السلسلة تراوح… بانتظار الانتهاء من نهج السنيورة

أثبتت المداولات السياسية التي سبقت الجلسة العامة المخصصة لإقرار سلسلة الرتب والرواتب، أنّ الحوار الحاصل ليس إلا حوار طرشان وشدّ حبال مرتبط برئاسة الجمهورية وسيستمرّ على هذا المنوال إلى حين التوافق السياسي على كلّ القضايا العالقة.

لن يحلّ أيّ ملف من دون الملف الآخر. باتت الانتخابات الرئاسية والمجلس النيابي ومجلس الوزراء ملفات متواصلة ومتماسكة يصعب تجزئتها في الوقت الحاضر، في ظلّ التعقيدات والأزمات التي تعيشها المنطقة لا سيما في العراق وسورية.

وإلى أن يفتح باب الانفراج السياسي والاجتماعي في لبنان. فتح باب تعطيل المجلس النيابي على مصراعيه من قبل رئيس تيار المستقبل فؤاد السنيورة، تمهيداً لفتح باب التعطيل لمجلس الوزراء، فرئيس المستقبل لا يريد أيضاً لحكومة الرئيس تمام سلام أن تعمل، الأمر الذي سيأخذ البلد إلى المجهول.

دفع نهج السنيورة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى إبقاء جلسة المجلس التشريعية مفتوحة، تمهيداً للتوافق على السلسلة وإفساح المجال أمام الاتصالات. لم يرجئ الرئيس بري الجلسة إلى موعد جديد بعد أسبوع أو أسبوعين على غرار التأجيل في المرات السابقة، فرئيس المجلس والكتل السياسية مجتمعة أصبحوا في حالة انتظار لضمير رئيس المستقبل علّه يستيقظ من سباته. إلا أن إعلان بري لاقى استحساناً عند نواب المستقبل، ولم يعد هؤلاء ملزمين بأي موعد أمام الرأي العام.

مكتب الرئيس بري الذي تحوّل إلى خلية نحل على مدى اليومين الماضيين لم يثن السنيورة عن موقفه. عقد بري سلسلة مشاورات على هامش الجلسة التي كانت مقرّرة أمس تداول مع رئيس الحكومة تمام سلام، ووزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب ووزير المال علي حسن خليل ووزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر والنواب بهية الحريري، ابراهيم كنعان، وآلان عون في الموقف المستقبلي الذي يسعى جاهداًَ إلى تحميل أعباء السلسلة لذوي الدخل المحدود في مقابل تجنيب تحميل أصحاب الأملاك العقارية والمالية أية أعباء لتغطية النفقات.

على عكس الجلسة السابقة حضر الرئيس نجيب ميقاتي واجتمع مع الرئيس بري كما حضر النائبان غازي العريضي وعلاء الدين ترو بغض النظر عن موقف جبهة النضال الوطني الرافض لإقرار السلسلة قبل تأمين التمويل. وأكد ترو لـ«البناء» أنّ الحضور تأكيد على رفض تعطيل مؤسستي المجلس النيابي ومجلس الوزراء، وأنّ أيّ تصويت من قبل نواب جبهة النضال في أي جلسة سيأخذ في الاعتبار أرقام الواردات من الضرائب التي يجب أن تكون عادلة.

أخفق التواصل السياسي في إخراج السلسلة من عنق زجاجة الأرقام. حاول الرئيس نبيه بري بشتى الوسائل اقناع السنيورة بالسير بالسلسلة إلا أنه لم يفلح هذه المرة. لجأ بري في لقائه مع السنيورة والنائب بهية الحريري والنائب جمال الجراح والنائب ابراهيم كنعان والوزيرين علي حسن خليل والياس بوصعب، إلى الاحتياط في كلّ ارقام الواردات لكي يطمئنّ السنيورة. اقترح عليه مرة جديدة أن تخفض السلسلة إلى 2000 مليار في مقابل أن تكون الايرادات 2300 مليار. لكن لا حياة لمن تنادي. بقيَ السنيورة مصراً على زيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 1 في المئة على كلّ السلع الاستهلاكية.

خرج المجتمعون من مكتب الرئيس بري بمن فيهم النائب بهية الحريري أمس وأول من أمس بانطباع بدا واضحاً أن الإصرار يأتي في إطار السعي لعدم إقرار السلسلة.

أخذ السنيورة قراره بالتعطيل والتزم بيت الوسط. فحضرت هيئة التنسيق النقابية الى ساحة النجمة وسلّمت أمين عام المجلس عدنان ضاهر مذكرة بالمطالب، والتقت الرئيس بري ووزير التربية، ليحذر نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض من أنه إذا استمرّ الحال في مجلس النواب على حاله، فإنّ البلد ذاهب إلى انفجار اجتماعي كبير. غادر وفد هيئة التنسيق. فحضر نائب القوات فادي كرم ونائبا المستقبل أحمد فتفت وجمال الجراح ليعقدوا مؤتمراً صحافياً مشتركاً أكد خلاله الجراح أنّ أرقام السلسلة خاضعة لحساسية معينة تتأثر بالاستقرار السياسي والنشاط الاقتصادي والسياحة والاستقرار الأمني، لذلك فإنّ درجة تحقيقها فيها مخاطرة كبيرة وارتباطها بعدد كبير من المعطيات والظروف التي يمكن أن يمر بها البلد».

وقال: «على الجميع أن يتفضلوا إلى المجلس لكي نقرّ الدرجات الست والـtva ونحن لا مشكلة لدينا، ونحن مع إلغاء الرسوم الجمركية والإبقاء على الـtva وزيادتها لأن الرسوم الجمركية تؤثر على مال الدولة».

رفض الجراج ضريبة 15 في المئة على الكماليات لأنه من الصعب تحصيله وفرزه ويصبح من خلاله عملية «غشّ» للمواطن، خصوصاً في المحلات التجارية الكبرى، بعكس زيادة 1 في المئة على الضريبة على القيمة المضافة على كامل السلع الاستهلاكية التي كما قال الجراح «تستثني السلّة الغذائية»، إضافة إلى التربية والتعليم والصحة والإيجارات، وبالتالي هذه الزيادة تصيب جزءاً بسيطاً جداً من دخل الفقراء. لم يشر الجراح إلى أنّ هذه الضريبة التي لا تشمل السلع الأساسية، تفرض على الصناعات التحويلية، الأمر الذي سيرفع أسعار الإيجارات مثلاً مع ارتفاع أسعار الحديد، وسيرفع أسعار المواد الغذائية.

وإذا كان النائب فتفت قد أشار إلى «أننا لا نريد أن نكرّر تجربة العام 1991 حينها انهارت الليرة وحصلت ثورات شعبية». أكد كرم أنّ السلسلة أرقام وليست مزايدات وهي سلسلة إصلاحات»، لافتاً إلى أنّ المطالبين بحقوقهم يطالبون بحقوق مشروعة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى