المؤتمر القومي العربي ـ إيران دولة عظمى ـ ربّ ضارة نافعة
ناصر قنديل
– ينعقد غداً المؤتمر القومي العربي في بيروت في دورته الخامسة والعشرين، محتفلاً باليوبيل الفضي لدوراته التي شكلت خلال سنوات وجوده علامة حضور فكري ثقافي سياسي للفكرة القومية وسط اندلاع العصبيات الكيانية والطائفية والمذهبية، تمكن المؤتمر من الإبقاء على حضور قضيتي الوحدة والمواجهة مع مشروع الهيمنة الأجنبية والعدوان الصهيوني في أولوياته الدائمة، ونجح المؤتمر في إدارة تنوّع مكوّناته على اختلافها بلغة الحوار والتوافق على المشتركات الجامعة، وعلى رغم التبدلات والمتغيّرات العاصفة التي عرفها العالم العربي، نجح المؤتمر في إبقاء الالتفاف حول المقاومة بصفتها أنبل ظاهرة أنجبها العرب في التاريخ المعاصر، كما نجح في عبور المطبات الخلافية والانقسامية التي تعصف بتركيبة إطار واسع فضفاض مثله تحت تأثير محاور الأنظمة العربية، فلم يقف مع أيّ منها إلا وهو تحت منظار التصويب الأميركي، مميّزاً بين دعواته المستديمة إلى أوسع مساحات المشاركة الشعبية والسياسية في صناعة القرار وبين الوقوف الحازم ضدّ كلّ أشكال التهديد والعدوان والتدخل الأجنبي، وتنعقد الدورة الحالية بينما الربيع العربي يعيش أشدّ أزماته الوجودية، خصوصاً بعد التطورات المصرية والليبية واليمنية والتونسية والسورية ومؤخراً العراقية، بحيث صار الاستقرار كما إعادة الاعتبار لفكرة الدولة الوطنية ومواجهة خطر التكفير والإرهاب أولويات تتقدم على قضايا جليلة بوزن التغيير والإصلاح أمام مخاطر التقسيم والتفتيت والفوضى، ويبدو التطلع نحو دور محوري لمصر في رعاية الحوار والمصالحات خصوصاً من المهام التي تنتظر المؤتمر، كما يبدو الإنجاز الانتخابي لسورية انتفاضة شعبية لحساب فكرة الدولة الوطنية تشبه ثورة 30 حزيران في مصر، ويبدو الوضع في العراق أشدّ ما يحتاج إلى خطاب جامع قادر على تحصين العراق في وجه التدخلات السعودية التركية من جهة ومخاطر العبث الطائفي أو غرور القوة والكثرة من جهة أخرى، و«البناء» التي تشارك المؤتمر اليوبيل الفضي في الدورة الخامسة والعشرين، تفتح صفحاتها لرموز المؤتمر وقادته، وتأمل أن تحقق أحد أهداف نهضتها بأن تكون منبراً لكلّ المؤمنين بخيارات الوحدة والاستقلال والمقاومة، وتتطلع نحو منبرها المتميّز نافذة بمفاتيح متعددة، القائم على فكرة مقالة بتواقيع متعدّدة ليكون مساحة حوار يتشارك فيه أعضاء المؤتمر مناقشة قضايانا القومية، والتداول بهمومها واهتماماتها وهي تخصّص لهذه النافذة نصف صفحتها الأخيرة.
– تدخل إيران رسمياً نادي الكبار كدولة عظمى مع الإعلان عن صياغة الاتفاق النهائي بينها وبين الدول الغربية وعلى رأسها أميركا، والاتفاق يطوي ثلاثة عقود من المواجهة والتهديد والحصار، لكنه يقدم إيران كنموذج لدولة قوية قادرة نجحت بإمكانات أقلّ بكثير من المتاح لجيرانها العرب أن تخوض غمار التحدي وتفوز بالإرادة وحدها لتفضح حقيقة التبعية ووهم الاستتباع، فوسط التعددية السياسية والإعلامية وخيار الاستقلال ودعم المقاومة والتقدم التكنولوجي والبحوث العلمية والازدهار العمراني والمشاريع البيئية والتعليمية التي تثبت إيران بمكانة مميّزة بين دول العالم، يغرق أغنياء العرب على الضفة المقابلة من الخليج لإيران في الظلامية والحكم العائلي الديكتاتوري والجهل والتخلف وتبديد الثروات والتبعية.
– التطورات التي شهدها العراق لجهة تلاقي قياداته السياسية والدينية على اختلافها لتأكيد الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية والمذهبية ودعم الجيش العراقي في مواجهة الإرهاب، تسمح بالقول ربّ ضارة نافعة، فخطر الفتنة وخطر التقسيم ربما كانا ضرورة لصحوة تدفع العراقيين نحو التلاقي فوق العصبيات التي تمزقهم وتفرض منطقاً مختلفاً بمواجهة كيفية بناء العراق الجديد على قاعدة التشاركية والتعدّدية.
– أربعة مواضيع أضعها في تداول الراغبين بالمشاركة في مقالة بتواقيع متعدّدة التي تطلّ وتتفرد بها «البناء» تحت عنوان «نافذة بمفاتيح متعددة»، وأترك للراغبين بالمساهمة مع شركاء يختارونهم أو الراغبين بالمشاركة معي بمراسلتي على بريدي المنشور في نهاية المقالة، الموضوع الأول هو مكانة المقاومة ودورها في التوازنات الإقليمية في ذكرى حرب تموز، والثاني هو مستقبل العراق بين عناصر الضعف في الأداء الداخلي لحكومة المالكي ومصادر القوة في موقفها الإقليمي، والثالث هو تصوّر افتراضي لنظام إقليمي جديد واستطراداً نظام عالمي جديد تأسيساً على قراءة واقع الأمم المتحدة والجامعة العربية، والموضوع الرابع هو لبنان الفراغ الرئاسي وسقوط النظام الحالي والبدائل بين الإمكانية والواقع. nasserkandil gmail.com