حديث أمّي
بعدما اشتدّت عليّ وطأة الحزن والاكتئاب من تجربة قاسية مررت بها، جلست إليّ والدتي محاوِلةً إبعاد ما أنا فيه من قلق.
قالت: يا عنقودي الأخير، اسمعي منّي ما أرغب قوله.
يحكى أن العود سُئل إن كان ثمة آلة موسيقية أجمل منه وأشدّ تأثيراً على الروح.
فأجاب بغرور وهو يردّ رأسه إلى الخلف. ومنذ ذلك اليوم ورأسه معكوفة إلى الوراء بكبرياء.
آلة العود يا ابنتي آلة سحرية، تشبهك كما تشبه باقي أولادي. فلا تدعي اليأس يُذهِب بريق الكبرياء فيك.
أمي لن أنسى ما حييت ياحبيبتي كيف أنك حبّبتني بالعلم والتعلّم، وكيف أنك عندما بدأت أتلمس الأنثى في داخلي أخذتني من يدي إلى عالم آخر بعيدآ عن عالم أترابي في تلك المراحل.
قالت لي وقتذاك: تجمّلي بالعلم يا صغيرتي فهو جمال دائم لا يتأثر بتقدّم العمر، لا بل يزيده توالي السنين تطوراً وتألّقاً وقوّة في الشخصية وأناقة في التعامل.
نجحت يا حبيبتي في صرفي عن الصغائر وأقنعتني أن الجمال تكامل ما في الداخل مع ما خصّ به الخالق كل إنسان من شكل خارجي.
مع قليل ممّا حققته وما سأحققه في مشوار العمر، أقول بكل فخر أنت بوصلتي يا رفيقة العمر، يا مثَلي وصديقتي الصدوقة يا أمّي.
رشا مارديني