سكرية: المعركة محسومة لصالح سورية والعراق جزء من محور مواجهة الإرهاب
حاورته: روزانا رمّال
أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة العميد الوليد سكرية «أنّ إسقاط سورية سيؤدي إلى خروج أسطول روسيا من البحر المتوسط وخروجها من الشرق الأوسط وسواحل أوروبا الغربية، وبذلك تفقد إطلالتها على أفريقيا، وبالتالي تأثيرها على الساحة الدولية».
وأشار سكرية إلى «أنّ من مصلحة الدولة الروسية مدّ نفوذ الدولة السورية إلى شرق سورية، ليس لبقاء الأسطول الروسي في المتوسط فحسب، بل لقطع الطريق أمام إمدادات الغاز القطري إلى أوروبا، عبر السعودية والأردن وتركيا».
وشدّد سكرية خلال حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز» على أنّ هدف أميركا «هو إسقاط سورية لإخراجها من محور المقاومة وفكّ علاقتها مع إيران وعقد سلام منفرد مع إسرائيل وإخراج روسيا من المتوسط».
وأوضح سكرية «أنّ التدخل الروسي جاء ليقلب الطاولة على أميركا وحلفائها ويضع المنطقة أمام واقع جديد»، معتبراً «أنّ سيطرة الجيش السوري على شمال غرب سورية سينتزع كلّ الأوراق من أميركا وتركيا».
ورأى سكرية أنّ «قوة وسيطرة الدولة السورية كرست واقعاً لا يمكن أن يتغير»، مستبعداً «أي حلول سياسية خارج المعادلات الميدانية بل إنّ هذه الحلول ستأتي على ضوء المعادلات الميدانية».
وقلل من أهمية التحرك الفلسطيني في القدس والضفة الغربية، متهماً السلطة الفلسطينية بأنها «باعت القضية الفلسطينية لأميركا كلياً»، كما اتهم حركة حماس بأنها «خرجت من المقاومة والمواجهة واختارت محور الإخوان على حساب تحرير فلسطين»، داعياً إياها إلى «تغيير سياساتها ومحاسبة قيادتها التي ارتكبت هذه الخطيئة».
محلياً، رأى سكرية «أنّ لبنان أمام أزمة الجميع عاجز عن حلها، وبالتالي هو في حاجة إلى تدخل دولي غير متوفر حالياً بسبب انشغال العالم بالأزمتين السورية والعراقية».
وحذر «من وجود قرار دولي بإبقاء الإرهاب في عرسال للاستفادة منه بقتال النظام في سورية»، متوقعاً أن يأتي الحل في لبنان «بعد الحلول في كلّ من العراق وسورية والمنطقة».
وفي ما يلي نصّ الحوار كاملاً:
كيف تقيّم التدخل الروسي العسكري في سورية؟ وهل ترى في سماح الولايات المتحدة بموطئ قدم لجيش أجنبي آخر في المنطقة تقاسماً للنفوذ بين روسيا وأميركا؟
ـ لفهم ما يجري في المنطقة، لا بدّ من فهم طبيعة القوى المتصارعة وأهدافها، ولا سيما أميركا التي دعت إلى شرق أوسط جديد في حرب الكويت مبني على السلام بين العرب و«إسرائيل» على أن يتم ذلك برعايتها لا برعاية قوة دولية أخرى. يجب أن نعرف أسباب التدخل الروسي وأهدافه وعلاقة الصين في المنطقة وهي التي أرسلت حاملة طائرات إلى البحر المتوسط واستعملت «فيتو» في مجلس الأمن ضدّ التدخل العسكري الخارجي في سورية. يجب معرفة حجم القدرات العسكرية الموجودة ميدانياً، علينا فهم المشهد العام. واشنطن تعثرت في العراق نتيجة رفض ومقاومة سورية للمشروع الأميركي، فكان القرار 1559 واغتيال الرئيس رفيق الحريري لاتهام سورية بالاغتيال وإشعال انتفاضة في لبنان لإخراجها منه. عندما فشلوا في نزع سلاح المقاومة أوعزوا إلى «اسرائيل» لشنّ عدوانها عام 2006 ضدّ لبنان بهدف القضاء على المقاومة في لبنان وفلسطين، لكنّ «إسرائيل» فشلت في هذه المهمّة وغير انتصار تموز المعادلات ونقل المنطقة من مسار إلى مسار. هذا ما عبر أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في أحد خطاباته، حين قال: «انتقلنا من عصر الهزائم إلى عصر الانتصارات». أميركا انسحبت من العراق بعد أن أدركت عجزها عن اجتياح سورية أو إيران برياً، بسبب ما واجهته «اسرائيل» في لبنان، وهذا من أهم نتائج حرب تموز، ولا سيما أنّه بعد ذلك سُحبت حاملات الطائرات الأميركية من الخليج وتقلص دور «إسرائيل»، كأداة عسكرية لدفع المشروع الأميركي.
بعد حرب تموز انكفأ المشروع الأميركي في المنطقة وعملت واشنطن على تسوية في فلسطين لسحب الورقة الفلسطينية من محور المقاومة إلى أن اندلعت أحداث «الربيع العربي» فوجدت الفرصة سانحة لإسقاط سورية، كدولة مواجهة والمعركة كانت على هوية سورية. أميركا تريد إلحاق دمشق بركبها كائناً من كان رئيس سورية ودفعها إلى توقيع سلام منفرد مع «إسرائيل»، لاستعادة الجولان مقابل التخلي عن فلسطين ومستقبل الأمة العربية. وبذلك تصبح سورية ومصر والأردن دول الطوق، بدل أن تكون خط المواجهة الأمامي لقتال «إسر ائيل» ويسقط العالم العربي في يد «إسرائيل» وأميركا لعقود من الزمن. لذلك كان السعي إلى اجتياح سورية بقرار من مجلس الأمن على أن يشنّ حلف الأطلسي ضربات جوية، بينما يدخل الجيش التركي براً ويسيطر على النصف الشمالي من العراق، شرط أن تتولى أميركا و«الأطلسي» مواجهة إيران. من بين الأهداف أيضاً خلق سلطنة عثمانية جديدة العالم العربي، وقد رأينا كيف سيطر الإخوان المسلمون في مصر وليبيا وتونس. كان الرهان على إسقاط سورية لإنشاء تحالف للإخوان في الدول العربية بزعامة تركيا يسيطر على العالم السني ويعقد سلاماً مع «إسرائيل» على قاعدة دولتين، ويتم إخرج إيران من الصراع. هذا هو المخطط الأميركي ولا زلنا نذكر رسالة الرئيس محمد مرسي «إلى الصديق العزيز شمعون بيريز» التي أخبره فيها كيفية تعاطي النظام المصري مع القضية الفلسطينية.
هل يعني ذلك أنّ الإخوان المسلمين قد تخلوا عن القضية الفلسطينية، ولا سيما أنّ حركة حماس جزء منهم؟
ـ لقد ترك قياديو «حماس» دمشق وذهبوا إلى قطر لأنهم التحقوا بصف الإخوان المسلمين وأصبحوا ملتزمين عقائدياً بـ«الإخوان» وليس بفلسطين. لم يعد مقبولاً عند أميركا وحلفائها أن يتم تحرير فلسطين على يد محور المقاومة، وحماس والإخوان طعنوا فلسطين في الظهر. لقد منع «الفيتو» الروسي ـ الصيني في مجلس الأمن التدخل العسكري الخارجي في سورية، فلجأ الغرب، كبديل عن التدخل، إلى الفتنة الداخلية في سورية وتمزيق المجتمع السوري وتفكيك الجيش والدولة لإسقاط سورية من الداخل، لكنها بقيت متماسكة وجيشها موحداً بكلّ فرقه العسكرية وهيكليته وأركانه مع السلطة السياسية. لم يستطع الغرب تغيير الوضع وما أنتجه هو الإرهاب التكفيري المتمثل بتنظيمي «داعش» و«النصرة» وهما فرعين من تنظيم «القاعدة». كما حاول الغرب استخدام السلاح الكيميائي ذريعة للتدخل وتأديب النظام من خلال تهديد دمشق، فجاء الردّ الروسي القاطع بمنع التدخل العسكري وجاءت تسوية الكيميائي كإخراج لحفظ ماء الوجه الأميركي. «اسرائيل»، بدورها، حاولت استدراج الجيش السوري في جمرايا كي تتيح الفرصة أمام المعارضة للتقدم والانتصار، لكنّ سورية لم تقع في هذا الفخ، لأنّ المعركة واحدة مع الإرهاب ومع «إسرائيل»، حتى وصلنا إلى فشل المشروع الأميركي والحرب على سورية ببعدين. البعد الدولي الذي يشير إلى أنّ إسقاط سورية يؤدي إلى خروج روسيا من الشرق الأوسط، وخروج أسطولها من البحر الأبيض المتوسط يعني خروجها من سواحل أوروبا الغربية وفقدان منفذها على أفريقيا وبالتالي فقدان تأثيرها على الساحة الدولية، لذلك اعتبرت موسكو أنّ إسقاط سورية هو تهديد لأمنها القومي فاتخذت هذا القرار حيال سورية.
هل دفع دخول سورية مرحلة حساسة ودقيقة، بلغت حدّ الخطورة على مستقبلها، إلى تدخل روسيا عسكرياً؟
ـ روسيا سعت سابقاً إلى حلّ سلمي يحافظ على مصالحها في سورية لكنها لم تنجح. هدف أميركا هو إسقاط سورية وإخراج روسيا منها، وإسقاط سورية إقليمياً يعني إخراجها من محور المقاومة وفكّ علاقتها مع إيران وعقد سلام منفرد مع «إسرائيل» مكمل للسلام مع الأردن ومصر. لكنّ المشهد تغير كثيراً بعد أربع سنوات. روسيا بقيت في سورية ورفع الحصار عن إيران بعد الاتفاق النووي وأصبحت أكثر حرية في العمل وزادت قوتها وباتت تستخدم قوتها الاقتصادية لإغراء دول أوروبا مقابل مكاسب سياسية وهي تخفيف الضغط على محور المقاومة وتعديل سياستها في المنطقة. إنّ ظهور «داعش» أثر على محور المقاومة من خلال السيطرة على شرق سورية وشمال العراق، فاعتمدت أميركا استراتيجية جديدة بالتعاون مع من تدير شأنهم تركيا باسم «المعارضة السورية» شمال غرب سورية في إدلب وجسر الشغور وسهل الغاب، وهم ينتمون إلى «جبهة النصرة» وهي من فروع «القاعدة» ووضعتها أميركا على لائحة الإرهاب، وقد صدر قرار من مجلس الأمن، بموافقة أميركية، بوضع «داعش» و«النصرة» على لائحة الإرهاب. كان الهدف هو المنطقة العازلة التي كانت تخطط لها تركيا، بدعم أميركي، للوصول إلى حلب والسيطرة عليها، ما يؤدي إلى انهيار الدولة السورية وإعلان حكومة للمعارضة عاصمتها حلب، كبديل عن الحكومة الشرعية في دمشق، تحظى باعتراف الكثير من الدول الحليفة لأميركا ما يؤدي إلى سقوط سورية وتقسيمها.
سمعنا الكثير من التصريحات الغربية التي أعلنت القبول بالرئيس بشار الأسد لمرحلة انتقالية، ما سرّ هذا التطور؟
ـ هذا التطور في مواقف بعض الدول بدأ مع التدخل العسكري الروسي والمغريات الإيرانية لدول أوروبا التي أدركت أنّ روسيا دخلت إلى سورية عسكرياً لتغيير المعادلات والقضاء على المعارضة المدعومة من تركيا، لكن عندما يقال «نريد عملية انتقالية من دون الأسد» يجب خلق معادلة ميدانية على الأرض تكون فيها المعارضة هي المسيطرة والدولة السورية الطرف الضعيف المتهالك الذي يريد حماية ما تبقى من الدولة. لكنّ ما جرى هو أنّ الدولة السورية كرست بصمودها واقعاً لا يمكن أن يتغير. ولا حلول سياسية اليوم خارج المعادلات الميدانية.
هناك ثلاث قوى كبرى على الأرض: إيران وروسيا والجيش السوري. هل هذه رسالة من تلك القوى إلى الغرب بأنها تستطيع إطالة أمد الحرب؟
ـ يدرك الأوروبيون أنّ الهدف الاستراتيجي لروسيا هو القضاء على كلّ تنظيمات المعارضة المسلحة الإرهابية التي تُسمى معتدلة في شمال غرب سورية حتى الحدود التركية وإسقاط كلّ الأوراق من يد تركيا وأميركا.
هل سينجح المشروع الروسي من دون التعاون التركي؟
ـ إنّ هدف روسيا الأول هو أن تحافظ على النظام في سورية حليفاً لها ليبقى أسطولها في المتوسط وبذلك تحمي نفوذها في الشرق الاوسط. روسيا لن تدخل قوات برية بل القوة البرية ستتكون من الجيش السوري وحلفائه من حزب الله وإيران والعراق. القضاء على «داعش» سيتم على يد الجيشين السوري والعراقي. في المقابل، أميركا لا تريد إخراج التنظيم على يد الجيش العراقي لذلك لا تسمح للحشد الشعبي بالدخول إلى الأنبار وتعتمد على عشائر الأنبار السنية بعد إنشاء حرس وطني مدعوم من أميركا يتولى إخراج «داعش» من الأنبار، وبالتالي إنشاء كيان سني مدعوم أميركياً للحفاظ على الوجود الأميركي المتبقي في هذه المنطقة. أميركا لا تريد القضاء على «داعش» بل منعه من التمدّد، ولا تريد القضاء عليه بقوى متحالفة مع إيران لأنّ ذلك يعتبر انتصاراً لمحور المقاومة.
ألا يسبّب قضاء روسيا على «داعش» حرجاً للأميركي؟
ـ التدخل الروسي قلب الطاولة على أميركا وحلفائها وغير المعادلات ووضع المنطقة أمام واقع جديد. التدخل الروسي، بالتنسيق مع سورية والعراق وإيران والمقاومة واختيار العراق كغرفة عمليات، يعني أنّ العراق سيكون جزءاً من هذا المحور لقتال الإرهاب إلى جانب الجيش السوري لأنها معركة واحدة. روسيا كانت تدعم الجيش السوري، بداية، للسيطرة على شمال غرب سورية وانتزاع كلّ الأوراق من أميركا وتركيا، وبذلك لم يعد بإمكان تركيا التدخل ولم يبق لأميركا ورقة لتغيير المعادلة العسكرية في سورية. الدولة السورية ستبسط سيطرتها على سورية مدعومة من روسيا وإيران، أما تركيا فهي عاجزة عن التحرك، عسكرياً، في سورية بعد الدخول الروسي، لأنّ أي تحرك عسكري تركي سيُواجه بردّ روسي. الجيش السوري وحلفاؤه سيتفوقان ومعركة القضاء على المجموعات الإرهابية المسلحة محسومة لصالحهما، بعد انتزاع الورقة من تركيا وأي حوار مع المعارضة سيكون مع معارضة مدنية مقبولة لم تحمل سلاحاً ضدّ الدولة السورية.
هل كان التدخل الروسي منسقاً مع أميركا؟
ـ لم يكن منسقاً أبداً، نحن ذاهبون إلى تغيير استراتيجي. روسيا فاجأت العالم بتدخلها وأصابت الغرب بالذهول. إنّ إطلاق الصواريخ من بحر قزوين رسالة إلى تركيا وإلى «الأطلسي» بأنّ كلّ أوروبا تحت مرمى صواريخنا وهي تحمل أسلحة نووية. والدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية لصدّ الصواريخ الروسية لا قيمة لها ولن تمنع روسيا من توجيه صورايخها إلى أوروبا الشرقية. كانت رسالة قوة لروسيا بأنّ معادلات عسكرية وتوازنات جديدة تنشأ. بعد تحرير شمال غرب سورية ستكون المعركة مع «داعش»، وفي هذا الوقت تكون إيران قد أكملت تحرّرها من العقوبات وأصبحت أكثر قوة وقدرة على التدخل، أما الوضع العراقي فسيكون قد ترتب داخلياً.
لماذا تربط بين سورية والعراق وماذا عن النفوذ الأميركي فيه؟
ـ الأهم من سورية هو المعركة في العراق، لأنّ المعركة السورية أصبحت معالمها واضحة النتائج وهي سيطرة الدولة السورية بالتحالف مع روسيا وانحسار النفوذ الأميركي والتركي وكل حلفائهما وأدواتهما وخضوعهما لأي تسوية مستقبلاً. روسيا انتزعت في مؤتمر الأمم المتحدة تفاهماً من أميركا بأن تبقى سورية دولة موحّدة وعلمانية وأن لا وجود للأحزاب الدينية فيها كـ»النصرة» و«الإخوان» و«أحرار الشام» في أي معادلة، بل أحزاب وطنية شاملة تتخطى المذاهب والطوائف. إذا انتصرت أميركا في تفتيت العراق سيكون انتصارها ضربة لمحور المقاومة وسيبقى جيشها في الأنبار ويمزق العراق إلى ثلاثة أقاليم متنازعة، وبذلك تكون «إسرائيل» قد انتصرت وضمنت أمنها. لكن إذا قضى الجيش السوري على «النصرة» في شمال سورية وانتقل إلى المعركة الكبرى مع «داعش» شرق سورية، ماذا سيكون موقف العراق؟ الهجوم على «داعش» في شرق سورية سيدفعه «داعش» إلى العراق حينها يمكن أن يدخل إلى بغداد، لذلك يجب أن يترافق الهجوم الروسي ـ السوري، حكماً، مع هجوم الجيش العراقي.
هل ستعود سورية كما كانت بعد التدخل الروسي؟
ـ سورية ستعود كما كانت لأنّ تقسيمها وإضعاف نظامها وإدخاله في مفاوضات، وفق معادلة رحيل الرئيس بشار الأسد ومرحلة انتقالية لحكم المعارضة وإخراج روسيا من سورية قد سقط. أميركا أعطت الضوء الأخضر لتركيا منذ شهر للتدخل العسكري في سورية للقضاء على «داعش»، لتقسيم سورية فيكون الغرب تحت نفوذ الدولة والشرق تحت النفوذ التركي وهذا يضرب محور المقاومة ويسمح بمدّ أنابيب الغاز من قطر عبر السعودية والأردن وشرق سورية وتركيا إلى أوروبا وهذا أكبر منافس للغاز الروسي. لذلك من مصلحة روسيا مدّ نفوذ الدولة السورية إلى الشرق، ليس فقط لبقاء أسطولها في النمتوسط بل لقطع الطريق أمام إمدادات الغاز من قطر إلى أوروبا. لذلك نقول إنّ روسيا قلبت الطاولة على الجميع وأعادت رسم مستقبل المنطقة.
هل ستنجح روسيا في تحقيق أهدافها من دون التعاون مع تركيا؟
ـ لا تعاون بين تركيا وروسيا، فهناك تضارب كامل في الاستراتيجيات والمصالح. هناك مشروع تركي يهدف إلى إخراج روسيا عسكرياً من البحر المتوسط والشرق الأوسط وضربها اقتصادياً من خلال مد أنابيب الغاز. لكنّ أي سورية جديدة ستكون حليفاً لروسيا وممنوع أي تعديل في سياستها الخارجية لأنّ بقاء روسيا في سورية والشرق الأوسط معادلة عالمية في صلب النظام العالمي الجديد ومصلحة استراتيجية واقتصادية.
هل يمكن تشبيه الدخول الروسي إلى سورية بالتدخل السوري في لبنان؟ وهل ستكون سورية حليفاً لسورية أم خاضعة لها؟
ـ سورية دخلت لبنان بقرار من جامعة الدول العربية وبإجماع دولي، أما روسيا فقد دخلت إلى سورية بقرار منفرد وهي تنتزع الأوراق بالقوة ولها حلفاء في المنطقة أي إيران وسورية والمقاومة. من الطبيعي أن يكون لروسيا تأثير ونفوذ في الحكم السوري وهو كان سابقاً وهناك علاقات تاريخية وثيقة بين البلدين. لكن هذا لا يلغي سورية كدولة مواجهة. هما في محور واحد وانتصار روسيا سيكون انتصاراً لمحور المواجهة لربط العراق بإيران بسورية ضدّ «إسرائيل» وسيكون الحلّ للقضية الفلسطينية بإرادة محور المقاومة، إن كان هناك حل، وهذا يتوقف على وضع العراق وسورية أمام التحالف الروسي ـ الإيراني ـ السوري ـ العراقي. العراق سيفلت من يد أميركا وبذلك تبقى في يدها ورقة الإرهاب، مستندة إلى الدعم التركي والسعودي. السعودية غرقت في حرب اليمن وستكون تداعياتها عليها كبيرة وسنرى كيف ستجبر دول الخليج على تعديل مواقفها السياسية، ولا سيما من سورية ومحور المقاومة. الإرهاب قوته بالاستنزاف فقط لكن على سورية أن تنتقل إلى المصالحة الوطنية وتركيب واقع سياسي جديد للم الشمل السوري والوحدة الوطنية لسحب الورقة من يد أميركا.
كيف تقرأ تحرك الشارع الفلسطيني؟
ـ التحرك الفلسطيني هو تعبير عن رفض واقع معين وهو الاعتداءات «الإسرائيليلة» على الفلسطينيين، ولكن للأسف لا يوجد مشروع موحّد للمقاومة الفلسطينية للتحرير، السلطة الفلسطينية باعت القضية لأميركا كلياً وشكلت حرس حدود لـ«إسرائيل» وهي تقمع المقاومة، مقابل وعود بمنحها حكماً ذاتياً، برعاية أميركية. «حماس» خرجت من المقاومة والمواجهة واختارت محور «الإخوان» على حساب تحرير فلسطين. «حماس» تخلت عن إيران وسورية لتلتحق بدول لا تريد حلّ القضية الفلسطينية، كقطر وتركيا، ما يعني أنها تخلت عن فلسطين لنصرة الإخوان المسلمين وعليها أن تجري نقداً ذاتياً وتغير سياساتها وتحاسب قيادتها التي ارتكبت هذه الخطيئة. يجب ألا نعول كثيراً على تحرك الشارع الفلسطيني لأنه لن يؤدي إلى تغيير الواقع.
محلياً، الوضع يزيد تعقيداً، أين لبنان مما يجري في المنطقة؟
ـ النظام اللبناني نظام طائفي لا يولد إلا الأزمات. يجب القضاء على النظام الطائفي لإنقاذ البلاد. نحن أمام أزمة نعجز عن حلها وبحاجة إلى تدخل دولي، غير متوفر حالياً بسبب انشغال العالم بالأزمتين السورية والعراقية اللتين تحددان مصير المنطقة. إنّ أقصى ما يهمّ الخارج هو الحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان كي لا ينهار ويشكل ملاذاً للإرهاب ويصبح دولة لـ«داعش» وتتهدّد مصالح الدول الغربية. لذلك سارعوا إلى تشكيل حكومة ووضع خطة أمنية في الشمال لعدم قيام دولة «داعش» هناك، لكن هناك قراراً دولياً ببقاء الإرهاب في عرسال للاستفادة منه في قتال النظام السوري، والدولة خاضعة لذلك. نعم دخلنا في حالة شلل، وبعد تقرير مصير سورية والعراق والشرق الأوسط يتقرّر مصير لبنان، وحينها يأتي الحلّ.