استفاقوا متأخِّرين!
نعرف جميعاً القرع اليقطين ، تلك الثمرة التي هي من أقرباء الكوسا، إذ يغري القرع الأصفر فأر المَزارع الصغير، فيثقب القشرة ويدخل إلى لبّها، ويبدأ بالتهامه رويداً رويداً… وهانئاً.
مع بداية الخريف، يصيب الجفاف ثمرة القرع، ولا يبقى في داخلها ماء ولا طعام، وتصبح قشرتها خشبيةً يصعب الخروج عبر ذلك الثقب الصغير الذي ينكمش مع نضوج الثمرة. وهنا، لا بدّ للفأر من اتّباع حمية غذائية قسرية، ليعود إلى حجمه قبل أن يدخل في جوف ثمرة القرع. وغالباً ما ينفق في داخلها جوعاً وعطشاً، وقد سُدّت في وجهه المنافذ، وضاقت به الحيل. وإن قُدّر له الخروج حيّاً، فلن يعيش طويلاً، لعدم قدرته على التأقلم مع محيطه الجديد من شمس وهواء ومخلوقات نسيها .
حال فأر القرع يشبه إلى حدّ بعيد حال معظم المنتمين إلى تنظيمات أو مجموعات دينية تكفيرية، الذين دخلوا إلى سورية بعدما تركوا شهواتهم تقودهم إلى حيث يحصلون على المال والنساء والسلاح والحرّية في القتل والسلب والنهب وممارسة فجورهم المُستتر تحت عباءة الدين كما يشاؤون ويتمنّون. فيدخلون إلى أراضي «الجهاد» كما يدعونها، ويبدؤون بالتضخّم بفعل الضخّ الإعلامي الذي كان ينفخ فيهم، والتحريض الطائفي والمذهبي والدعم بالمال والعتاد، إضافة إلى منحهم شرعية لجرائمهم، حتى أصبحوا داخل مصيدة كبيرة لا يمكنهم الخروج منها على قيد الحياة. ومَن هرب منهم ونجا بحياته، خرج بأمراض نفسية وجسدية لا سبيل إلى علاجها، بعد اكتشافهم كم كانوا مخدوعين ومُضللين بكلام شيوخهم ووعود داعميهم، بجنّة يعيشون فيها مُخلّدين وأرض يستبيحونها من دون مقاومة وجهاد، ما يجعلهم أبطالاً وثوّاراً وفاتحين. وأنهم لم يكونوا سوى وقود لنار كبيرة، وقطيع ضُحّي به لأجل مطامع سادتهم الذين أرسلوهم إلى الموت والهلاك .
راقبوا صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، راقبوا كلامهم اليوم، وسترون الذعر في كلّ حرف. هم يستجدون أيّ مساعدة ممكنة، وأيّ مساندة لأنهم على شفير جهنم يتساقطون فيها واحداً تلو الآخر، وتنظيماً بعد تنظيم. لا يهمّ كم تطالوا وكم انتفخوا، ففي النهاية سيكون مصيرهم الهلاك. فأرض سورية القداسة لا تقبل النجاسة، ومهما يبدو المشهد الذي نراه اليوم قاتماً سوداوياً يسيل منه الدم وتملؤه مشاهد القتل والتعذيب والجنون، إلا أنّ الحقيقة أقوى من أكاذيبهم ومن أطماعهم. فهذه الأرض قد لفظت كلّ غزاتها مراراً و تكراراً، وسحقتهم وأحرقتهم بعدما ظنّوا أنهم نالوا منها. وهذا ما سيحدث ـ وبكلّ ثقة ـ نعرف أن غزاة اليوم سينتهون، وسيكون مصيرهم كما غزاة الأمس. وبكلّ ثقة نقول كما كنّا نردّد في المراحل الأولى من الحرب على سورية، إنّ سوريانا أقوى، وستحطم جبروتهم على صخور صمودها .
صباح من صمدوا، صباح من قاوموا الموت بالحياة والأمل، صباح الجيش العربي السوريّ.
وفاء حسن