همزة وصل
لا يمكن قراءة فلسفة عبد الله أوجلان الملقب بـ «آبو» إلا من خلال كونها فلسفة الصراع مع الموروث والبحث عن مبادئ تعبّر عن رؤية جديدة لـ «المجتمع الكردي»، الذي يخضع لضوابط ونظرة صارمة لمكوّناته، ومنها المرأة التي بقيت مواطنة من الدرجة الثانية قبل تأسيس حزب العمال الكردستاني في 27 تشرين الثاني العام 1978.
منذ بضع سنوات، كان شائعاً عن النساء الكرديات في تركيا أنهنّ مظلومات، وقد رسّخت هذه الفكرة الأفلامُ والمسلسلاتُ التي تجسّد المرأة الكردية كضحية، ولكنّ هذا الواقع انقلب في تركيا والمنطقة. فباتت النساء الكرديات رائدات في السياسة التركية، وسطع نجمهنّ خلال مواجهة «داعش» في عين العرب والمناطق السورية الشمالية، وأصبحن وجه الثورة ضد الطورانية التركية.
إن قضية المرأة شغلت «آبو» ولاقت منه اهتماماً عظيماً. و«آبو» عاش منذ طفولته، تناقضات عميقة جداً، وشغلت عقله أسئلة كثيرة، منها: لماذا كان مهر أخته فقط كيساً من الشعير؟ لماذا تم منعُ رفيقة طفولته من اللعب معه وسط ساحة القرية؟ ولماذا اختفت صديقته فجأة وهي طفلة قاصر وانتقلت إلى منزل آخر؟
وبقدر ما كانت هذه الأسئلة كبيرة ومهمة بالنسبة إليه في ذلك الوقت، إلا أنه لم يلقَ الأجوبة المناسبة لها وهو طفل.
كانت فلسفة «آبو» تبحث في الأسباب التي أدت بـ«المجتمع الكردي» إلى حالة جهنمية، وذلك من خلال البحث عن تحقيق المساواة والعدالة والحرية والحياة الكريمة وهو لذلك طرح سؤالاً وأجاب عليه: أين تكمن العقدة العمياء في خسارتنا حريّة المرأة؟
برأي «آبو» فإن إيديولوجية تحرير المرأة تعني نضالها في جميع الساحات والميادين الحياتية الإيديولوجية، السياسية، العسكرية، الاقتصادية، ومن خلال الثورة الاجتماعية المرتبطة بمبادئ وتوجيهات فلسفة الحياة الجديدة التي طرحها. وهو لذلك يشير إلى أن نضال المرأة ليس بنضال جنسي فحسب، بل إنه نضال يعطيها دوراً قيادياً في منظمات تحرير المجتمع وتطويره.
وبهذا المعنى، يجب أن تتحول إيديولوجية تحرير المرأة الكردية إلى إيديولوجية تحرير «المجتمع الكردي»، وقد استند نضال حزب العمال الكردستاني إلى إيديولوجية تحريرها وتطوير نضالها عبر إعطائها دوراً في قيادة الحزب، كتعبير عن دورها الريادي في المجتمع.
لقد عاش «آبو» دوماً مرتبطاً بالمبدأ القائل «إما الحياة الحرة، وإلا فلا»، وآمن بأن الحبّ والتقدير لن يكونا ممكنين إلا بالجماليات والأخلاق الحرّة التي تتموضع المرأة في مركزها.
ن.م