هيلاري تكسب المناظرة… لكن حظوظها غامضة في السباق الرئاسي
العمليات العسكرية الروسية بالتزامن مع العمليات البرية للجيش العربي السوري تصدّرت اهتمامات معظم مراكز الفكر والأبحاث والدراسات والمؤسسات الإعلامية.
المناظرة الإعلامية الأولى بين مرشحي الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية المقبلة كانت محور اهتمام العامة وذوي الاختصاص على السواء.
سيستعرض بند التحليل وقائع وتداعيات تلك المناظرة وخاصة للمرشحة الأولى هيلاري كلينتون، التي تتعرّض لحملة شرسة من خصومها في الحزب الجمهوري لإقصائها عن الترشح. وجاء عامل الزمن ليدعم موقعها قبل المناظرة بأيام معدودة حينما اضطر أحد قادة الحزب الجمهوري للإفصاح عن حقيقة الحملة ضدّها لاعتبارات سياسية وحزبية وانتخابية بالدرجة الأولى، الأمر الذي كلفه الترشح لمنصب رئيس مجلس النواب.
كما سيتضمّن بند التحليل إلقاء نظرة أخرى على العمليات الجوية الروسية في سورية، وتصاعد وتيرتها في المرحلة الأولى، وما سينطوي عليه من آفاق للحفاظ على مستوياته الراهنة، أما الاضطرار لتعديل حجم الغارات بعض الشيء او استقدام مزيد من الموارد والمعدات، وهو الأمر الأكثر ترجيحاً بالنظر الى دخول حاملة الطائرات الروسية الوحيدة مياه البحر المتوسط قبالة الشواطئ السورية.
العلاقات «الإسرائيلية» ودول الخليج
كشف معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى النقاب عن تنامي العلاقات الثنائية بين «إسرائيل ودول مجلس التعاون والممتدّة لنحو 25 عاماً، أوثقها تلك الجارية مع دولة الامارات العربية المتحدة، وأشدّها عدوانية مع دولة الكويت»، منوّهاً بمشاركة «إسرائيل» في مؤتمر استضافته أبو ظبي عام 2013 لتقنيات الطاقة المتجدّدة، وقاطعته الكويت آنذاك. وشدّد المعهد على أنّ علاقات «إسرائيل السرية مع الكويت تختلف عن الوصف أعلاه». وأوضح بلهجة استعلائية «هناك في مكان ما من دول مجلس التعاون الخليجي مقرّ لبعثة ديبلوماسية إسرائيلية، كما وثقه تقرير الميزانية السنوية للحكومة لعام 2013». وختم بالقول انه وعلى الرغم من بعض المطبات التي اعترضت علاقات «إسرائيل بدول مجلس التعاون في السابق، فانها تحلق عالياً» في المرحلة الراهنة.
تداعيات التدخل الروسي أميركياً
أعرب معهد أبحاث السياسة الخارجية عن اعتقاده بتراجع النفوذ الأميركي في منطقة الشرق الأوسط «والإعياء الذي لحق به على امتداد العالم». وأوضح انه ينبغي الإقرار بصحة بعض الادّعاءات لا سيما «انحسار قدرة الولايات المتحدة على استعراض قوتها ونفوذها في الشرق الأوسط منذ بدء إرسالها قوات لاحتلال المنطقة في أعقاب هجمات 11 ايلول». وأردف انّ من تداعيات الحرب والاحتلال الأميركي للعراق اننا «نلمس انعكاسات ونتائج مباشرة له من الدرجة الثانية والثالثة واللتين يتعيّن التعامل معهما لفترة زمنية مقبلة، فضلاً عن بروز العامل الإيراني الطاغي والأخطر».
استعرض مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية العوامل المحفزة «لنشوء الإرهاب وحركات التمرد»، ومنها بروز تنظيم داعش. وحمل المسؤولية الكبرى «للحكومات الإقليمية وقواها الأمنية، وتغاضيها عن تفشي الفساد وتوسع الفجوة الاقتصادية وإجراءات القمع المشدّدة». كما حمّل جزءاً من المسؤولية لسياسة الولايات المتحدة التي غاب عن ذهنها «ضرورة إعادة استخلاص الدروس من مواجهة حركات التمرد والإقلاع عن عدم اللامبالاة لتوفر خطة وتصوّر عسكري – مدني للمرحلة اللاحقة، وهرولتها لإنشاء قوات أمنية في الدول المضيفة وما تلبث ان تغادر على عجل».
وتناول مركز الدراسات أيضاً مسألة إلقاء سلطات مولدوفا القبض على شبكة لتهريب المواد المشعّة كقضية منفصلة في محطات اهتمامه. وأوضح أنّ «التوصل إلى دلائل وقرائن تربط تهريب المكونات النووية بمجموعات إرهابية يكتنفها الضبابية». لا سيما أنّ بعضها لا يخفي نواياه في امتلاك أسلحة نووية وبيولوجية مشعّة. وأشار الى مقال بقلم الرهينة الغربية جون كانتيل في عدد أيار 2013 لمجلة «دابق» التابعة لـ«داعش» يوضح فيه «عزم الدولة الاسلامية على شراء سلاح نووي»، ربما من باكستان، كما يشير المركز. واستطرد بالقول انّ المقالة المشار اليها «لا تشكل دليلاً قاطعاً بالضرورة لنوايا داعش، بل لا تؤشر على امكانية نجاحه» في المهمة.
انفراجات الاتفاق النووي
اعتبر معهد كارنيغي التوصل للاتفاق النووي بأنه «يوفر فرصة لإقامة نظام أمني جديد في منطقة الخليج»، موضحاً أنّ الأفق يعد بتحسين العلاقات بين دول الخليج وإيران «والتمهيد للتخفيف من الحشود العسكرية الأميركية» في المنطقة. واستدرك بالقول انه ربما سيحصد الحرس الثوري الإيراني بعض المكاسب نتيجة تنفيذه «بيد انّ الاتفاق قد يوفر مساحة أوسع زيادة في وتيرة المشاركة الثنائية بين الولايات المتحدة وإيران، مما يستدعي إقدام الولايات المتحدة على تعزيز انخراط إيران في التشكيلات الإقليمية وفي نفس الوقت تطبيق إجراءات مكلفة لطهران في حال مضيّها بإلحاق الأذى وتهديد جوهر المصالح الأميركية». وأوضح انّ الاختبار الأول لتلك العلاقة انعقاد مشاورات متعدّدة الأطراف للدول المجاورة «للبحث في قضايا تخصّ أمن الخليج، بغية تخفيف حدة التوتر وحلّ الخلافات وإدارة الأزمات والحيلولة دون وقوع صراعات».
تونس
إرهاصات الحكومة التونسية للتوصل إلى «عدالة مرحلية» كانت إحدى محطات اهتمام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، مؤكداً على تبلور وعي مبكر في هذا الاتجاه لدى «منظمات المجتمع المدني، منذ ما قبل اندلاع الاحتجاجات التي اطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في كانون الثاني 2011». واوضح انّ تلك المنظمات كانت تتطلع للاستفادة والاقتداء «بتجربة المغرب في تطبيق مسار عدالة مرحلية، كاستراتيجية فضلى للفوز بتنازلات سياسية وإصلاح أوضاع حقوق الإنسان للحيلولة دون الاصطدام المباشر مع اجهزة الدولة».
تركيا
حمّل صندوق مارشال الالماني الحكومة التركية المسؤولية الرئيسة للانفجار الذي تعرّضت له انقرة والذي «أظهر عدم جهوزية تركيا للتعامل مع موجة إرهاب جديدة»، نتيجة مضيّ حكومتها في «سياسة الإطاحة بنظام الرئيس الأسد مهما بلغت الكلفة، حتى ولو على حساب أمنها الداخلي الخاص». وأضاف انّ الحكومة التركية «سمحت لقوى المعارضة السورية باستخدام المنطقة الحدودية مع تركيا لتعزيزات وإمدادات لوجستية، مما عرّضها لانتقادات دولية على خلفية إحجامها عن اتخاذ تدابير تحدّ من تدفق المقاتلين الأجانب، معظمهم من أوروبا، الى سورية». وذكّر الحكومة التركية «بتحذيرات صادرة عن عدد من خبراء الأمن للآثار المترتبة عن المراقبة المخففة على الأمن القومي». ونبّه السلطات التركية الى انه بالرغم مما تمتلكه من خبرات متراكمة في «مواجهة حرب العصابات، واحتواء تيارات ايديولوجية تميل إلى أقصى اليسار»، ينبغي عليها الإقرار بأنه «ليس بوسعها تطبيق تلك الخبرات على الظرف الجديد الذي تواجهه تركيا».
مناظرة لتبييض السجل
خيّبت المرشحة للانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون توقعات خصومها، وهم كثر داخل الحزبين، والذين ما انفكوا عن إثارة الزوابع والعثرات في وجهها لحملها على الانكفاء عن الترشيح على أقلّ تعديل، والسماح لبروز آخرين على رأسهم نائب الرئيس جو بايدن، كما يُشاع.
أتاحت حيثيات المناظرة الإعلامية بين المرشحين عن الحزب الديمقراطي فرصة للشعب الأميركي التعرّف مجدّدا على السيدة كلينتون، مهّدت لها حملة إعلامية مكثفة منها استضافتها على برامج إعلامية ترفيهية تحظى بمشاهدة عدد كبير من الناخبين، بغية إعادة إنتاج وتسويق المرشحة صاحبة الوجه الحديدي والتعبيرات الحادّة.
المرشحون الخمسة، هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز ولينكولن تشافي وجيم ويب ومارتن اومالي، حافظوا على الظهور بمواقف تعزز وحدة الحزب وتنزع عنه الاختلاف في وجهات النظر والابتعاد عن سياسات الرئيس أوباما.
تميّزت السيدة كلينتون عن منافسيها، وفق آراء المعلقين واستطلاعات الرأي بعد المناظرة، بلفت الأنظار الى سجلها الطويل «المليء بالخبرة السياسية والقيادية»، وتعمّدت توجيه نصال انتقاداتها إلى خصومها في الحزب الجمهوري.
المنافس الصاعد، بيرني ساندرز، عبّر عن تضامنه مع السيدة كلينتون في وجه الحملة الشرسة من الحزب الجمهوري، لإثارته مسألة رسائلها الرسمية الالكترونية إبان توليها منصب وزير الخارجية. وقال ساندرز خلال المناظرة «الشعب الأميركي سئم الاهتمام برسائل البريد الملعونة»، معلناً بذلك ضرورة تصلّب ممثلي الحزب الديمقراطي في الكونغرس وإنهاء تلك المسألة «الهامشية»، وفق توصيفات قادة الحزب.
يُشار الى انّ السيدة كلينتون تعرّضت قبل مغادرتها منصبها في وزارة الخارجية الى حملة عدائية منظمة لتحميلها مسؤولية الاعتداء على البعثة الديبلوماسية الأميركية في بنغازي، 11 ايلول 2012، ومقتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز وأربعة آخرين.
شكل مجلس النواب بأغلبية الحزب الجمهوري منذئذ لجنة خاصة للتحقيق في تلك الحادثة رافقها صخب إعلامي بأنه ينبغي على السيدة كلينتون تحمّل المسؤولية كاملة، مما سيضعها خارج حلبة السباق الرئاسي تلقائياً. من المقرّر مثول كلينتون أمام لجنة التحقيق مرة أخرى الأسبوع المقبل.
زعيم الأغلبية عن الحزب الجمهوري والمرشح السابق لرئاسة مجلس النواب، كيفن مكارثي، مدّ إلى كلينتون حبل النجاة نهاية الشهر الماضي، ربما عن غير قصد، بقوله انّ «تشكيل اللجنة جاء بدافع النيل منها» وتقويض حظوظها الانتخابية. وتبعه عضو آخر عن الحزب الجمهوري مطلع الاسبوع، ريتشارد هانا، ليؤكد «زلة لسان» مكارثي بأنّ «… الجزء الأعظم الكامن وراء لجنة التحقيق استهدف شخص هيلاري كلينتون». وأضاف هانا في لقاءاته مع مؤسسات إعلامية مختلفة انّ تصريح مكارثي نابع من صدق الرواية ومحذراً من العرف السياسي السائد بأنّ «البوح بالحقيقة في واشنطن هو كبرى الخطايا».
الصعود السريع للمرشح الديمقراطي بيرني ساندرز أثار مخاوف حقيقية داخل حملة كلينتون، للاعتقاد بأنه يمثل «التيار الليبرالي» في الحزب ويذهب البعض لوصفه بـ«التقدمي». بعض الشخصيات النافذة في الحزب الديمقراطي وفرت الدعم لساندرز «نكاية بكلينتون»، التي كانت تتربّع على قمة تتويجها مرشحة للحزب «إلا إذا برز أحدهم من خلف الستار»، كما فعل المرشح آنذاك باراك أوباما، عام 2008، معرّضاً خط سيرها ونفوذها للانحدار والتدهور.
القضايا الخلافية
من نافلة القول رصد تراجع منسوب الاهتمام بالسياسة الخارجية بين صفوف الشعب الأميركي وبعض نخبه السياسية والفكرية، في المواسم الانتخابية، وتقدّم المسائل والقضايا الداخلية على سلّم أولوياته، والتي تتباين بين الحزبين بصورة بارزة. درج الحزب الجمهوري على إعطاء الأولوية للأمن وتخصيص الجزء الأكبر من الميزانيات السنوية لوزارة الدفاع بينما اعتاد الحزب الديمقراطي على النظر الى الأوضاع الاقتصادية واجترار مقولة «صون مكتسبات الطبقة الوسطى» من المجتمع.
بوسع المرء رصد أبرز القضايا والمواقف «الخلافية» بين مرشحي الحزب الديمقراطي، هي تباينات في معظمها بعيداً عن تنافر المواقف والرؤى، لا سيما بين المرشحيْن الأوفر حظاً: هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز، اللذين يدركان بعمق انّ بنية الحزب الديمقراطي بلغت درجة من التطور وتعكس تمثيل مصالح الأقلية الحاكمة الاوليغاركية كأنهما توأمان لا ينفصمان عن بعضهما. كما انّ حال الحزب الديمقراطي هذه تتماهى مع الحزب الجمهوري الذي يمثل الشريحة الحاكمة وكبار المستثمرين ورؤوس الأموال، وتنافسهما على ذات الأرضية.
بعض الأسئلة الموجهة للمرشحين في المناظرة لامست السياسة الخارجية الأميركية، خاصة لما يعتقدونه «أكبر تهديد للأمن القومي الأميركي». وجاءت المواقف متعدّدة ومتباينة في آن: هيلاري كلينتون اعتبرت الخطر في «انتشار الأسلحة النووية في إيران ومناطق أخرى»، وشاطرها الرؤية مارتن اومالي بيرني ساندرز لامس الحسّ الشعبي الأوسع باعتبار «التغيّرات المناخية وتلوث البيئة» الأشدّ خطراً. المرشح الآتي من خارج السرب، لينكولن تشافي، اعتبر مصدر الخطر في «الفوضى التي يتسم بها الشرق الاوسط». المرشح الذي يعتبره الكثيرون هامشياً، جيم ويب، اعتبر صعود الصين على المسرح الدولي من أهمّ الأخطار.
يُشار الى أنّ كلينتون صوّتت إلى جانب قرار شنّ الحرب على العراق عام 2003، وقدّمت اعتذاراً «سطحياً» في ما بعد وحازت على مكافأة توليها منصب وزير الخارجية، كما قالت. بيد انّ كلّ من ساندرز وتشافي اعتبرا العدوان والاحتلال الأميركي للعراق «أسوأ حماقة في السياسة الخارجية طيلة تاريخ الولايات المتحدة».
سورياً أيضاً تباينت مواقف كلينتون وساندرز، اذ تؤيد الأولى انشاء «منطقة حظر للطيران» داخل الأراضي السورية بينما عارضها سارندرز.
من بين القضايا الداخلية الهامة «تشريع المراقبة الشاملة» المعروف بقانون الباتريوت الذي يخوّل الأجهزة الأمنية وعلى رأسها وكالة الأمن القومي صلاحية المراقبة والتنصّت على المكالمات الهاتفية والرسائل الالكترونية لكافة افراد الشعب الأميركي. ومن أبرز تداعيات القانون «وثائق إدوارد سنودن» التي عرّت جهود وتقنيات الوكالة في المراقبة والتتبّع وتسجيل كافة الاتصالات الالكترونية والهاتفية عبر العالم.
كلينتون، كما كان متوقعاً، أسهبت في تشدّدها حيال مصير سنودن بأنه «ينبغي عليه المثول أمام المحكمة بتهمة جنائية وما يترتب عليها من عقوبة السجن مدى الحياة»، في أفضل الأحوال. ساندرز وتشافي أعربا عن معارضتهما للقانون وتخويل وكالة الأمن القومي صلاحيات مفتوحة دون ضوابط او قيود، وتعهّدا بإغلاق مشروع الوكالة للتجسّس الداخلي. وابدى الثنائي المذكور مرونة في الحكم على سنودن ومعاملته بالليونة والرأفة.
لا ينبغي ان يغيب عن الوعي قاعدة الدعم الأساسية التي ترتكز اليها هيلاري كلينتون، لا سيما في البعد الاقتصادي والتمويل. من أبرز داعميها ماديا الملياردير الصهيوني حاييم صابان، مزدوج الجنسية الأميركية و«الإسرائيلية»، الذي قدّم تبرّعات لصندوق «مؤسسة كلينتون» الخيرية، التي تتقاسم رئاستها مع زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون، تراوحت بين 10 الى 25 مليون دولار. صابان يسرف في إيضاح مواقفه الداعمة للكيان «الإسرائيلي»، مردّداً جملته المشهورة «ما يدفعني للتحرك قضية وحيدة، وقضيتي هي إسرائيل».
اعربت كلينتون مؤخراً عن وقوفها مجدّداً بصلابة الى جانب «إسرائيل» خلال المواجهات والهبات الشعبية الفلسطينية الجارية. وقالت بصريح العبارة: «انني قلقة لموجة الهجمات الاخيرة ضدّ الإسرائيليين، مشاعري وصلواتي الى الضحايا الإسرائيليين وعائلاتهم».
اما ساندرز «الاشتراكي المستقلّ»، كما يعرّف عن نفسه، اشتهر بانتقاده «بعض» ممارسات «إسرائيل» لاستخدامها «العنف المفرط» في عدوانها «المشين» على غزة صيف 2014، وحافظ على مسافة موقفه وعدم توجيه إدانة للكيان «الإسرائيلي» خاصة بعد الاتهامات الدولية بارتكابه جرائم حرب. إنصافا للمرشح ساندرز فقد كان أول من أعرب عن مقاطعته حضور خطاب نتنياهو أمام جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس. الثابت أيضاً انّ ساندرز، ذو أصول بولندية، «تطوّع للخدمة في الكيبوتزات الإسرائيلية» عام 1964، كيبوتزي «زيكيم» و«سعد» بالقرب من غزة، وكيبوتز «غآش» في وسط فلسطين المحتلة، وفق رواية شقيقه لاري ساندرز.
المرشحون الآخرون عن الحزب الديمقراطي لا يعوّل على تصلب عود ايّ من حملاتهم الانتخابية، بدليل تدني نسبة الرضى الشعبي، من جانب، وندرة التبرّعات المالية من الناحية الأخرى. يتشاطر اولئك في تثبيت السجل والتداول العام طمعاً بنيل مركز متقدّم في الإدارة الديمقراطية المقبلة، في حال الفوز.
الحاضر الغائب عن المناظرة والحملة الانتخابية نائب الرئيس جو بايدن، الذي سيشكل دخوله منافسة شديدة لكلينتون، بل سيعزز فرص فوز الحزب الديمقراطي بالانتخابات الرئاسية مرة أخرى. بيد انه لا يزال يقف على الحياد والتردّد على الرغم من مطالبة الكثيرين له بدخوله حلبة السباق الرئاسي. ومن المتوقع ان يعلن عن نيته بالترشح من عدمها في الأيام المقبلة.
في هذا السياق، تجدر الإشارة الى تشكل قطبي الحزب الديمقراطي والصراع الدائم بينهما، الذي توضحت معالمه مع نهاية الولاية الرئاسية الأولى للرئيس بيل كلينتون، منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي: قطب آل كلينتون الأقرب إلى الصقور والنخب السياسية والمصرفية الحاكمة، وقطب أكثر ليبرالية وانفتاحاً كان يتزعّمه السيناتور الراحل ادوارد كنيدي. وحمل لواءه المرشح آنذاك باراك أوباما ووفر له دعم قطاع واسع من النخب الفكرية والاستراتيجية التي ينتمي اليها نائب الرئيس جو بايدن. وعليه، فإنّ قرار بايدن النهائي سيأتي بهذه الخلفية واعتبارات إعلاء «القيم الديمقراطية» وتوسيع قواعد الحزب.
الإعداد المفصلي لعام 2016
على الرغم من الإنجازات السريعة للمرشحة كلينتون في أوساط الناخبين الديمقراطيين، إلا أنها تواجه تراجعاً امام خصومها المرشحين في الحزب الجمهوري، وبالتالي إمكانية هزيمتها في الانتخابات العامة لو أجريت وفق القواعد السارية.
استطلاعات الرأي الميالة للحزب الجمهوري، فوكس نيوز، تشير الى تراجع شعبيتها بنسبة 39 مقابل 51 للمرشحين الأبرز عن الحزب الجمهوري، دونالد ترمب وبن كارسون.
يراقب الحزب الديمقراطي تلك التحوّلات عن كثب، ويجترح الحلول للتغلب عليها. ضمن هذه الرؤية ينبغي النظر الى جهود استحضار «الغائب الحاضر» جو بايدن الذي ارتفعت شعبيته باضطراد مقابل التراجع عند كلينتون.
تراجع شعبية كلينتون مردّه انحسار مصداقيتها وعدم جدارتها بكسب ثقة الناخبين، وتجذر انطباع بانها مرشح ذو كفاءة «عادية الى متوسطة» على الرغم من مزاياها الشخصية وانتمائها المتين للمؤسسة الحاكمة.
اجرت صحيفة «بوليتيكو» استطلاعاً مع نحو 50 شخص من المستشارين والمموّلين والنافذين في الحزب الديمقراطي محوره التعرّف على حقيقة آراء الدوائر المقرّبة من السيدة كلينتون، والذين أجمعوا على انّ «فضيحة» الرسائل الالكترونية الرسمية تؤثر بسير حملتها كسرطان في الجسم، وتعزز الانطباعات الشعبية بانها «منافقة بالفطرة وعديمة الشعور بالمسؤولية بشكل لافت».
واضافت الصحيفة انّ «كلّ عنصر من كتلة الخمسين تقريباً اعتبر كلينتون مرشحة متوسطة باستطاعتها القيام بمهام الرئيس لو سنحت لها الفرصة». وأردفت انّ بعض اصدقائها المقرّبين «رسموا معالم شخصية كلينتون سياسياً وإسرافها في الحديث عن ضرورة اتخاذ العبر من الأخطاء السابقة لكنها تكرّر ارتكابها بصورة منهجية».
أمام هذه اللوحة القاتمة لا يزال السؤال المحيّر لماذا «فازت» كلينتون على منافسيها من المرشحين الآخرين. الإجابة نجدها لدى أسبوعية «ليبرالية» مختصة بشؤون الكونغرس والبيت الابيض «ناشيونال جورنال»، أوجزتها بأنّ كلينتون «محاورة بارعة» لا سيما انّ محور المناظرة الرئيس كان السياسات والبرامج الليبرالية، بعيداً عن سلوكياتها او فضيحة رسائلها الالكترونية الرسمية.
مرشحو الحزب الجمهوري
المرشح وحاكم ولاية اوهايو جون كاسيك، اتساقاً مع هوس حزبه بأولوية المخصصات العسكرية، فاجأ منافسيه بإعلانه المبكر عن معالم رؤيته للميزانية الفدرالية، كركن أساسي من حملته الانتخابية المتعثرة، أوضح فيه نيته زيادة الإنفاق على الشؤون العسكرية بنسبة 17 .
المرشح الملياردير دونالد ترمب لا يزال يحتلّ المرتبة الأولى بين الناخبين، 47 لمزاياه القيادية، على الرغم من صعود غير مرئي للمرشح بن كارسون بنسبة مماثلة بدافع صدقيته، وتراجع حظوظ المرشح المفضل للمؤسسة جيب بوش بشكل لافت. وما يتبقى من مرشحين يتقاسمون نسبة ضئيلة من التأييد الشعبي، تتراوح بين 1 الى 10 في حدودها القصوى.
معايير القاعدة الانتخابية في الحزب الجمهوري تولي أولوية قصوى لتمتع المرشح بخبرة إدارية وعملية في القطاع الخاص، 55 ، مقابل الخبرة السياسية او العمل بالشأن الحكومي، 10 . تلك النسب الثابتة ربما تفسّر تعلق الناخبين بالمرشح دونالد ترمب على الرغم من وعي غالبيتهم بسطحية تفكيره وآرائه.