عون: لا نريد رئيساً للجمهورية «كيف ما كان» وأبواب الجحيم لن تقوى على كسر إرادتنا… وسيندمون
رأى رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون أن هناك مرحلة جديدة من النضال بدأت وستكون نتيجتها التغيير ثم الإصلاح، لذلك «نضالنا اليوم لنحصل على قانون انتخابات يقوم على النسبية» وقال: «من الطبيعي أيضاً أن نعمل لانتخاب رئيس للجمهورية لا يكون «كيف ما كان»، كما يريده البعض أن يكون، «بيسمع الكلمة» و«يحني راسه ويمشي»، مؤكداً أن «أبواب الجحيم لن تقوى على كسر إرادتنا».
أحيت جماهير التيار الوطني الحر ذكرى 13 تشرين 1990 بحشود كبيرة أمام قصر بعبدا، ولبّى أبناء التيار الدعوات منذ الصباح الباكر ومن أكثر من منطقة منطلقين نحو القصر حيث استقبلهم منسق التيار الدكتور بيار رفول الذي القى كلمة اعتبر فيها أن «العماد عون هو قضية وطن وقضية شعب»، مشدداً على أنه «يمثل خشبة الخلاص التي قد تنقذ لبنان واللبنانيين من الفساد المستشري في العقول المحتلة لبعض الحكام».
بعدها توجه رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل إلى المنصة حيث وضع أكاليل زهر على أضرحة الذين قضوا في ذلك اليوم، ليُنشد بعد ذلك النشيد الوطني. ثم وقف الجميع دقيقة صمت ثم تشاركوا الصلاة ورفع الآذان مع التراتيل الدينية.
عون
وبعد استعراض ما جرى قبل 25 عاماً ممن عايش تلك الفترة، اعتلى العماد عون المنصة وألقى كلمة استذكر فيها تلك الحقبة الصعبة التي واجهته.
وقال: «اليوم ليس كالأمس، والغد لن يكون مثل اليوم، هناك مرحلة جديدة من النضال بدأت وستكون نتيجتها التغيير ثم الإصلاح، التغيير سيأتي على أيديكم أنتم، من خلال الانتخابات وإسقاط عناصر الفساد، وبعدها يأتي دورنا نحن بفرض الإصلاح. التغيير سيكون من خلال انتخابات حقيقية تمثل فعلاً إرادة الشعب اللبناني، ومن هنا نضالنا اليوم لنحصل على قانون انتخابات يقوم على النسبية، يحقق العدالة لكل اللبنانيين ويسمح للجميع أن يتمثلوا في شكل صحيح، ويعكس صورة لبنان السياسية بأحجامها الطبيعية».
مواصفات الرئيس
وأضاف: «ومن الطبيعي أيضاً أن نعمل لانتخاب رئيس للجمهورية لا يكون «كيف ما كان»، كما يريده البعض أن يكون، «بيسمع الكلمة» ويحني رأسه ويمشي. نريده على صورتكم ومثالكم، يرفض الظلم ويناصر الحق، ليس كالحيادي الذي يخبئ رأسه، ولا يجرؤ لا على الشهادة للحق ولا على مواجهة الظلم أو وفاقياً، بالمعنى الذي يقصدونه، أي أن يقسّم لبنان مناطق نفوذ ليرضي الجميع، ويشاركهم المغانم، أو في أحسن الأحوال وإذا كان «آدمياً» يتفرج عليهم وهم يمتصون دم لبنان واللبنانيين، مثل الحالة التي نحن فيها اليوم».
وأشار إلى أن «هناك مجموعة تعتمد السياسة الكيدية، تعرقل المشاريع التنموية، كالكهرباء والمياه والنفط، يوزعون العتمة عليكم بدل أن يوزعوا النور، ويبتزون أموالكم بمولدات كهرباء، يتقاسمون أرباحها مع النافذين الذين يعطونهم التراخيص ويحمونهم، في الوقت الذي تتعرقل فيه مشاريع الكهرباء وتتوقف من دون سبب ومن دون رادع، لأن العصابة لا تزال الأقوى، وهي التي سنحاربها. ولبنان الذي يحتوي أكبر كمية مياه في المنطقة، حتى أنهم يسمونه خزان الشرق الأوسط، يعرقلون فيه إنجاز السدود باختلاق كل الأعذار، كي يدفعونكم ثلاث فواتير، واحدة لمؤسسة مياه الدولة، وأخرى لصهريج المياه، وثالثة لمياه الشرب. ومياهنا «رايحة عالبحر».
أضاف: «هناك الكثير من الأمور المهمة بعد التي يمكننا أن نتحدث عنها، مثل هدر أموال الدولة والسرقات والفساد والديون، أو النفايات التي صارت مشكلة مستعصية الحل … . وعن إدارة مؤسسات الدولة التي صارت مؤسسات خاصة يستثمرها المسؤولون عنها كأنها شركاتهم التي تؤمن مصالحهم فقط … ، وإذا اتهمونا اليوم أننا نعطل مؤسسات، فلهم نقول: صحيح، نحن نعطل، ولكننا نعطل فقط قراراتكم السيئة وانحراف المؤسسات التي لم تعد تنتج برعايتكم إلا الفساد واستغلال النفوذ وتجاوز النصوص الدستورية والقانونية وتخطي الميثاق الوطني، أي تلك التي تهدم كل ركائز الدولة». وأكد «أننا لن نساهم في هذا الشيء، بل على العكس سنقاومه، سلباً بالتعطيل، وإيجاباً بمحاولات التغيير بصورة مستمرة. وانتم ستكونون أكبر المساهمين لأنها مرحلة نضال ولن تنتصر إلا بسواعدكم».
ولفت إلى أن «أكثر مؤسسة وطنية أصابها التعطيل والضرر هي مؤسسة الجيش، بسبب التلاعب بقوانينها من دون مسوّغ قانوني ومن دون حاجة، مما أثّر سلباً على معنويات الضباط، لأن الخلل لم يلحق فقط بالمركز الماروني لقيادة الجيش، ولكنه لحق كل الطوائف، لأن ثلاث دورات متتالية خسرت حظوظها في مراكز هي من حقها، بعدما انتقلت عدوى التمديد من الحكومة ومجلس النواب لتطال المؤسسات الأمنية والعسكرية في مراكزها العليا. وهكذا صار على رأس الجيش وقوى الأمن قيادات فقدت شرعيتها، والأمر نفسه حصل مع المجلس العسكري».
وتابع: «وبعدما استولى الوزير على صلاحية الحكومة وصار يمارس منفرداً أخذ القرارات مكانها، صرنا نخاف أن يصيب التمديد كل الحكومة، ويصير لكل وزير نمطه الخاص، فيمدد على مزاجه، ويعمل ما يحلو له. وهذا ليست مزحة، هذا موضوع خطير جداً لأنه يفككك الدولة. صار كل شي عندنا «عياري»، حتى حكومتنا «عياري»، إذ كان يجب أن ترحل منذ زمن لو انتخبنا رئيساً للجمهورية. ولكنها، لا تزال موجودة إلى اليوم وممدّد لها. والأمر نفسه ينسحب على مجلس النواب الممدد له منذ وقت طويل. وهذا الكلام ليس بجديد، قلته من ثمانية أشهر، وطلبت من الحكومة أن تصحح هذه التجاوزات المرتكبة وإلا فإنها تتحمّل وحدها المسؤولية. ولكن ما غاب عني في حينه أن القاصر لا يمكن أن يتحمل مسؤولية».
سيدفعون ثمن التلاعب بالقوانين
وطمأن عون إلى «أن هذا التلاعب بالقوانين لن يمر مرور الكرام وسيدفعون ثمنه، والتلاعب بالاستحقاقات سيضعهم في موقع الاتهام، ويفضح عمالتهم للخارج وارتهانهم لقراراته على حساب استقلال الوطن وسيادته، خصوصاً أولئك الذين يقاتلون بسيف غيرهم، ونطمئنهم إلى أن هذا السيف قرب أن ينكسر». وتطرق عون إلى الأحداث في عدد من الدول العربية قائلاً: «مع أحداث الربيع العربي التي اختلط معها «الحابل بالنابل» بتشجيع دول الغرب كلها، تكلمنا كثيراً ولم يفهموا علينا أن هذه الحرب إذا لم تتوقف وإذا لم يخسر الإرهاب معركته في سورية، فإنها ستصل إليهم، ولن يكسبوا إلا تدمير العالم العربي، وبعده اجتياح بلادهم بالإرهابيين وباللاجئين. والحمدلله أنهم بعد خمس سنوات فهموا جزئياً أن الإرهاب هو نفسه، ولكن بأسماء مختلفة، وأيضاً الحمدلله «إجا مين يعرفك يا خروب تيعصرك». ومثل ما قال قداسة البابا «إنها ليست حرب أديان بل حرب بين الخير والشر». وللأسف بعض اللبنانيين، وإن كانوا قلة، لا يزالون يدعمون الشر كما سبق ودعموا منذ بضع سنوات «إسرائيل» في حربها على لبنان، بالموقف وبالمعلومات».
واعتبر «أن المفاصل المهمة في حياة الوطن تغربل القيادات والمسؤولين بحسب الخيارات التي يأخذونها».
خيارنا في تموز حمى لبنان
وقال: «في حرب تموز كان خيارنا أن: سنوات حرب مع الخارج ولا ساعات حرب في الداخل»، وخيارنا هذا حمى لبنان، في الوقت الذي كان خيار غيرنا ما غيرن فتنة في الداخل، وكانت أيضاً لتضيع البلد لولا وعيكم ووعي المقاومة. في حروب الربيع العربي نبّهنا كثيراً إلى أن ما من فوضى خلاّقة، وأن الفوضى التي يبشروننا بها ستدمر المنطقة، واخترنا أن نكون ضد الإرهاب القادم إلينا بالسيف، أما خيار غيرنا هم أنفسهم فكان تجميل صور الذبح ودعم الوحش الآتي، وكانوا يشرعون أبواب البلد أمام الفوضى الموعودة». وأردف: «الأيام أثبتت أن خياراتنا في كل مرة تنقذ الوطن، وربما لهذا السبب تشن علينا هذه الحرب الشرسة، ومن كل الجهات، وكما سبق وقلنا عنها «الحرب الكونية عالعونية». ولكن يبدو أنهم لا يعرفون بعد قوة «العونية» ولا إيمان «العونية» ولا صلابة «العونية» ولا عزيمة «العونية»».
وتابع: «العهد اللي قطعناه بيننا وبين الشهداء ببناء الوطن، لن نستكين إلا بإيفائه. هذا الوطن الذي أعطوه حياتهم، هو أمانة بين أيدينا، سنحافظ عليه برموش عيوننا، سننظفه من كل الوسخ حتى يرجع نظيفاً صافياً كدمعة أم الشهيد. وأقول للذين لم يندموا بعد، و«مبسوطين» بالجلوس على كراسي الحكم، إن ساعة الندم قد أتت، ولات ساعة مندم. ولا يراهنّن أحد لا على الوقت ولا على التعب ولا على الملل. نحن شعب لا يتعب، نحن شعب لا ييأس، نحن أبناء الرجاء، وأبواب الجحيم لن تقوى على كسر إرادتنا».
وختم عون: «إلى اللقاء أيها الأحباء في ساحات النضال من أجل لبنان أفضل. عشتم، عاش التيار الوطني الحر وعاش لبنان».
وفي الختام وقف الجميع دقيقة صمت حداداً على النائب والوزير السابق الراحل الياس سكاف. ثم غادرت الحشود مكان الاحتفال فيما بقيت فرقة لوجستية لتنظيفه.
وكان العماد عون قال عبر» تويتر»: «ناديتكم فلبّيتم النداء، أنتم أصحاب القرار ولا يعود لغيركم أن يمثلكم بعد اليوم».
من جهته، أعلن الوزير باسيل «أن مجلس الوزراء حيث يكون الشعب اللبناني أي على طريق بعبدا».