أسئلة الى نتنياهو عن الوسام الصفوي وعصابات البقاء؟
نارام سرجون
لماذا لا يجد نتنياهو ما يشكو منه أمام العالم إلا ما تفعله إيران… في مرة سابقة جاء برسم القنبلة النووية الإيرانية التي قاربت على الانتهاء ما لم يوقف مشروع إيران النووي… واليوم رفع نتنياهو في الأمم المتحدة كتاب الإمام الخامنئي الذي يوصف في أدبيات الثوار العرب والمجاهدين بالمجوسي الصفوي الرافضي … وهو الكتاب الذي يهاجم فيه الخامنئي «إسرائيل» ويحضّ على حربها ويشرح فيه فقه رفضها والجهاد ضدّها؟
الجواب لا يهمّني أن أشرحه ولا أن أدخل في تفاصيله التي صار حتى الأعمى يراها وحتى المخلوقات الفضائية صارت تعرفها، أما المخلوقات العربية المجاهدة الإسلامية ذات العيون الجريئة فلا تعرفها. ولكن من حقنا أن نسأل أسئلة ربما في ثناياها وفي شارات استفهامها شيء يحرج ذوي الألباب من جماعة «حي على الجهاد في سورية» التي تحمل الأسماء الطنانة النبوية والإسلامية، فتح الاسلام، وجيش الإسلام، وأجناد الإسلام، وألوية الفرقان، و«الإخوان المسلمين»، ودولة الخلافة، الخ…
لماذا لم يجد نتنياهو في كلّ العالم العربي والإسلامي كتاباً واحداً يحرّض على «إسرائيل» ويثير قلقها إلا كتاب المرشد الأعلى في إيران كي يرفعه أمام العالم في نيويورك ليظهر التهديد الوجودي على «إسرائيل»؟ أليس للمرشد الأعلى لـ«الإخوان المسلمين» أو لأيّ مرشد صغير منهم أيّ اجتهاد يخصّ «إسرائيل» كي يتسلح به نتنياهو، فيتباهى الإسلاميون بكتابهم وجهادهم الذي زلزل راحة نتنياهو؟ لماذا استعصى على نتنياهو ان يجد كتاباً واحداً من منشورات «الإخوان المسلمين» التي تطبع منذ عشرات السنين يخصّص «إسرائيل» بصفحة واحدة؟
لماذا لم يجد نتنياهو أو أيّ إنسان كتاباً سعودياً واحداً لكاتب سعودي أو صحافي أو شيخ من شيوخ الحرم المكي منذ نشوء المملكة الوهابية يتحدّث بعدوانية ضدّ «إسرائيل» رغم أنّ السعودية طبعت ملايين الكتب تحرّض على المسلمين الشيعة والقوميين العرب ونشرت ملايين النشرات والصفحات لتجنّد مجاهدين لقتال أهل العراق وقتال الروس وقتال السوريين وحتى دعم الايغور الصينيين؟ شيء يثير العجب أنه لا توجد صفحة واحدة في كلّ الدنيا مطبوعة على نفقة السعودية فيها تحريض على «إسرائيل» منذ قيام «إسرائيل»؟
كيف لم يجد نتنياهو منشوراً واحداً من منشورات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يثير قلق «إسرائيل» أو احتجاجها فيعرضها على العالم؟ ولم يجد سطراً واحداً من مذكرات الملك حسين مهنتي كملك ضدّ «إسرائيل» ولم يجد في كلّ ما طبعته المملكة الهاشمية وكلّ البلاط الملكي «لحفيد النبي» منذ نشوئه والمشرف على المسجد الأقصى سطراً واحداً يريه للعالم على أنه مصدر قلق لـ«إسرائيل».
لماذا لم يجد نتنياهو في كلّ مطبوعات الخليج العربي المحتلّ منذ وجوده – وهي بالمئات – شيئاً يثير قلقه أو سطراً جهادياً ضدّ «إسرائيل»؟ كلّ الشيوخ والأمراء وقادة «الربيع العربي» الذين تمّ تخريجهم في أكاديميات قطر و«الجزيرة» للثورات لم تنشر تحت رعايتهم قصيدة أو خاطرة ضدّ «إسرائيل» يأخذها نتنياهو ويبيعها في الأمم المتحدة.
لماذا لم يجد نتنياهو ورقة واحدة وقّع عليها أبو بكر البغدادي يهدّد بها «إسرائيل» ولو من باب رفع العتب، وهو الاسم الذي يرعب العالم بإرهابه ويمكن استثمار اسمه في بزنس جمع التعاطف والتبرّعات؟
لماذا لم تجد كلّ عيون نتنياهو وراداراته الفكرية ورقة واحدة تنقل عن الجولاني سطراً واحداً عن العداء لـ«إسرائيل» يمكن بها لنتنياهو أن يقول إنّ فرع «القاعدة» في سورية يريد بنا شراً وما أدراك ما القاعدة، وهذا هو الدليل؟
بل لماذا لم يجد نتنياهو كلمة واحدة مندسّة في أدبيات حزب العدالة والتنمية تتسلّل الى فلسطين أو تتذكر أنّ فلسطين مسؤولية عثمانية كما هي حلب والموصل ويستطيع نتنياهو بها ان يقول إنّ اسلاميّي العالم يريدون بنا شراً واسترداد فلسطين كما يحاولون استرداد حلب والموصل؟ الغريب أنّ «إسرائيل» غابت تماماً منذ نشوء تركيا الجمهورية الى تركيا الإسلامية الأردوغانية إلا في كتاب صفر مشاكل لداود أوغلو الذي اعتبر أنّ المشاكل مع «إسرائيل» صفر مثل كلّ المشاكل، وبالطبع هي المشكلة التركية الوحيدة التي كانت صفراً وبقيت صفراً وستبقى صفراً الى الأبد من دون نقاش.
عجيب أمر هذا العالم الإسلامي المترامي الأطراف والمتلاطم بأمواج المشايخ واللحى والمؤمنين والمؤمنات أنك يمكن أن تجد ديناصوراً حياً يسعى فيه ولكن لا يمكن أن توجد فيه ورقة واحدة ضدّ «إسرائيل» تلوكها أسنان نتنياهو في الأمم المتحدة ويتسوّل بها؟ انّ كلّ ما ذكرت أعلاه لم تصدر عنهم ورقة واحدة طوال سبعين عاماً موجهة ضدّ «إسرائيل».
تخيّلوا أنه حتى في أدبيات السلطة الوطنية الفلسطينية – وهي المعنية الأولى بفلسطين لا يوجد شيء يخيف «إسرائيل»، وعندما تختلف سلطة أبو مازن مع «إسرائيل» تحسّ أنك تقرأ في بيانات السلطة منشورات بلدية من بلديات عسقلان وهي تحتجّ على قرار حكومي للدولة العبرية، أو في أحسن الأحوال احتجاجات حزب من أحزاب البيئة «الإسرائيلية» على نسبة التلوث دون زيادة أو نقصان، من مثل عبارات انّ الوضع متأزم وانّ هذا لن يفيد عملية السلام؟ حتى في أوراق حماس الجديدة نسخة مشعل وهنية ذابت «إسرائيل» مثل فصّ الملح في فيضان «الربيع الإسلامي»، ولم يتمكن نتنياهو من إبراز ورقة حديثة
من مكتب خالد مشعل أو اسماعيل هنية تحرّض فيها حماس العصرية على «إسرائيل»، بل انّ كلّ بيانات حماس المحدثة صارت تشبه نشرات الطقس عن احتمال هطول زخات رعدية من الأمطار أو أنّ الطرق السياسية غير سالكة، على العكس فإنّ خصوم نتنياهو يرفعون في وجهه في الكنيست اتفاقات وتعهّدات حماس بالتهدئة مع «إسرائيل» لربع أو نصف قرن كامل ويعتبرون ذلك خيانة من نتنياهو الذي لا يجب أن يقبل أيّ عرض من حماس سوى التبرّؤ من فلسطين.
بالرغم من أنّ العلاقة التراثية هي الوحيدة التي يجب أن تربطني بالسيد علي الخامنئي باعتبار أنّ جميع فلاسفة المسلمين هم من الفرس – باستثناء وحيد هو الكندي – فإنه لا تربطني بالسيد علي الخامنئي شخصياً وعقائدياً وايديولوجياً إلا شراكة صفحات الكتاب الذي حمله نتنياهو، أيّ الاحساس بأنّ «إسرائيل» لوثة وخطيئة أخلاقية وإنسانية ويجب أن يتمّ تصحيح هذه الخطيئة، لأنّ كلّ ما يحدث في الشرق، وكلّ هذا الهدم والدم هو بسبب «إسرائيل» ومن أجل «إسرائيل»، وسنبقى ندفع ثمن هذه الخطيئة حتى يتمّ تصحيحها، ولا شيء آخر يربطني به على المستوى الشخصي، ولكن في صفحات ذلك الكتاب عن فلسطين يقترب السيد علي الخامنئي من عقلي ومن قلبي، وأقترب من قلبه وعقله، وأنحني احتراماً لاحترام الذات واحترام العقيدة والشجاعة في قول الحق وتجنّب الرياء والنفاق واحتراماً للرجل الذي يخيف «إسرائيل» حتى بكتاب، هذا النوع من الكتب والمنشورات والانسجام بين الممارسة والسياسة والكلام هي التي تربطني بأيّ شخص في العالم وليس لون عمامته ولا حجمها ولا وسعها ولا ارتفاعها ولا نوع الأدعية ولا لون القباب، وهي التي تقرّر لي يقيني من شكي بإخلاص الرجال لمبادئهم، وهي الأوسمة على صدور الرجال وصدور الأمم.
والى أن يرفع نتنياهو كتاباً آخر لمسلم آخر أو عربي آخر في أيّ منبر في العالم لا بدّ أن أقول بأنّ بعض الفرس الصفويين لا شك أصدق من كثير من العرب جماعة كنتم «خير أمة أخرجت للناس» ، وأخشى أن أقول بأنهم منسجمون مع أنفسهم أكثر من كثير من المسلمين، وأنّ هؤلاء الذين يسمّيهم الثوار بالصفويين المجوس الكفار والروافض هم ما يخشاه نتنياهو ولا ينام الليل بسببهم ويقرأ كتبهم كلها حرفاً حرفاً، وليس بين جميع المؤمنين والمؤمنات والمجاهدين والمجاهدات من يخشاه نتنياهو أو يقرأ له، وليس بين جميع ملوك العرب وشيوخ العرب وكلّ تكبيرات العرب ومؤلفات العرب ما يخشاه نتنياهو.
لذلك محبتي واحترامي الى كلّ الروافض والمجوس والصفويين الذين يخيفون «إسرائيل» من أيّ عقيدة وانتماء في العالم، وإنْ كانوا من السيخ والبوذيين، واحتقاري – كلّ احتقاري – لكلّ العثمانيين والوهابيين و«الإخوان المسلمين» الذين يطمئنون «إسرائيل»، هؤلاء الذين لا شك أنهم لا ينتظرون الا محبة وتحية نتنياهو لهم الذي سيرفع في المرة المقبلة شعار «رابعة» لـ«الإخوان المسلمين» مكافأة لهم أو شعار باقية للدولة الإسلامية الداعشية الذي يشبه شعاراً شهيراً يقول انّ اسرائيل وجدت لتبقى ، ومنه جاء شعار الإسلاميين عن دولتهم داعش بأنها باقية .
وعصابة باقية تلتقي مع عصابة وجدت لتبقى في العداء للصفويين والمجوس والروافض وكلّ أحرار العالم الذين لا شك يستحقون الانتصار على العصابتين وعلى كلّ العصابات التي تسير معهما وتمشي في طريقهما، وسحقاً للخونة والمرائين والمنافقين وانْ كانوا من أقحاح العرب وأقحاح المسلمين.