موسكو ترجح إقامة قاعدة عسكرية روسية ثابتة في سورية
وسع الجيش السوري أمس نطاق عملياته العسكرية، وبدأت وحداته التقدم على محاور حلب الجنوبية الغربية، بعد يومين على التقدم في الريف الشمالي للمدينة.
وقد استعاد الجيش السيطرة على مناطق الوضيحي وطلعة نجم وعبطين وحدادين الغربية والكسارات ومداجن زيتونة وثكنة الكبدار ومليحة والناصرية وتلة الشهيد المشرفة على قرية الصبيحية جنوب غربي تل عزان، وسط استهداف مكثف لتحركات المسلحين في محيط الكلية الجوية وخان العسل والراشدين وشرق السفيرة وعندان وكفر حمرا وساحة النعناعي وبني زيد وشرق السفيرة وكفر داعل والمنصورة وتل الضمان وتل سبعين وتل الطبل والزربة وجب الصفا ورسم العبد وقصير الورد وحويجينة.
وكان الجيش قد بدأ الهجوم من أربعة محاور في خان طومان وجبل عزان والوضيحي وتل شغيب، تمكن خلاله أيضاً من السيطرة على كتيبة الدبابات وعدة قرى صغيرة تحت غطاء ناري كثيف وغارات للطائرات السورية والروسية استهدفت مقار «أحرار الشام» و«جيش المجاهدين».
وأصدرت القيادة الموحدة لعمليات حلب في الجيش السوري بياناً أعلنت فيه بدء عمليات الجيش السوري في الريف الجنوبي والغربي لحلب لتحرير هذه المناطق من الإرهابيين.
وأكدت القيادة أن أي تعاون أو إيواء للمسلحين من قبل المواطنين سيجعل من مرتكبيه هدفاً للقوات المسلحة وأن أي قرية تنطلق منها مؤازرات للمسلحين ستعتبر شريكة لهم، وبالتالي تدخل ضمن إطار العمليات الحربية.
وأعلنت قيادة عمليات حلب أن كل من يرفع الراية البيضاء هو آمن، كاشفة عن الاستعداد لتسوية أوضاع الذين يقررون التعاون مع الجيش أثناء العمليات.
وفي سياق متصل، أكد المتحدث باسم الجيش السوري استعادة السيطرة على بناء سيرياتل في حي المنشية بدرعا ومواقع في بلدة الشيخ مسكين، إضافة لاستعادة السيطرة على شركة المياه والاشغال العسكرية وكتل بناء في جوبر وكامل التلال المشرفة على دوما وحرستا، إضافة إلى 25 كتلة بناء بحرستا في ريف دمشق.
وقال المتحدث باسم الجيش إن العمليات العسكرية التي تنفذها تشكيلات من قواتنا المسلحة في مواجهة التنظيمات الإرهابية تستمر بالتزامن مع الضربات الجوية المركزة التي ينفذها سلاح الجو السوري واستثمار نتائج ضربات الطيران الروسي.
وأكد أن العمليات تركزت في الأيام الثلاثة الماضية على اتجاهات المنطقة الجنوبية والمنطقة الوسطى وريف اللاذقية وريف حماة الشمالي والشمالي الغربي.
وقال المتحدث العسكري: «إن وحدات من قواتنا المسلحة بدأت في ريف حمص الشمالي اعتباراً من صباح 15-10-2015 عملية عسكرية تمكنت خلالها من السيطرة على خالدية الدار الكبيرة وأجزاء من بلدات تير معلة وجوالك وسنيسل وإحكام الطوق على بلدة الدار الكبيرة وتوجيه ضربات مركزة لتجمعات الإرهابيين في الغنطو وغجر أمير وتلبيسة ودير فول والزعفرانة وأم شرشوح والحلموز والقضاء على أعداد كبيرة من الإرهابيين وتدمير مقرات قيادتهم في تلبيسة وتير معلة».
وفي السياق، أكدت مصادر عسكرية أن طائرات الاستطلاع في الجيش الروسي أنهت طلعاتها الاستكشافية فوق الغوطتين الشرقية والغربية لمدينة دمشق وأكملت جمع بنك المعلومات، تمهيداً لإطلاق عمليات جوية واسعة في المنطقة.
من جهة أخرى، أكد رئيس هيئة العمليات بهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال أندري كارتابولوف أن هدف الضربات الجوية الروسية في سورية يتمثل في القضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي وتحويل الازمة الى المجرى السياسي.
وجدد كارتابولوف تأكيده عدم وجود أي ضباط روس في صفوف الجيش السوري وأن القوات الجوية الروسية تعمل ضد تنظيم «داعش» بشكل مستقل، مشيراً في الوقت ذاته إلى وجود «مجموعة صغيرة من العسكريين السوريين في مقرنا بسورية تقوم بتوفير التنسيق مع تحليقات القوات الجوية السورية وتقديم المعلومات الدقيقة بشأن مواقع القوات الحكومية».
وقال المسؤول العسكري الروسي إن الأركان العامة الروسية لم تجد أي معارضة معتدلة في سورية، متسائلاً: أي شخص يحمل السلاح ويحارب السلطة الشرعية هل هو معتدل وإلى أي مدى؟ مضيفاً: «في سورية وحدات تدعمها دولة واحدة وهناك وحدات أخرى تدعمها دولة ثانية ووحدات ثالثة تدعمها دولة ثالثة وبذلك الجميع يرسلون أموالاً وأسلحة إلى سورية».
وقال إن «الطيران الحربي الروسي نفذ منذ بداية عمليته في سورية أكثر من 600 طلعة ووجه ضربات إلى ما يزيد على 380 موقعاً لتنظيم «داعش» الإرهابي»، مؤكداً أن «القوات الجوية لسورية والعراق وإيران تنفذ مهماتها الخاصة بمكافحة تنظيم داعش الإرهابي وفقاً لخططها وبالتنسيق مع روسيا».
ولفت كارتابولوف الى أن قدرات السفن الروسية في المتوسط: «تسمح لها بتوجيه ضربات إلى مواقع تنظيم «داعش» في أي لحظة بعد اتخاذ القرار من قبل القيادة العسكرية»، موضحاً أن هذه السفن تقوم بتوفير الدعم المادي للعملية الجوية الروسية في سورية.
وأشار إلى وجود سفن حربية روسية «لضمان الدفاع الجوي للقاعدة الروسية» مبيناً أن روسيا «لا توجه هذا الدفاع الجوي بأي شكل من الأشكال ضد دول التحالف»، مضيفاً: «على الأرجح كنت سأتحدث عن إقامة قاعدة عسكرية روسية موحدة في سورية بحيث تكون قاعدة تضم عناصر عدة الجوية والبحرية والبرية الروسية».
وأشار الجنرال الروسي إلى أن بلاده دعت واشنطن منذ البداية إلى التعاون في إطار مركز التنسيق في بغداد لكنها لم تتلقَّ أيّ ردٍّ قائلاً: «عندما كنت في بغداد انتظرت نحو 24 ساعة تقريباً للاتصال من الشركاء الأميركيين لكنني لم أنجح في ذلك ورجعت من هناك».
واعتبر أن «القدرات الأميركية غير المحدودة ما هي إلا قصص للأطفال» مشيراً إلى أن الأميركيين لم يلاحظوا عمليات إطلاق صواريخ مجنحة روسية من بحر قزوين لاستهداف مواقع تنظيم «داعش» في سورية. وأكد أن التقديرات تشير الى وجود ما يقارب 40 و50 ألف مسلح لدى تنظيم «داعش».
وأضاف أن ضربات التحالف الأميركي «أعاقت خطوات الجيش السوري وأدت إلى تقليص قدراته القتالية ودفعته إلى التراجع بينما تمكن تنظيم «داعش» من الحصول على الأغذية في دول مجاورة»، لافتاً إلى وجود منظمات ودول تقوم بتلبية حاجات الإرهابيين.
كما أكد الجنرال الروسي أن بلاده أعدت خريطة خاصة بمواقع «داعش» «والنصرة» بعد أن تجاهل شركاؤهم الغربيون طلب موسكو لتسليمها بيانات حول مواقع «المعارضة المعتدلة» في سورية.
وأوضح أن إعداد الخريطة جاء على أساس المعلومات الاستطلاعية الخاصة بالجانب الروسي والمعلومات التي تحصل عليها موسكو من مركز التنسيق العملياتي في بغداد. وأكد أن هذه الخريطة التي تبين المواقع الخاضعة لسيطرة «داعش» و«جبهة النصرة» من جانب، والمناطق التي يسيطر عليها الجانب السوري من جانب آخر، سيتم تسليمها لجميع الملحقين العسكريين المعتمدين في موسكو.
في الوقت نفسه، أكد الجنرال الروسي أن الطائرات الروسية لا تقوم بطلعات قتالية في المناطق الجنوبية من سورية، حيث توجد، بحسب معلومات الجانب الروسي، مواقع لـ«الجيش الحر»، مؤكداً أن الضربات الروسية تستهدف فقط مواقع تقع خارج المناطق المأهولة، في الوقت الذي تؤدي غارات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على مدن وبلدات سورية، إلى سقوط ضحايا مدنيين وزيادة تدفق اللاجئين.
وأكد كارتابولوف أنه سيتم في القريب العاجل التوقيع على مذكرة بين وزارتي الدفاع الروسية والأميركية حول ضمان أمن الطيران في سورية والحيلولة دون حدوث حالات غير مرغوب فيها، مشيراً إلى أن الجانبين تمكنا من تنسيق جميع المسائل الفنية، وتجري حالياً مراجعة النص من قبل خبراء قانونيين.
وفي السياق، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي لشؤون مكافحة الإرهاب أوليغ سيرومولوتوف أن محاولة توريد صواريخ محمولة للإرهابيين في سورية ستعتبر مساعدة مباشرة لهم، مع كافة الآثار المترتبة على ذلك.
وقال سيرومولوتوف أمس: «إنه لم تسجل حتى الآن أية وسائل دفاع جوي لدى الإرهابيين، إلا أنه توجد دلائل تشير الى محاولة الإرهابيين الحصول على منظومات صواريخ جوية متنقلة محمولة على الكتف غربية الصنع في الدول الإقليمية المجاورة لسورية».
وأكد الدبلوماسي الروسي أن «توريد هذه المنظومات لأي من المجموعات الإرهابية في سورية سيعني أن الدولة التي فعلت ذلك وقفت عملياً الى جانب الإرهاب الدولي، مع كل العواقب المترتبة على ذلك، وأريد أن يتم الاستماع الى ذلك كتحذير جدي».
الى ذلك، أكد مصدر عسكري سوري: «ألّا صحة لخبر إسقاط طائرة لا استطلاعية ولا قتالية سورية أو روسية ولم تخترقْ طائرات سورية أو روسية الأجواء التركية على الاطلاق». بدوره، أكد الجيش الروسي أن «كل طائراته في سورية تعمل طبيعياً».
وكان الجيش التركي قد أعلن إسقاط طائرة مجهولة الهوية في المجال الجوي التركي عند الحدود السورية، موضحاً أنه تم إنذار الطائرة ثلاث مرات قبل إسقاطها، فيما أعلن التلفزيون التركي أن الطائرة هي استطلاعية دخلت بعمق ثلاثة كيلومترات الأجواء التركية.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن مصدر عسكري تركي قوله إن الحديث يدور عن إسقاط طائرة من دون طيار، مضيفاً أنه عثر على حطامها في عمق الأراضي التركية على بعد 3 كيلومترات من الحدود.
سياسياً، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن عدد مواطني روسيا وغيرها من بلدان رابطة الدول المستقلة ممن يحاربون في صفوف «داعش» يتراوح، بحسب مختلف التقييمات، ما بين 5 و7 آلاف شخص، مؤكداً «نحن بالطبع لا نستطيع السماح لهم بأن يستعملوا الخبرة التي يكتسبونها بسورية اليوم في ديارنا مستقبلاً».
وقال الرئيس الروسي في اجتماع مجلس قادة رابطة الدول المستقلة في كازاخستان «حقق عسكريونا نتائج ملموسة بضربهم أهداف حددت بالتنسيق مع السوريين من الجو والبحر. وتم تدمير العشرات من مراكز القيادة ومخازن الذخيرة وتصفية مئات الإرهابيين وكمية كبيرة من الآليات العسكرية»، مشيراً إلى أن سلاح الجو الروسي والوسائل الأخرى تستخدم في سوريا فقط لمكافحة الإرهاب.
وأكد أن موسكو تدعو دائماً إلى «إقامة تحالف أوسع ممكن لمكافحة الإرهابيين والمتطرفين»، لافتاً إلى تحقيق تقدم في مجال تنسيق الخطوات والجهود لمكافحة الإرهابيين في هذه المنطقة.
وكشف الرئيس الروسي أن محادثات «نجري مع السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن و«إسرائيل»، وغيرها من الدول ونحاول إقامة التعاون مع الولايات المتحدة وتركيا»، داعياً جميع الأطراف المعنية إلى الانضمام إلى عمل مركز التنسيق المعلوماتي في بغداد.