المخطّط أميركيّ ـ سعوديّ… والتصدّي سوريّ ـ عراقيّ
نور الدين الجمّال
كشف مصدر سياسي لبناني أن مخططاً أميركياً ـ سعودياً كان يعمل عليه منذ فترة غير قصيرة، يقضي بإنشاء محور سنّي قاعدته محافظة الأنبار في العراق، امتداداً إلى الرقة ودير الزور في سورية، في مواجهة محور المقاومة الذي يضم إيران وسورية والعراق. وما حصل في الموصل هو الخطوة الأولى في هذا الاتجاه بحسب الأوهام التي تركب رؤوس المخططين، مع الإشارة إلى أن المشروع يتبناه من الجانب الأميركي الحزب الجمهوري مع اللوبي الصهيوني وليس إدارة الرئيس أوباما، مع جهة متطرفة داخل الأسرة الحاكمة في السعودية.
يضيف المصدر أن الإدارة الأميركية بدأت تخاف جدياً من هذا المشروع لأن نتائجه الإرهابية ستكون كبيرة على أمن الولايات المتحدة في المنطقة، كما أن المشروع هذا تلقّى ضربة قوية في القصير وفي المنطقة الحدودية الشمالية بين لبنان وسورية وصولاً إلى القلمون، وأوجد مساحة من الخلاف داخل تنظيم «القاعدة»، وصراع دموي كذاك الحاصل على الأرض في دير الزور والرقة وغيرها من المناطق التي فيها وجود مشترك لتنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» وحلفائها. ونتيجة هذا الواقع المستجد داخل «القاعدة» تمّت تقوية تنظيم «داعش» على حساب الظواهري.
يعتبر المصدر نفسه أن المحور الأميركي ـ التركي ـ القطري ـ السعودي يتعاون مع هذه المجموعات الإرهابية لتحقيق مشاريعه وأهدافه من خلالها، وفي حال نجح فإنه يساعد في قيام ما يسمّى بـ«قوى إسلامية معتدلة» يتم تحريكها عند الضرورة وفي الوقت المناسب لمواجهة «داعش» والقوات الحكومية والجيش السوري، وحاولوا أكثر من مرة خوض هذه التجربة، لكنهم فشلوا، والموجود على الأرض عملياً هو ابتلاع «جبهة النصرة» بعض القوى الإسلامية تحت مسميات متعددة، في حين أن «داعش» تبتلع «جبهة النصرة» في أكثر من منطقة وينضم إليها العديد ممّن يسمون بـ«الأمراء».
يشير المصدر إلى أن ما تشهده الأنبار حصل في المرحلة الأولى بعد سقوط القصير والقلمون وإقفال الحدود مع لبنان من جهة عكار، وفي المنطقة الجنوبية من سورية لم يستطعوا فعل شيء بارز ميدانياً. وبعد تلك المعطيات كلها جاءت «تسونامي» الانتخابات في كل من العراق وسورية حيث فشلت بعض القوى السياسية المناوئة لرئيس الوزراء نوري المالكي إقامة تحالف سياسي موازٍ لقوة المالكي، وفي سورية يحقق الجيش العربي السوري المزيد من الانتصارات في حلب وكسب، وتواكب ذلك مصالحات عديدة وإقبال شعبي كبير على الانتخابات الرئاسية كان بمثابة انتفاضة شعبية لمصلحة الرئيس بشار الأسد، وللوقوف في الوقت نفسه في مواجهة الإرهاب وتحديه. وفي العراق تصعِّد المجموعات الإرهابية منذ أكثر من سنة عملياتها من تفجيرات للسيارات المفخخة وعمليات ضد الجيش والشرطة العراقية والتعرض للمساجد والحسينيات بهدف زرع فتنة طائفية، وهذه الأعمال كانت تحصل بدعم وتمويل سعودي وقطري، ورغم ذلك فشلت في إسقاط السيد نوري المالكي. ومن هنا يمكن فهم ما تقوم به السعودية في الفترة الأخيرة، خاصة بعد فوز المالكي في الانتخابات البرلمانية، إذ لجأت إلى تأليف مجموعات مسلحة بالتعاون مع عزة الدوري لتوحيد صفوف الجماعات الإرهابية مثلما فعلوا في سورية بغية فرض واقع ميداني جديد في العراق، وترافق ذلك مع خروق في صفوف قيادات داخل الجيش العراقي بدعم من قوى سياسية داخلية وإقليمية.
يقول المصدر إنه رغم التواطؤ الأميركي في هذا الملف، إلاّ أنه قلق ومتخوف جدياً من انتشار تنظيم «داعش» في العراق. ومقابل ذلك ثمة مزيد من التنسيق السوري ـ العراقي، كما ولن تتردد إيران لحظة في تقديم الدعم والمساندة للعراق في تصديه للإرهاب، وإذا أرادت الجهات التي تدعم ما يحصل في العراق استكمال مشروعها فإن الجيش السوري سيدخل على خط المواجهة بعد أقلّ من شهرين لحسم الأوضاع في دير الزور والرقة، في سياق دعم سورية للعراق في مواجهته الإرهاب مثلما تواجهه هي على أرضها.