التنسيق الروسي ـ الأميركي .. هل يمنع المواجهة في الأجواء السورية؟
ناديا شحادة
الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط الذي صدّرته ودعمته اميركا ودول غربية وخليجية بهدف تفتيت المنطقة وضرب محور المقاومة، حيث بات واضحاً لكل متابع ان السعودية وقطر وتركيا و«إسرائيل» ومن ورائهم الولايات المتحدة مولت ودعمت تنظيم القاعدة وفروعه، فالسعودية وتركيا دعمتا تنظيم القاعدة في إنشاء فروع له في سورية تحت مسميات عديدة منها أحرار الشام وجبهة النصرة. وأمام صلابة الجيش السوري وعناصر المقاومة التي أفشلت المشروع وتطورت الأوضاع ميدانيا بشكل لا يناسب المحور المعادي، جاء التدخل الروسي عسكرياً في سورية لمساندة الجيش السوري وعناصر المقاومة على الارض في حربهم ضد الجماعات الإرهابية. هذا التدخل الذي فضح اميركا بأنها غير جادة في محاربة الارهاب التكفيري بمجموعة الغارات التي قامت بها روسيا وكان لها تأثير مباشر على المجموعات الارهابية وخسارتهم مقارها الاساسية ومراكز التدريب ومستودعات الذخيرة وانسحابها من بعض المواقع الرئيسة في المناطق مقابل ما يزيد عن 3500 غارة جوية للتحالف الدولي بقيادة واشنطن على داعش خلال سنة ونصف من دون ان يؤدي ذلك الى اضعافه.
فالتدخل العسكري الروسي الذي بدأ في 30 أيلول من العام الحالي بناء على تفويض للرئيس فلاديمير بوتين من المجلس الأعلى في البرلمان الروسي الذي وافق على استخدام سلاح الجو خارج حدود البلاد، في غياب تعاون بين روسيا والتحالف الدولي في مواجهة «داعش»، بعد رفض واشنطن وحلفائها التعاون، اتخذت مسألة تجنب أي حوادث مفاجئة بين العسكريين الروس والاميركيين اهمية خاص وبادرت وزارة الدفاع الاميركية في 1 تشرين الاول بالاتصال مع وزارة الدفاع الروسية واجراء محادثات ركزت على عمل الطائرات الحربية في الأجواء السورية لتفادي حصول حوادث بين الطرفين. هذا ما اكده المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك قائلا ان المحادثات بين الطرفين ركزت على خطوات يمكن ان تتخذها طائرات روسيا والتحالف الدولي المشكل من اجل محاربة داعش لضمان سلامة خوض العملية الجوية في الاجواء السورية. ومع استمرار المحادثات اقتربت واشنطن وموسكو من ابرام اتفاق بشأن ضمان سلامة الطائرات الروسية وطائرات التحالف الدولي، حيث اعلن مسؤول اميركي ان الجيشين الروسي والاميركي يضعان التفاصيل النهائية على مذكرة التفاهم التي تحدد الإجراءات الاساسية للسلامة الجوية.
يؤكد متابعون ان التفاهم بين واشنطن وموسكو بشأن السلامة الجوية سيحتم على واشنطن ان تمنع الرياض من تسليم المجموعات المسلحة صواريخ ستينغر أرض جو، التي كانت قد حصلت عليها الجماعات الارهابية سابقاً من قبل الدول الداعمة لها التي ووصلتهم بالتنسيق بين السعودية وتركيا وواشنطن، حيث ستمنع الاخيرة الرياض من اعادة تسليم تلك الصواريخ للعصابات الارهابية لمنع صدام مع الطائرات الروسية. الأمر الذي قد يدفع لتفاقم الوضع وجرّ واشنطن والغرب لمواجهة روسيا وبالذات في الوقت الذي لا احد يرغب من دول العالم بالدخول في حرب مع روسيا، حسب ما اكد المحلل في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية في لندن جوليان بارنس داسي.
فالاستراتيجية الجديدة لروسيا التي اتبعتها في الشرق الاوسط وضعت حداً نهائياً لمرحلة حروب اميركا بالوكالة، وجعلت واشنطن تقبل بالوضع الجديد الناشئ في الشرق الاوسط وتعترف بموسكو كلاعب رئيس في حل نزاعات المنطقة والعالم، ما يعني ذلك تنازل واشنطن عن عرش قيادة العالم. وكشفت الاستراتيجية الروسية الإرباك الذي بات يعانيه المحور المعادي لسورية فها هي الحليف التاريخي لواشنطن انقرة تحتج على الدعم الروسي والاميركي لوحدات الحماية الكردية، حيث استدعت الخارجية التركية سفيري الولايات المتحدة وروسيا على خلفية المساعدات العسكرية التي يزعم الجانب التركي أن موسكو وواشنطن تقدمانها لوحدات الحماية الكردية، وقد حذر رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو في 14 تشرين الاول كلا البلدين من تقديم المساعدات العسكرية للقوات الكردية التي تحارب تنظيم داعش.
يؤكد المتابعون على أن واشنطن التي لا تملك ما يكفي من الاوراق لوقف التدخل الروسي في سورية المنسق على أعلى المستويات بين سورية وروسيا وايران، باتت مستعدة للانسحاب من المشهد السوري، بعد أن بدأت نتائج الضربات الروسية تظهر وباتت الكلمة للميدان، وترك تابعيها التركي والسعودي وأدواتهم من الجماعات التكفيرية منها جبهة احرار الشام وجبهة النصرة غارقين في الميدان السوري مع تعرّضهم لأعنف الضربات العسكرية.