قالت له
قالت له: أحبّك لكنّني أحبّ أن تتغيّر فيك أمور كثيرة.
فقال لها: أنت لا تحبينني، إنما تحبّين رسماً في خاطرك. فقد طلبت منكِ أن تغيّري أمراً واحداً وندمتِ على رغم أنّ مصيرنا يتوقف عليه، لأنني أحببتك كما أنتِ وبقيتُ نادماً إن طلبت وإن ارتضيت الخسارة. فكيف تريدين تغيّري في أمور وأمور؟ وماذا يبقى منّي لتحبّيه؟
فقالت: ما أطلبه منك ليس تغييراً في قيمك، ولا في نفسك، إنما في تقديرك قيمك ونفسك، بأن تعيرهما اهتماما يظهر في ردود فعلك. فمن له أناقة كلماتك وفرح ألوانك، تطلب منه أناقة مواعيده ويطلب منه فرح التواصل. ومن يتمتع بشجاعة المواقف في القضايا الكبيرة تنتظر منه بعضاً في قضاياه الصغيرة. ومن اعتاد أن يحلّ مشاكل الآخرين على حسابه، كيف يطيعه قلبه أن يطلب حلّ بعض مشاكله مع الغير؟ على حساب من يحبّ؟
فقال لها: أنتِ تعيدين صوغ الأمور وفقاً لهواك. فخذيها بطريقة أخرى أن السعادة في الحبّ ضمن أربعة جدران، والتباهي بالفوز بالحبّ في كل مكان، وما تطلبينه يتّصل بالأساس. بينما ما أطلبه يتصل بالناس.
فقالت: وما تطلب؟
فقال: أن تكوني في الحياة بمهنة واحدة اسمها حبيبتي.
فقالت: وما الفرق هنا بين الخادمة والحبيبة؟
فقال لها: أن أكون لك في ما بيننا خادماً بقدر ما تكونين بين الناس خادمتي.
فقالت: وإذا كان التباهي بالحبّ أحد أسباب السعادة، فماذا تركت منه لي؟
فقال: أن تكوني حبيبتي.
فقالت: وهل يضيرك التباهي بحيبية؟
فقال: بين الناس نبقى رجلاً وامرأة، وفي قفص الحبّ أبقى خادماً وتبقين الأميرة. فقالت: وهل من العدل أن تحيا سعادة الحبّ مرّتين بيننا وبين الناس، وتعرض عليّ نصفها؟
فقال: لهذا الذكر مثل حظّ الانثيين.
فقالت: لماذا الدين عندكم مذكّر والحياة مؤنّث يا معشر الرجال؟
فقال: لأنكنّ يا معشر النساء تُردن المال مذكّراً، وتؤنّثن الحرّية.
فقالت: تعال نلغي التمييز بينها.
فقال: نبدأ من الألف قبل أن نصل إلى الياء.
فقالت: بدأنا كان الألف، فعليك بالباء!