ملامح الردّ الأميركي على روسيا في الحرب على الإرهاب
حميدي العبدالله
يتساءل كثيرون عن ماهية الردّ الأميركي على إسهام روسيا في الحرب على الإرهاب إلى جانب الجيش السوري، بل ثمّة مَن يعتقد أنّ الولايات المتحدة أو شركاءها الغربيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذا التحوّل غير المسبوق في العلاقات الدولية في منطقة الشرق الأوسط، ذلك أنّ هذه هي المرة الأولى التي يسهم فيها الجيش الروسي في حرب في هذه المنطقة، وزادت هذه التساؤلات بعد كشف النقاب عن اختراق طائرات حربية روسية أكثر من مرة الأجواء التركية والتحذيرات التي صدرت عن قيادة حلف الناتو.
واضح أنّ من يعتقد أنّ الولايات المتحدة وحلف الناتو بصدد التصدّي العسكري المباشر لروسيا فهو مخطئ لأسباب عديدة أبرزها: أولاً، كلفة أيّ مواجهة وخطرها الذي قد يتحوّل إلى حرب عالمية ثالثة ليس هناك أيّ شعب مستعدّ للموافقة على قرار إشعال فتيلها، حتى وإنْ كان هناك بعض المغامرين الذين قد لا يخشون عواقب مثل هذا الخيار. ثانياً أنّ روسيا دولة رأسمالية وهي تختلف عن الاتحاد السوفياتي الشيوعي الذي كان يهدّد جميع الأنظمة الرأسمالية في الغرب. اليوم روسيا لديها مصالح مع الدول الغربية ومع دول المنطقة، ولهذه المصالح تأثير على سقف التوقعات بشأن الانزلاق إلى حرب شاملة. وثالثاً، الولايات المتحدة شنّت أكثر من حرب، منها ضدّ الإرهاب مثل التحالف الحالي ضدّ «داعش»، ومنها ضدّ دول مستقلة مثل العراق وأفغانستان، وبالتالي سجلت سابقة تضعها في موقع لا يتيح لها الاحتجاج على أيّ عمل مماثل.
إذا كانت المواجهة المباشرة والشاملة متعذّرة، بل مستحيلة، فهذا لا يعني أنه ليس لدى الولايات المتحدة أساليب أخرى للمواجهة، من بينها شيطنة التدخل الروسي، عبر الزعم بأنه يستهدف المدنيين والمعارضة المعتدلة ولا يستهدف تنظيم «داعش»، وهذا ما ركزت عليه تصريحات المسؤولين الأميركيين، الأمر الذي استدعى رداً من القيادة الروسية ومن الخارجية الروسية، يفنّد هذه المزاعم ويؤكد أنّ الطيران الروسي لا يستهدف المدنيين ولا المعارضة المعتدلة، إذا وجدت، ولكنه أيضاً لا يحصر ضرباته، كما تطالب صراحة الحكومات الغربية، بـ«داعش»، بل يستهدف جميع المنظمات المصنّفة إرهابية من قبل مجلس الأمن والحكومات الغربية، كما أنه يدعم الجيش السوري في حربه على الإرهاب.
والأرجح أنّ ردّ الولايات المتحدة لن يقتصر على شيطنة الإسهام الروسي في الحرب على الإرهاب بل إنه قد يتعدّى ذلك إلى تسهيل تدفق الإرهابيّين إلى سورية، ومدّهم بالسلاح، في محاولة لإفشال ومنع روسيا من تحقيق نجاحات في حربها على الإرهاب تشكل إدانة للفشل والعجز الغربي في حملته على «داعش» وتأكيد تحذيرات المسؤولين الأميركيين من فشل التدخل الروسي في سورية. أكثر من ذلك لا يوجد ردّ أميركي لأنّ من شأن تجاوز هذا السقف أن يقود إلى عواقب وخيمة على الجميع.