تركيا… ارتدادات «تسونامي» متدحرج!

فاديا مطر

بعد انتخابات 7 حزيران الماضي في تركيا والتي أتى سياقها وتداعياتها المحورية والتركيبية بتأثيره على مجمل المشهد السياسي الإقليمي والدولي، لما له من تطورات مترتبة على نتائجه، إلا أن استحقاق الأول من تشرين الأول الحالي كان مفصلياً لجهة تطورات المنطقة والعالم والانعكاسات المؤثرة والمتطورة دراماتيكياً نحو سيناريوهات متعدّدة.

ففي بادئ الأمر الحل «أوكرانياً» بعد اجتماع قمة «رباعية النورماندي» في 2 تشرين الأول الحالي في باريس والتي وصفتها مصادر مطلعة بأنها حل بين «الأبواب المغلقة والنوافذ المفتوحة»، ووصفها وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» بأنها سمحت بإزالة الغموض في تفسير اتفاقيات «مينسك» الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية، وهو ما قد أصبح أيضاً موعد التموضع الروسي العسكري في سورية الذي فرض استحقاقات إقليمية ودولية كشفت إدعاءات وثبتت قواعد اشتباك جديدة على المستوى السياسي والعسكري أنعكس على تركيا الإقليمية في المكان والدولية في المكانة، خصوصاً بعد دعوة الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» في 21 آب المنصرم إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في الأول من تشرين الثاني المقبل والذي سيصبح استحقاقاً إقليمياً ودولياً بعد فشل انتخابات حزيران الماضي في استيلاء الحزب الحاكم على فاعلية حزبية برلمانية لتشكيل حكومة غالبية. هذه الدعوة التركية لانتخابات مبكرة كانت مقدمة دخول تركي ـ أميركي تحت غطاء محاربة تنظيم «داعش» كرأس حربة «جيو سياسية» في الشمال السوري والعراقي على إيقاع ما تشكل من تحالف رباعي مع روسيا لمحاربة الإرهاب في سورية، وهو ما يعكس هزالة الوضع التركي الإقليمي ومن خلاله الوضع الدولي المتحالف معه عسكرياً وسياسياً. وهو آخر نفس في صدر العثمانية الحالمة بحكم منفرد وسلطان مطلق على ضوء الخطر الكردي المزروع في انتخابات حزب العدالة والتنمية والذي أدخله في زحف أطلسي يواجه فيه الزحف السياسي الكردي ضمن تركيا، بالإضافة إلى الزحف العسكري الكردي المدعوم غربياً وروسياً كقوة فاعلة في الحرب على «داعش»، لتكون الانتخابات التركية المقبلة هي المقرّر الرئيس في «تركيّة العدالة والتنمية» والمقرر الأساس في مستقبل المنطقة والعالم، لأنه «تُركياً» يقرّر مستقبل التطورات العسكرية ومدى صلابتها، ليكون حبس الأنفاس وتسارع النبض أردوغانياً هو في احتمالات عدة تنطوي عليها نتائج هذه الانتخابات المقبلة من تكرار للنتيجة الحالية القائمة على عدم امتلاك أي فريق أغلبية تسمح له بتشكيل «حكومة أغلبية» أو فوز في الانتخابات، وبين فرضية فوز «أردوغان ـ أوغلو» والتي كانت يتوقف نجاحها على فكرة المنطقة العازلة في الشمال السوري، وهو ما قد رحلت سُحبه مع الرفض الألماني ـ الأميركي وقرارات سحب صواريخ «الباتريوت» الأطلسية التي أصبحت معادلة استراتيجية «متدنية» بعد الوجود الروسي في الشمال السوري، لتبرز فرضية ثالثة مع إمكانية فوز «أوغلو ـ أردوغان» والتمكن من سحق الحركة الكردية المسلحة والبطش بقياداتها السياسيين. وهذا ذهب أدراج الرياح أيضاً مع التمسك الغربي بدور للأكراد يقوّي عصب الحرب على «داعش» كمعادلة فائض قوة مركزية، لتبقى آخر فرضية في حال توازن القوى الانتخابية كما هو الحال اليوم. فتتكوّن حكومة جامعة للمتناقضات في بنيتها حكومةً «لا سياسية» تتولى إدارة الأزمة المزمنة.

لكن إذا انقلبت الاحتمالات بفوز المعارضة السياسية على حزب العدالة والتنمية، فإن تركيا ستقع تحت صدمة قوية في جدار التطورات تُضاف إلى صدمة 7 حزيران الماضي ويتغيّر معها الاصطفاف السياسي والإيديولوجي وربما الديموغرافي في الداخل التركي، والذي قد يبدل السياسة التركية على المستويين الإقليمي والدولي لتعود «عثمانية» تركيا إلى زمن «العجوز العثماني» ويبدأ دفع الأثمان السلطوية مع خيارات الانتخابات المبكرة المُلقاة على تطورات ميدانية، ربما تسحب الاستقرار السياسي والعسكري مع وجود قواعد أميركية في الجنوب الشرقي التركي كان الغاية منها محاربة الأكراد لتتحوّل في ما بعد إلى محاربة «داعش» الذي احتضنته الحدود التركية بحلم «المنطقة العازلة»، فهل يصلح الهروب للإمام ما أفسدته مملكة «الرياض»، أم أن «الساديين» هم من سيدفعون الثمن؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى