تداعيات الموقف المصري من التدخل الروسي…
حميدي العبدالله
أعلنت جمهورية مصر العربية، على لسان وزير خارجيتها، تأييدها لإسهام روسيا إلى جانب الجيش السوري في مكافحة الإرهاب.
لا شك في أنّ موقف مصر بما تمثله من وزن على المستوى العربي والإقليمي له أثر كبير على محاولات استعداء العرب ضدّ روسيا، ومن شأن هذا الموقف أن يعزل مواقف السعودية التي أعلنت شجبها للمشاركة الروسية في الحرب على الإرهاب، علماً أنها رحبت بالمشاركة الأميركية رغم علمها أنّ الولايات المتحدة غير جادّة في عملها.
موقف مصر سيكون له تأثير على مواقف الحكومات العربية الأخرى باتجاهين، الاتجاه الأول تسجيل أنموذج مبادِر من المفيد الاقتداء به، إذ إنّ مصر تشكل إغراءً لدول أخرى لديها رغبة في الإسهام بمواجهة الإرهاب في سورية من خلال أي قوة دولية قادرة على ذلك، وجادّة في مسعاها، ويمكن الإشارة إلى حكومات الجزائر وتونس والسودان التي التقى وزراء خارجيتها وزير خارجية سورية في الأمم المتحدة، في ما بدا وكأنه خطوة تمرّدية على سياسة عزل سورية عربياً، الاتجاه الثاني توفير نوع من أنواع الحماية والصدّ في مواجهة أيّ رفض سعودي للإسهام الروسي في الحرب على الإرهاب، والسعودية اليوم في وضع لا يسمح لها بإشهار عدائها لمصر والوقوف ضدّ خياراتها السياسية على الرغم من الظروف الصعبة التي تمرّ بها مصر جراء استمرار أعمال الإرهاب على أراضيها المدعومة من قطر ومن تركيا وهي دول حليفة للمملكة العربية السعودية.
مصر تعتقد أنّ أمنها القومي مهدّد، وإذا ما حقق الإرهابيون تقدّماً كبيراً على حساب الجيش والدولة السورية، فإنّ من شأن ذلك أن يوفر قاعدة وملاذاً للجماعات الإرهابية سوف تستخدمها لتعزيز أعمالها الإرهابية في مصر، ولهذا فإنّ الموقف المصري من الإرهاب في سورية يشبه الموقف الروسي، أيّ أنّ العداء للإرهاب لا ينطلق من حسابات تتصل بدعم الدولة السورية، بقدر ما هو دفاع عن الأمن القومي في وجه مخاطر الإرهاب، وطالما أنّ الدول الأوروبية وحتى الولايات المتحدة تتحدّث اليوم عن مخاطر الإرهاب عليها، وتعتبر محاربته أولوية في سياساتها، فمن البديهي أن تتحسّب مصر ودول المنطقة لهذا الخطر أكثر بكثير من الحكومات الغربية. بهذا المعنى يمكن الاستنتاج بأنّ التأييد المصري للإسهام الروسي في الحرب على الإرهاب في سورية يعبّر عن تطلعات مصر النابعة من مصالحها الوطنية وأمنها القومي، ولذلك لا يمكن لأيّ دولة أو جهة مهما كانت طبيعة العلاقات معها أن تغيّر هذا الموقف إذا عارضت إسهام أيّ دولة في العالم في حرب جديّة ضدّ الإرهاب، مهما كانت الذرائع والحجج.