«داعش» يخلط الأوراق في ريف حلب الشمالي: العين على مارع وعفرين
عامر نعيم الياس
سيطر تنظيم «داعش» الإرهابي على مدرسة المشاة وقرى إثر هجوم بدأه في ساعة متأخرة من مساء أول من امس الخميس في ريف حلب الشمالي. وجاءت السيطرة على مدرسة المشاة أحد أهم معاقل الكتائب المحسوبة على تنظيم «الإخوان المسلمين» الإرهابي في سورية وتنظيم «جبهة النصرة» و«كتائب نور الدين زنكي» التركمانية في ريف حلب الشمالي، إضافة إلى سجن الأحداث والمنطقة الحرة، بعد اقتحام القرى القريبة منها وهي: فافين، وحليصة، وكفر قارص، وتل سوسين.
الهجوم الذي وصف بالمباغت، وفق الإعلام الناطق باسم الميليشيات المسلحة في سورية، لم يكن كذلك. فتنظيم «داعش» بدأ بشن هجوم في الريف الشمالي الحلبي منذ أكثر من ثلاثة أشهر وعلى محاور عدة. وكان التنظيم سيطر في أيار الماضي على بلدة صوران أعزاز وقرية البل بالريف الشمالي لمدينة حلب، وبلدة صوران تبعد 14 كم عن مدينة أعزاز، وتبعد عن بلدة مارع 10 كم، بينما تقع قرية البل على الطرف الجنوبي لمارع، وبسيطرة «داعش» على قرية البل فإن الطريق من مدينة مارع باتجاه مدرسة المشاة أصبح مغلقاً، وبالتالي فإن الميليشيات في مدرسة المشاة كانت محاصَرة. الإعلام الغربي المواكب لعمليات في حلب تحديداً، وقبيل التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية، دقّ ناقوس الخطر أكثر من مرة في ما يخص الهجوم الذي يشنه عناصر «داعش» على مدينة مارع التي تعد خطّاً أحمر وقاعدة استراتيجية لما تبقى من «معتدلي الغرب» في ريف حلب الشمالي، لكن من دون أي جدوى. فالتحرك الغربي لم يحصل وتركت مارع لتواجه الهجمات «الداعشية»، فكيف اليوم بعد التدخل الروسي الذي أنهى الاستراتيجية الغربية والتركية التي كانت قائمة في سورية طوال السنوات الأربع ونصف السنة المنصرمة؟
تخلط سيطرة «داعش» على مدرسة المشاة في ريف حلب الشمالي وعلى قرى عدة الأوراق في المشهد الحلبي في وجه أنقرة أولاً والغرب ثانياً، فالرهان على «داعش» في المواجهة مع الجيش السوري والقوات الرديفة في مناطق سيطرة الجيش السوري التي باتت اليوم في مواجهة مع «داعش»، حيث تفصل مدرسة المشاة كيلومترات قليلة عن المنطقة الصناعية بحلب، هذه المواجهة سيكون وقودها الفصائل المرتبطة مباشرةً مع الأتراك والغرب، خصوصاً «الإخوان» و«النصرة» والكتائب التركمانية. وبالتالي لا يُعقل أن يقدّم الغرب و«العدالة والتنمية» رأس فصائله إلى «داعش» من أجل أن تفتح المواجهة مع الجيش السوري، وثانياً إن فتح معركة حلب بشكل تلقائي عبر الدخول القوي لـ«داعش» على خط المواجهة سيؤدي إلى التهاء الفصائل المختلفة ببعضها، واندلاع قتال شرس يستنفر كافة القوى المعادية للجيش السوري في هذه المنطقة تحديداً، وهو ما يصبّ في مصلحة استنزافها وإنهاكها في المواجهة مع «داعش» الذي يضع مارع نصب عينيه لقطع طرق الإمداد الواصلة بين تركيا ومدينة حلب وحصار الميليشيات المسلّحة داخل المدينة. أما ثالثاً وهو الأهم فإن تقدم «داعش» في هذه المنطقة سيؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى وضع ما يُسمى بوحدات حماية الشعب الكردي أمام استحقاق مواجهة مع التنظيم على حدود عفرين والتي تبعد عن مارع حوالى عشرين كيلومتراً وهي أحد الأقاليم المرجوة في الحكم الكردي الذاتي، وربما يعمد التنظيم إلى الانتقام من عين العرب بفتح معركة عفرين.
الورطة التركية الغربية واضحة، وتنظيم «داعش» خلط الأوراق في ريف حلب، فهل يلجأ الغرب وأنقرة إلى التدخل لحماية مارع وعفرين، قبل أن تُفرض معركة عفرين؟ أم تترك المزيد من الأراضي لـ«داعش» في الوقت الذي تتلاشى فيه الفصائل الأخرى لتبقى المواجهة بين القوى الفاعلة على الأرض أي بين الجيش السوري والقوات الرديفة من جهة وتنظيم «داعش» من جهة أخرى؟
كاتب ومترجم سوري