كلّنا في الهمّ شرق
إنني كأيّ حالة من حالات المواطَنة، عليّ أن أقدّم رؤيتي للمشهد الوطني الحالي. لكنّني لن أقدّم خيالاً شعرياً، إنما رؤية لما نعاني منه.
إن سكتنا مورِس علينا التمزيق الجغرافي والشعبي، وإن حاولنا أن ندافع عن الشمال والوسط والجنوب، مورِس علينا شكل من أشكال الاتهام، لا بل الحظر الجوّي بِاسم طيران التحالف!
الهدف كان منذ البدء، إبادة شرائح شعبية معروفة وتهجير شرائح شعبية معروفة، ومنهم أخوتنا مسيحيو الشرق. ومنهم أخوتنا بعض مسلمي الشرق ومنهم حتى أولئك الذين هُجّروا قسراً بسبب الحصارات والتهديدات متعدّدة الأشكال.
وكلّ ذلك على يد ما يسمّى الولايات المتحدة الأميركية، وهي بالحقيقة الولايات المتّحدة الصهيونية، لأن الصهيونية تقود هذه الولايات إلى حتف الآخرين، أو إلى حتفها هي بالذات.
يجوز للإعلام الصهيوني الناطق بمتعدّدة الجنسيات اللغوية، ومنها للأسف بالعربية. ذلك الإعلام المحاط بالقواعد الأميركية والأووربية المتعدّدة، وحتى بالخبراء «الإسرائيليين» ومنهم خبراء أردوغانيون. وليسأل أردوغان نفسه كيف نشأت دولته منذ البدء؟ أليس على حساب الكنيسة الشرقية اليونانية بتواطؤ مع صهاينة الكنيسة الغربية آنذاك؟!
اللافت للانتباه، أنّ جزءاً كبيراً من اليونان، ومنه «منطقة طروادة»، وجزءاً كبيراً من سورية بلاد الشام، ومنه لواء اسكندرون، ضُمّت إلى الدولة التي أحدثها الاستعمار الغربي بِاسم الكنيسة الغربية في آسيا الصغرى، التي جنح بها أردوغان إلى حضن الصهيونية العالمية!
اللافت أيضاً، استحداث ما يسمّى «الدولة الوهابية»، المنافية لجوهر الإسلام الحقيقي، على حساب قداسة الآثار الإسلامية في الحجاز وما إليها، التي فتكوا بها بِاسم إزالة الصنمية وهم في طريقهم إلى تشويه حتى مناسك الحجّ تماماً كما تُخرّب الصهيونية مناسك الحجّ في فلسطين. ويجري القتل بشكل أو بآخر هنا وهناك.
إن الذي يحارب شعب اليمن الكادح مضخّة الأنساب العربية، هو نفسه الذي يحارب بلاد الشام المقاوِمة، محطة انتشار الرسالات السماوية. وهو نفسه الذي أقرّ بإعدام المقاوِمين العرب من قبل جمال باشا السفاح، ومثال على ذلك الشهيد المسيحيّ رفيق رزق الله سلوم، جنباً إلى جنب مع الشهيد المسلم الشيخ عبد الحميد الزهراوي!
وهو نفسه الذي تسبّب في 9/11 بضرب البرجين الخاليين من اليهود، وفي التاريخ نفسه بضرب حجاج المسلمين في البيت الحرام، بأمر من الصهيونية العالمية. وهو نفسه الذي يهجّرنا مسيحيين ومسلمين من آسيا الأمامية. ليخلو الجوّ للمركز الصهيوني العالمي «إسرائيل».
ولكن هيهات هيهات… لقد وعدنا الله الحقّ أن ينصر أهل الحق. وشكراً لكل الكتابات والتنويهات التي قاربت هذه القراءة للمشهد السوري الحالي الذي تطلّب، ويحسب الواقع المرير، مساعدة الأصدقاء الإنسانيين الحقيقيين. وهل للشرق أن يطلب التعاون إلّا من الشرق؟ وكما قال أمير الشعر العربي: كلّنا في الهمّ شرق!
سحر أحمد علي الحارة