الحراك المدني أمام الداخلية والمحكمة العسكرية وإطلاق الموقوفين باء بالفشل

بعد ساحتي الشهداء والنجمة مساء أول أمس حطّت حملات الحراك المدني أمام وزارة الداخلية مساء امس، حيث أقفل شباب من الحراك المدني الطريق أمام الوزارة للمطالبة بإطلاق سراح المتظاهرين الذين تمّ اعتقالهم في تظاهرات يوم الخميس، ثم قرّروا فتح الطريق لاحقاً.

وسبق ذلك اعتصام نفّذه الناشطون صباحاً أمام المحكمة العسكرية في المتحف للمطالبة بالإفراج عن الموقوفين الذين تمّ اعتقالهم خلال التظاهرة في وسط بيروت، وعدم تحويلهم إلى المحكمة العسكرية التي شهدت إجراءات أمنية مكثفة حولها، حيث انتشرت في محيطها عناصر من مكافحة الشغب والجيش اللبناني. وللغاية نفسها اعتصم أهالي الموقوفين على اوتوستراد الدامور، حيث أقفلوا الطريق لبعض الوقت ومن ثم أعادوا فتحها. من جهة أخرى، تابع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر التحقيقات الأولية مع الموقوفين، حيث أطلق سراح أربع فتيات وقاصر، مَن تبين أن لا جرم عليه، على أن تتخذ القرارات تباعاً بعد انتهاء الإفادات.

والتقى وفد من محامي الحراك القاضي صقر، للاعتراض على التوقيفات. وأكد المحامي واصف الحركة أنه «لا يمكن محاكمة المدنيين أمام المحكمة العسكرية لأنها من اختصاص القضاء العدلي ولا يمكن التعاطي مع الموقوفين بطريقة بوليسية، بحيث لم نعرف أسماء أمكنة التوقيف وطلبنا تزويدنا بها وبتطبيق الأصول القانونية التي تسمح للموقوف أن يتصل بعائلته وإطلاق جميع الموقوفين، لأنهم موقوفو رأي وحق التظاهر محفوظ بالدستور». وأشار الحركة إلى أن القاضي صقر أكد لهم أنه «لا يمكن تسليم قائمة أسماء وتحديد أمكنة التوقيف ولا يمكن ترك الموقوفين وأن هناك إجراءات قانونية ستتخذ وبناء عليه يأخذ القرار بكل حالة على حدة». وأضاف: أن لجنة المحامين ستتابع الإجراءات القانونية على مَن اعتدى على المتظاهرين وسنحتفظ بالشق القانوني بسرية الملف، أما ما تعرّض له المتظاهرون من اعتداء سيُلاحق أمام القضاء المختص، ولن نترك أياً من المعتدين على المتظاهرين دون محاسبته قانونياً». وختم: سنترك للحراك الشعبي تحديد الخطوات الواجب اتخاذها في موضوع الضغط لإطلاق الموقوفين شعبياً وفي الشارع، ونحن لا نريد الادعاء على عسكريين أمام المحكمة العسكرية لأننا لا نثق بها. ونحن موجودون لخدمة الحراك ونصرته ومنع الاعتداء عليه. وبعد زيارة المحامين، أعطى القاضي صقر تعليماته إلى القوى الأمنية بالسماح للموقوفين الاتصال بذويهم وطمأنتهم عن حالهم.

وأحصت لجنة المحامين في الحراك الشعبي أكثر من 70 موقوفاً توزّعوا على أكثر من مخفر وفصيلة تابعة للقوى الأمنية لا سيما ثكنة الحلو وفصيلة الجديدة، حيث هناك أكثر من 27 موقوفاً في كل منهما، وقد أفرج عن 4 فتيات اعتقلن أمس هنّ: سينتيا سليمان وفاطمة حطيط ومايا ملكاني وليال سبلاني، اللواتي التحقن بالمعتصمين أمام المحكمة العسكرية وانتقدن، طريقة توقيفهن، وقلن «إنهن تعرضن لتهديدات في فترة توقيفهن في مخفر البرج، وإن القوى المسؤولة عن المخفر وضعتهن في غرفة صغيرة جداً، حيث كانت تتواجد عاملة أجنبية حاولت التحرّش بزميلتها». واعتبرت الناشطة نعمت بدر الدين «أن الناشطين طالبوا بعدم توقيف المتظاهرين الذين يمارسون حقهم، إضافة إلى عدم مراعاة قواعد قانونية تفرض اتصال الموقوف بمحامٍ وإخبار أهله عن مكان وجوده، وهذا ما لم يحصل حتى الآن». ولفتت إلى «أن القوى الأمنية عمدت إلى سحب بعض المصابين من المستشفيات»، مشيرة إلى «أن الحراك لا يهدف إلى التصادم وفتح معركة مع القوى الأمنية»، محملة الوزير نهاد المشنوق «مسؤولية سلوك القوى الأمنية، فهي رشّت أكثر من مئتي طن من المياه على المتظاهرين في الأمس».

وكان وسط بيروت استفاق أمس على مشهد الخراب الهائل الذي خلفته الاشتباكات التي حصلت مساء اول امس بين متظاهري الحراك المدني والقوى الأمنية، وما رافق ذلك من رشق المتظاهرين للقوى الأمنية وعناصر مكافحة الشغب بالحجارة، مقابل تفريق القوى الأمنية لهؤلاء برشهم بخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع. ومع تقدم ساعات النهار أمس، باشرت القوى الأمنية ورشة لإزالة العوائق الحديدية والأسلاك الشائكة والمكعبات الإسمنتية من وسط بيروت، قبل أن تبدأ بإزالة الحجارة التي رماها المتظاهرون، مستعينة بجرافات. في الموازاة، تولى عمال «سوكلين» تنظيف المكان ورفع الزجاج عن الأرض. ومع انتهاء هذه الورشة، أعيد فتح الطريق امام السيارات، وعادت الحركة الى طبيعتها. وقام وزير الداخلية نهاد المشنوق والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، بزيارة تفقدية لمكان التظاهرة وللأضرار. كذلك تفقد أصحاب المحال المحيطة ممتلكاتهم. وتبين أن فندق «لو غراي» نال النصيب الأكبر من الأضرار، وأعرب بعضهم عن أسفه للخسائر الكبيرة التي تلحق بالاقتصاد جراء الاشتباكات التي تدور في قلب العاصمة، داعين الحراك الشعبي إلى إبقاء نشاطاته سلمية. وفي المواقف، أكد النائب عاطف مجدلاني «ان ما حصل امس يسيء للحراك المدني والحركة المطلبية». وقال: «الساحات لكل الناس، ولكن هناك مشاغبون وكان ذلك واضحاً أول أمس، فإذا وصلوا الى ساحة النجمة هل سيكتفون بالوقوف أم سيحاولون تكسير باب المجلس النيابي ويحتلونه. وعندها ماذا يحصل؟ القوى الأمنية تحملت العبء واستوعبت كل أعمال العنف، بعض المسؤولين عن الحراك غير قادرين على ضبط عناصر الحراك أو التخلص من المشاغبين المتزايدين من حراك إلى آخر. وإذ أشار إلى «أن أحد المسؤولين كان يوجّه مطلباً بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد وبحث بند النفايات، وهذا مطلب واقعي ومحق وضروري ونحن طالبنا به»، لفت إلى «أن الحراك المدني قدم خطة للنفايات قد تكون خطة مستدامة، لكن في المرحلة الانتقالية لا يوجد الا خطة الوزير أكرم شهيب التي يمكن أن تسير».

وأكد اتحاد جمعيات العائلات البيروتية بعد لقائه وزير الداخلية «رفضه تحويل الوسط التجاري إلى ساحة للعبث بأمن بيروت ولبنان وباقتصادهما، ودان بشدة أعمال الشغب التي تُنسب دائماً إلى مندسين مجهولين. وشدّد «الاتحاد» على «أن المشنوق مستمر في الوزارة بتأييد منهم وبدعمهم».

في المقابل، اعتبر الأمين العام لـ«التيار الاسعدي» معن الأسعد في تصريح «أن انفلات الشارع من دون إقدام السلطة السياسية على اتخاذ أي قرار جدّي ومسؤول لتلبية مطالب الناس الحياتية، يؤكد استمرار هذه السلطة بسياسة الفساد والرشى والسمسرات والصفقات المشبوهة». ورأى «أن اختراق المتظاهرين من مجموعات من خارج الحراك المدني السلمي ورفع منسوب العنف وسماح القوى الأمنية لتحويل وسط بيروت الى خطوط تماس، تؤكد أن قراراً دولياً قد اتخذ لتدويل الأزمة في لبنان».

وكشف الأسعد عن «وجود فريق سياسي ينفذ أجندة أجنبية ويسوق لها تهدف الى عزل تحالف ميشال عون وحزب الله، ودعوة رئيس الحكومة تمام سلام كما أشيع ليل اول امس الى اجتماع لمجلس الوزراء سيستثنى منه وزراء التيار الوطني الحر وحتماً سينضم إليهم وزراء حزب الله، ما ينذر بفرط الحكومة والعودة إلى المحاور وهذا ما سيؤدي الى مزيد من الصراعات، محذراً من اللعب بالنار وإغراق لبنان بسياسة المحاور لأن تداعياتها ستكون كارثية على الجميع».

ودعا قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني ببيان الى «أوسع التفاف شعبي دعماً للحراك الشعبي»، مطالباً بمحاسبة المعتدين على المتظاهرين واطلاق سراح المعتقلين كافة». ورأى «أن إقدام القوى الأمنية بقرار سياسي على استخدام العنف والقمع الوحشي بحق المتظاهرين، وبحق حرية التعبير، هو دليل إفلاس يُضاف إلى سجلها في إفلاس البلد وفراغ المؤسسات، واعتماد سياسة الهدر والفساد والمحاصصات التي باتت سمة هذا الطاقم السياسي الذي لم يعد يملك وسيلة لتغطية عجزه سوى اللجوء إلى القمع وكم الأفواه التي تطالب ببيئة نظيفة ومحاربة الفساد وبالحق بتوفير مقومات الحياة بكرامة نحو التغيير». وطالب «وزير الداخلية بفتح تحقيق فوري وجدي بهذه الاعتداءات، واتخاذ الإجراءات المناسبة لمحاسبة المعتدين، والى تحمل مسؤوليته وتقديم استقالته».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى