بمواجهة الإرهاب أولاً
بلال شرارة
الإرهاب أولاً…
منذ ما يزيد على ثلاثة عقود سعى الرئيس حافظ الأسد رحمه الله إلى تحديد تعريف عربي ـــــ أممي للإرهاب وإلى رسم الفارق بين المقاومة والإرهاب، ولكن في ذلك الحين ولأسباب «إسرائيلية» دولياً جرى القفز فوق محاولة الرئيس الأسد الذي كان يرى بعيون استراتيجية الاتجاهات الأممية للأمور وكيف يجري وضع الشرق الأوسط على منظار التصويب تحت عنوان «الشرق الأوسط الجديد»، وكيف يجري البحث عن ساحة لجعلها قاعدة ارتكاز للإرهاب، وكيف جرى ترشيح جنوب السودان لذلك ولكن…؟
ولكن، آنذاك الرئيس الأسد كان في وادٍ والنظام العربي كان في وادٍ آخر، وهو لا يريد أن يرى أو يسمع بل إنه كان يساهم هنا وهناك في تمويل انتحاره.
في مصر كان رأس النظام يحاول تحييد نفسه عن هذه الحرب ويتحمّل وقع حروب صغيرة تشنّها تنظيمات صغيرة ليست UNDER CONTROLE تقوم بتنفيذ مؤامرات صغيرة للاغتيال والتفجير وسرعان ما تقع في الشباك، أما الأمرّ والأدهى أيّ ما يقع في شمال سيناء ومنطقة العريش وصولاً إلى منطقة الاقتراب من حدود رفح، فإنها دولة تهريب كانت موجودة على غرار شبكات تهريب مخدرات وأسلحة ثم تشكلت على أنقاض هزيمة مصر 1967 ووجود كميات لا تقدّر من الأسلحة والذخائر جرى طمر بعضها في أرضه ونقل كميات أخرى إلى أماكن يعتقد المهرّبون أنها آمنة.
الأمر نفسه كان يتشكل على مساحة المنطقة العربية الإسلامية وكان يحتاج إلى إدارة أمنية تملك مشروعاً أيديولوجياً وتحقق الأمر بصعود حزب العدالة والتنمية في تركيا وتولّيه السلطات، وجرى اعتماد تركيا قاعدة ارتكاز لمشروع السيطرة الجديد على النظام العربي وقاعدة لضخ السلاح واعتبار قطر قاعدة لضخ الأموال اللازمة لزعزعة استقرار الأنظمة.
كانت واشنطن ومعها الدول الصناعية تضع مشاريعها بعنوان الشرق الأوسط الجديد و الجوار الشرق أوسطي و… وسرعان ما توحدت النظرة في قمة سي ابلند للدول الصناعية، وجرى اعتماد مشروع موحّد، ثم استراتيجية «الفوضى البناءة» ارتكازاً على مشروع الأسلحة المنبعث من الإمبراطورية التركية.
وهكذا توالت الانفجارات ارتدادات الربيع العربي وجرى إسقاط المنطقة العربية في الفوضى وبالقوة والاندفاع نفسيهما جرى إطلاق داعش – الدولة الإسلامية في العراق وسورية ثم باستخدام دول راغبة بالتدخل العسكري من أفغانستان ايساف ثم غزو العراق وحصار ليبيا إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة فوق سماء سورية والعراق.
ثم توالت هزائم المشروع من ثورة 30 يونيو في مصر إلى الانتخابات التونسية إلى التصدّي العراقي لمشروع داعش التدميري إلى الحدود الشرقية والشمالية في لبنان، وأساساً ودائماً صمود سورية، وتشظّي المسألة اليمنية ومن ثم عبور الإرهاب إلى الحدود الخليجية السعودية والكويت واستيقاظ الخلايا النائمة في الإمارات .
إرباكات التحالف الدولي الجوي والوقائع اليمنية التي تستهلك مادياً التحالف العربي بقيادة السعودية أمر لا يُعجب الرئيس أوباما الذي يريد ومعه أردوغان وقادة الخليج إطاحة الرئيس بشار الأسد وعدم القبول بعملية انتقالية في سورية بظله.
قوات التحالف والأمور التي دبّرت في الليل لم تنجح بالإطاحة بالنظام في سورية ولم تستطع إقامة البديل له، و التطرف والإرهاب كوليد للنظامين الدولي والعربي يحتلّ المساحات التي تمهّدها عمليات التحالفات الدولية والعربية في اليمن وفي سورية والعراق.. والآن؟
الآن لم يبقَ سوى اعتماد الخطة الروسية التي تعتمد على تصنيف أممي للإرهاب، تماماً كما رسمه الرئيس الراحل حافظ الأسد، والذي رأى ولمس بالعين الاستراتيجية الثاقبة أنه لا يوجد إرهاب متطرف وإرهاب معتدل وبين بين بل يوجد إرهاب، والحرب ستأخذ الروس وقريباً معهم الصين إلى حدود الخليج، وسيعبر التدخل العسكري العراق إلى حيث تدعو الحاجة وسيصل إلى حدود الدول التي صدّرته وأسهمت في تفكيك الاتحاد السوفياتي.
اليوم الحرب ضدّ الإرهاب ستشمل عبور السلاح والمسلحين وربما المال للحدود السيادية للدول وستشمل مصادر المعركة الاقتصادية التي جعلت من النفط سلعة رخيصة والتي أسقطت ميزانيات الدول إلى الحضيض الاقتصادي والتي هي في واقع الأمر مهّدت انتحارها اقتصادياً بعد انتحارها الأمني .
روسيا الآن وبعد قليل الصين التي حيّدت باكستان في الطريق إلى الحرب المفتوحة ضدّ الارهاب، تحاربان لأجل مصالحهما وليس من أجلنا وربما تجمعنا معهم مصالح أكثر من مشتركة.
ونحن مصر تدير حروبها على طريقتها وهي مع الجزائر مضطرتان إلى سدّ الثغرة الليبية والحدود المفتوحة أمام الإرهاب، وإيران التي تقع على حدود الاضطراب والإرهاب تشترك في الحرب على طريقتها، وهي تضع موارد كبيرة وخبرات في الحرب ضدّ الإرهاب وربما ستجد نفسها مضطرة للمشاركة برياً.
يبقى أننا نحن على حدود إرهاب مشروع السيطرة على الشرق الأوسط والمشروع الإسرائيلي، وعلينا تقع أعباء إجهاض مشروع «إسرائيل» لتعميم الفوضى وصولاً إلى جعل كيانها اليهودي قاعدة ارتكاز اقتصادية لمشروع «الشرق الأوسط الاقتصادي الجديد».