اليمن يدخل ربعَ الساعة الأخير؟
ناصر قنديل
– يبدو للأميركيين بوضوح أنّ الرهان على نصر حاسم في اليمن يتمثل بدخول العاصمة صنعاء يعني حرباً تمتدّ على الأقلّ لسنة وتنتهي بقتل مليون يمني ودمار أغلب المدن والبنى التحتية اليمنية، وتتحوّل إلى حرب مدن في صنعاء وغيرها من المدن اليمنية لا تتوقف، وخسائر بآلاف القتلى والجرحى من جيوش السعودية والإمارات وسواهما من المشاركين. يكون مقابلها تساقط عدد من الصواريخ البعيدة المدى على المدن السعودية، وانتقال الفوضى اليمنية إلى الداخل السعودي، وبدأت مظاهر الإعياء على النظام هناك، وتمدّد الإرهاب الذي تمثله «القاعدة» و»داعش» في جغرافيا البلدين. هذا ما قاله تقرير صادر عن عدد من القادة العسكريين والأمنيين الأميركيين المشاركين بدعوة من معهد بروكنغز الجامعي، في ورشة عمل شارك فيها عدد من قادة وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين.
– في زمن التحوّل الذي فرضته روسيا على الشرق الأوسط، وزمن ما بعد التفاهم على النووي مع إيران، يفترض إغلاق ملف الحرب اليمنية قريباً، بصيغة تحفظ تماسك النظام الحاكم في الرياض، وتفتح باب تسوية سياسية يمنية وتسهم بوقف تمدّد «القاعدة» و»داعش» في الجغرافيتين اليمنية والسعودية، وعناوين التسوية صارت جاهزة، وهي قبول مبدئي من الحوثيين بالقرار الأممي 2216، يعقبه حوار يمني ــــ يمني في مسقط يخرج بالتفاهم على حكومة وحدة وطنية يدخل بموجبها خالد بحاح إلى صنعاء بعد تنحي منصور هادي، وتتسلّم قيادة الجيش اليمني رموز مقبولة من الطرفين وتتولى توحيد كتائبه وتسليمها مسؤولية المدن التي يُخليها المسلحون المؤيدون للطرفين، تمهيداً لانتخابات تشرف عليها الأمم المتحدة، التي يجب أن تشارك بمراقبين أمنيين وعسكريين وسياسيين على ضمان تنفيذ بنود التسوية. هذه هي التوصيات التي خرجت بها ورشة العمل الأميركية بالتوافق مع ممثلي وزارتي الدفاع والخارجية.
– نائب الأمين العام للأمم المتحدة يقول علناً إنّ الوضع في اليمن يجب أن يتجه نحو التسوية سريعاً، وأنّ «القاعدة» تتوسع في اليمن جراء استمرار الحرب وهي الرابح الوحيد فيها. وإنّ مفاوضات بلا شروط يجب أن تتمّ قبل مطلع الشهر المقبل، وإنّ الأمم المتحدة ستدعو قريباً لمثل هذه المفاوضات، داعياً الأطراف اليمنية واللاعبين الإقليميين في اليمن إلى دعم نجاح هذه الدعوة، بلا شروط مسبقة إنقاذاً لليمن والمنطقة من خراب كبير سيترتب على إفشالها.
– التطورات الميدانية في حرب اليمن تقول إنّ الوحشية التي يتعامل بها السعوديون تقتل وتدمّر بلا رحمة، وإنّ السعودية تخوض حرباً ضدّ الشعب اليمني وضدّ الحضارة اليمنية وضدّ الاقتصاد والعمران، وإنها إنْ بقيت على هذه الحال بمواصلة حربها فسوف يكون اليمن كارثة القرن الحادي والعشرين للبشرية جمعاء بملايين المشوّهين والمعوقين والمشرّدين والجياع والمرضى قبل أن تعلن السعودية نصرها، وتقول وقائع الميدان إنّ الحوثيين يتمهّلون بحرب قاتل أو مقتول، يعني بتلبية دعوات السعودية إلى جنون لا رجعة بعده، وإنّ ما يرسلونه من صواريخ إلى العمق السعودي لا تزال وظيفته القول، لا تدفعونا إلى الجدار وتجبرونا على قلب الطاولة. وتقول الوقائع إنّ الجيشين السعودي والإماراتي يتقدّمان ببطء ويواجهان حرب استنزاف مضنية، وإنّ المناطق التي يتوهّمون السيطرة عليها لا تلبث أن تسقط فيضطرون لاجتياحها مرة ثانية وثالثة.
– العجز السعودي عن اتخاذ القرار بوقف الحرب، يضع الحلفاء الدوليين للرياض وعلى رأسهم أميركا أمام الحاجة لضرب اليد على الطاولة والقول كفى، قبل أن تفلت قواعد الحرب عن السيطرة، وما لم يحدث ذلك فالخليج كله مقبل على متغيّرات تخرج عن السيطرة، كما يقول باحثون إيرانيون، يعتبرون أنّ حكومتهم منحت السعودية فرصاً ذهبية للنزول عن الشجرة والقبول بلغة التفاوض والتسويات، فيما يبدو أنّ الرياض لم تستجب إلا مرة واحدة، وهي يوم قبلت ترتيبات مشتركة لتسليم جثامين الحجاج، وكان ذلك بعدما قال مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران إنّ رداً قاسياً قيد التحضير ما لم يتمّ القبول بتسليم الجثامين.
– يبدو السباق الأميركي الإيراني على السعودية واليمن لما بعد أول الشهر المقبل، حيث الانتخابات التركية ستتكفّل بتغيير مشهد المنطقة مع فشل حزب الرئيس رجب أردوغان كفرع لـ»الإخوان المسلمين»، بالفوز، رغم أوهام التغيير المعاكس بعدما تلقوا بيد وزير الخارجية السعودي من المال ما يفترضون أنه يفيد لفوزهم في الانتخابات، وبعدها لا مكان لتراجع سعودي طوعي، بل بدايات هجوم معاكس يمهّد لهزيمة تفرض خريطة جديدة في الخليج، ولذلك تتوالى النصائح الأميركية والأممية للرياض بالإسراع نحو التسوية قبل ذلك التاريخ.