كيري… لافروف… الجبير
عامر نعيم الياس
قال مصدر دبلوماسي في وزارة الخارجية الروسية إن وزراء خارجية روسيا سيرغي لافروف، والولايات المتحدة جون كيري، والمملكة العربية السعودية عادل الجبير، قد يعقدون لقاء ثلاثياً حول سورية في فيينا في الأيام القريبة المقبلة. تصريح أتى بعد «مبادرة»، وفق توصيف وزارة الخارجية الروسية، أطلقها وزير الخارجية الأميركي جون كيري من أجل تحريك الأمور في سورية تشمل لقاءات مع مسؤولين أتراك وأردنيين وسعوديين وروس.
يشير ما سبق إلى وجود رغبة أميركية ولو شكلية بتحريك المسار السياسي التشاوري في البداية حول الأزمة السورية لبلورة موقف جامع بين الأقطاب الإقليمية المختلفة المشاركة في الأزمة، من دون أن تشمل المشاورات طهران.
ومع أن هذا الأمر قد يُعيدنا إلى نقطة الصفر في ضوء التعقيد الذي بات يميّز المشهد الميداني السياسي في سورية، إلا أن تسريب الخارجية الروسية لأنباء عن لقاء ثلاثي يضمّ وزراء خارجية أميركا وروسيا والسعودية في فيينا، يشير إلى وجود توجّه ما لبلورة نقاط اتفاق مشتركة بين الدول الثلاث حول سورية، وهو ما لا يمكن أن تخرج فيه موسكو عن الخطوط الحمر الإقليمية لمحور المقاومة في سورية والتي بات الكرملين جزءاً من جهده السياسي والميداني. هذا التوجّه إلى محاولة لإيجاد صيغة توافقية ما وبداية حصول تحوّل من الأزمة السورية يفرضه العاملان التاليان:
ـــــ انقلاب المسارات في الداخل السوري مع الاندفاعة الميدانية غير المسبوقة للجيش السوري والقوات الرديفة على أكثر من جبهة في شمال البلاد ووسطها وجنوبها. هذا التحرّك البري الفعال، والذي أتى فقط بعد خمسة أيام من بدء الغارات الروسية الجوية على مواقع المجموعات الإرهابية في سورية، يجبر الدول المعادية للدولة السورية على طرح التساؤل التالي: ما هو المشهد الميداني أوائل العام المقبل، هل يكون عندها للتحوّل في الموقف السياسي جدوى؟ على ماذا سيفاوض الأميركيون الروس في سورية لو تم تحقيق إنجاز نوعيٍ مدوٍ ربما في شمال البلاد أو في جنوبها، بالتزامن مع مصالحات مرتقبة يدفعها الضغط الميداني لجبهات الهجوم المفتوحة للجيش السوري والتي تشمل إحداها الغوطة الشرقية ومحيط العاصمة دمشق؟
إن هذه التساؤلات قد تدفع واشنطن إلى محاولة تليين الموقف السعودي من الأزمة السورية والاتجاه أكثر نحو تبني مقاربة موضوعية وأقرب إلى الواقع وليست شخصية.
ــــ تصريحات وزير الخارجية السعودي في فيينا وإن أصرّت في الشكل العام على ملف التنحّي الذي لا يزال آل سعود يحلمون بتحقيقه إلا أنها تخلّت، أولاً، عن شرط التنحّي المسبق للدفع بالعملية الانتقالية، حيث قال الجبير حرفياً، خلال مؤتمر جمعه في الرياض ووزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، إنه «يجب أن يتنحّى الأسد بعد تشكيل الهيئة الحكومية الانتقالية». وثانياً وهو الأهم، فإن وزير الخارجية السعودي اعتمد لعبة المصطلحات الفضفاضة الأميركية في ما يخصّ الجدول الزمني للعملية الانتقالية والذي بات وفق الجبير مفتوحاً ورهناً بما يقرره الشعب السوري، حيث أردف قائلاً «إذا تمّ الأمر اليوم أو بعد أسبوع أو خلال شهر، الشعب السوري هو مَن يقرّر».
الاجتماع المرتقب لوزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والسعودية قد يضع لافروف وكيري في مواجهة الجبير، وليس كيري والجبير في مواجهة لافروف، في ضوء إدراك أميركي أكثر واقعية للوضع في سورية وبعيداً من الشخصنة الحاقدة عند آل سعود، إن لم تحصل تطورات جديدة.
كاتب ومترجم سوري