأيضاً في ما يتعلق بالسلة المتكاملة لحل الأزمة، والتي أطلقها الرئيس بري، أي الاتفاق على شخص الرئيس وانتخابه وإقرار قانون انتخاب والاتفاق على المرحلة المقبلة، فتيار المستقبل وحزب الكتائب رفضا السلة المتكاملة الذي تحدث بها فريق 8 آذار وأيده النائب وليد جنبلاط والرئيس نجيب ميقاتي. التفاصيل صفحة 3
حزب الله يقدّم اقتراحات للنقاش
وفي موازاة الحوار وبعد اتهامات فريق 14 آذار المتكررة لحزب الله بتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية وعمل الحكومة، قدّم الحزب خلال كلمة لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في حفل تخريج طلاب مدارس المصطفى والبتول، اقتراحات محفزة لحل الأزمة السياسية الحالية تشمل الملف الرئاسي وتفعيل الحكومة والمجلس النيابي وقانون انتخاب تتضمّن الآتي:
ـ إزالة العقبات عن طريق عمل الحكومة من أجل أن تعود إلى الاجتماع وتصريف شؤون المواطنين بتسويات مقبولة من الطرفين.
ـ انعقاد المجلس النيابي ولو بتشريعات محدودة تمسّ شؤون الناس.
ـ مناقشة برنامج عمل رئيس الجمهورية وأن تُعقد معه اتفاقات حول المرحلة المقبلة، ليكون الرئيس القوي الذي نختاره ملتزماً معكم بتفاصيل نحن حاضرون أن نكون جزءًا منها.
وأكدت مصادر في 8 آذار لـ«البناء» أن دعوة الشيخ قاسم هي اقتراحات للنقاش لمواجهة اتهام حزب الله والتيار الوطني الحر بتعطيل انتخاب الرئيس وعمل الحكومة ولإحداث ثغرة في جدار الأزمة السياسية التي دخل فيها لبنان»، واضافت المصادر: «لدينا مرشح للرئاسة هو العماد عون فتعالوا نناقش برنامجه». وأشارت المصادر إلى أن الدعوة «موجهة لفريق 14 آذار بأنكم تتهمون عون بأنه ينتمي إلى فريق 8 آذار وهو لديه مبادئ وأفكار، فتعالوا لنناقش أفكاره الاستراتيجية في المواضيع الداخلية وموضوع المقاومة والاستراتيجية الدفاعية».
وتابعت المصادر: «أما الدعوة لفتح المجلس النيابي فهي موجهة لعون ولـ14 آذار لكسر حلقة مفرغة في جدار الأزمة في مكان ما، انطلاقاً مما قاله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن ضرورة فتح المجلس النيابي، لأن فتح المجلس أو تفعيل عمل الحكومة أو حل ملف رئاسة الجمهورية سيؤدي إلى مكان ما وبدء حل الأزمة».
ورفض عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري التعليق على اقتراحات الشيخ قاسم قبل مناقشتها ودراستها، مؤكداً أن تيار المستقبل سيدرسها بجدية ومسؤولية وسيعطي موقفاً منها، لكنه لفت إلى أن حل الأزمة برأينا يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية».
جلسة حكومية تنتظر انتهاء الحوار
حكومياً، لا جديد بانتظار انتهاء جلسات الحوار الوطني ونضوج ملفي الترقيات والنفايات ليدعو رئيس الحكومة تمام سلام إلى جلسة لمجلس الوزراء.
وجدد وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» التأكيد على موقف اللقاء التشاوري بالرفض المبدئي لتسوية الترقيات، نافياً أن يكون أحد قد تواصل مع اللقاء أو مع حزب الكتائب لإقناعه بالتسوية، معتبراً أن هناك أصولاً للترقيات وإرجاء التسريح حددت في قانون الدفاع، ولن نقحم المؤسسة العسكرية في السياسة، لكنه لفت إلى أن هذا الموضوع يُبت في مجلس الوزراء من خلال التصويت بأكثرية الثلثين إذا توفرت.
وتوقع جريج أن يعقد مجلس الوزراء جلسة الأسبوع المقبل بعد نضوج خطة النفايات وأن سلام ينتظر انتهاء جلسات الحوار ليدعو إلى جلسة، مشدداً على «ضرورة أن يجتمع المجلس ليس فقط لموضوع النفايات أو الترقيات بل لمواضيع كثيرة تطال شؤون المواطنين الحياتية».
الحراك إلى ساحة الشهداء
وعشية التظاهرة المركزية التي دعت إليها حملات الحراك المدني في السادسة عصر اليوم في ساحة الشهداء، نفّذ ناشطون من حملة «بدنا نحاسب» اعتصاماً أمام مخفر قصر العدل، مطالبين القضاء بـ»فتح ملفات عدة منها ملف «سوكلين» وما أثير في الجلسة الأخيرة للجنة الأشغال والطاقة النيابية حول أزمة الكهرباء». والتقى المعتصمون القاضيين سمير حمود وعلي إبراهيم، الذي باشر تحقيقاته في الإخبار المقدم من الحملة حول ما جرى في جلسة لجنة الأشغال من تبادل اتهامات بالسرقة والفساد في ملف الكهرباء. وكانت حملة «طلعت ريحتكم» نفذت إلى جانب مجموعات الحراك المدني، اعتصاماً فجراً أمام منزل رئيس الحكومة.
وأشارت مصادر الحراك الشعبي لـ«البناء» إلى أن حملات الحراك تحشد للتظاهرة المركزية اليوم لتجديد رفضها لخطة وزير البيئة أكرم شهيب لمعالجة النفايات ولمحاسبة المسؤولين عن الفساد، ورحبت المصادر بخطوة القاضي علي إبراهيم باستدعاء النواب الذين أثاروا الاشتباك في جلسة لجنة الأشغال إلى التحقيق، واعتبرتها «خطوة جدية باتجاه المحاسبة الجدية للمتورطين في الفساد».
وعلمت «البناء» من مصادر وزارية أن «خطة النفايات على طريق الحل، بعد الموافقة في عكار على إقامة مطمر سرار، لكنها أشارت إلى أنه إذا لم تتم الموافقة على إقامة مطمر في عنجر فسيتأمن مطمر جديد بمكان آخر. ونقلت المصادر عن الوزير شهيب أن الخطة ستسير باتجاه التنفيذ خلال الـ 48 ساعة المقبلة.
إصابة 5 عسكريين بقذائف الإرهابيين في رأس بعلبك
أمنياً، أصيب 5 عسكريين بقذائف الإرهابيين في رأس بعلبك، في محاولات من قبل المجموعات الإرهابية لإشعال معركة مع الجيش لتخفيف الضغط والحصار عن المجموعات المسلحة في سورية.
وأكدت قيادة الجيش في بيان «تعرُّض مركز تابع للجيش في منطقة حرف الجرش – رأس بعلبك، لسقوط عدد من قذائف الهاون مصدرها المجموعات الإرهابية المسلحة في جرود المنطقة، ما أدى إلى إصابة خمسة عسكريين بجروح، فيما تقوم وحدات الجيش بالردّ على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة».