روسيا تتريّث في الردّ على دعوة كيري… وتفضّل مجموعة التواصل لجنيف بدء النزول السعودي عن شجرة التصعيد في سورية واليمن تحت الضربات

كتب المحرّر السياسيّ

رمى وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالون اختباره ولا يزال ينتظر الجواب الروسي، ومثله فعل الذين سمّاهم من جماعته كمدعوّين، التركي والسعودي والأردني، فلاذوا جميعاً بالصمت تجاه فرص انعقاد الاجتماع، بينما صرّح مصدر دبلوماسي في وزارة الخارجية الروسية، بأنّ وزراء خارجية روسيا سيرغي لافروف، والولايات المتحدة جون كيري، والمملكة العربية السعودية عادل الجبير، قد يعقدون لقاء ثلاثياً حول سورية في فيينا خلال الأيام القليلة المقبلة، وعلى صعيد متصل، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنّ وزير الخارجية سيرغي لافروف بحث خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير مسألة تسوية الأزمة السورية… ولفت البيان إلى أنّ الوزيرين ركّزا على الوضع في الشرق الأوسط، حيث موجود حالياً الوزير الألماني، بما في ذلك جهود المساهمة في تسوية الوضع في سورية. وسارع ديميتري بيسكوف، السكرتير الصحافي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى الإعلان أنّ الحديث لا يدور عن احتمال بحث المسألة السورية مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في موسكو على أعلى المستويات، مضيفاً أنّ الخارجية الروسية هي التي تدرس الفكرة المطروحة من قبل جون كيري.

مصادر إعلامية روسية متابعة لملف المحادثات حول سورية، نقلت عن نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، أنّ موسكو تفضّل عدم إيجاد مسارات متضاربة في التحضير لجنيف الثالث، وقد تمّ الاتفاق على مجموعة تواصل تضمّ بالإضافة إلى روسيا وأميركا تركيا والسعودية ومصر وإيران، ولا مانع بانتظار تبلور فرص انعقاد المجموعة من عقد اجتماعات ثنائية وثلاثية تمهّد لها الطريق من دون الإيحاء بالحلول مكانها.

فكرة الاجتماع الثلاثي الأميركي الروسي السعودي، يضعها المتابعون للموقف السعودي، في خانة طلب المساعدة الأميركية من روسيا لمدّ اليد مرة أخرى ومحاولة تقديم السلم للسعودية لتسهيل نزولها عن شجرة التصعيد، بعدما بدا أنّ الخسائر التي يُمنى بها المسلحون الذين كانت تراهن عليهم في سورية، من الصعب تفاديها، والخوض بمناورات سياسية تحميهم في ظلّ قرار روسي حاسم في مسألة تصنيف الجماعات الإرهابية، وعدم الاستعداد لمناقشتها خارج معايير الأمم المتحدة، بينما في اليمن بدا أيضاً أنّ الوصول إلى طريق مسدود يستدعي المسارعة إلى دفع منصور هادي للدخول في المسار التفاوضي الذي لا تنفع معه عمليات التذاكي، فالواقع الميداني يقول إنّ حكومة تحكم اليمن بكامل جغرافيته، لا تقوم لها قائمة من دون أن يمتلك الحوثيون وحلفاؤهم نصف مقاعدها.

مؤشرات النزول السعودي عن الشجرة، أو الاستعداد له، برزت مع الكلام الذي قاله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية ألمانيا فرانك شتاينماير، تراجع فيه عن الحديث عن الرحيل الفوري للرئيس السوري كشرط للحلّ السياسي، متحدثاً عن دور الرئيس بشار الأسد في التحضير للحلّ، ومن ثم الحديث المتلعثم عن رحيله بناء على إرادة السوريين، «الذين يبقى القرار لهم في النهاية»، ما بدا تمهيداً للقبول بحلّ سياسي تقرّر فيه صناديق الاقتراع التي يقول عبرها السوريون ماذا يريدون، مستقبل المؤسسات الدستورية في سورية وليس الاشتراطات الخارجية، وهو ما تدعو إليه روسيا وسورية وإيران.

لبنانياً، بدت ملامح الخروج من عاصفة ربط النزاع التي أطلقها وزير الداخلية نهاد المشنوق واستدعت رداً رادعاً من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وفقاً لمعادلة «اللي بدّو يفِلّ يفِلّ»، فأعاد المجلس النيابي التجديد للجانه عضوية ورئاسات، من دون تعديلات تُذكَر بهدوء لافت، وكشفت مصادر نيابية عن نجاح رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالحصول على موافقة شبه إجماعية على دعوته لعقد جلسة تشريعية يُدرج على جدول أعمالها إضافة للبنود الملحّة مالياً، مشاريع قوانين الانتخابات النيابية واستعادة الجنسية، بينما بقي الغموض يلفّ موعد جلسة الحكومة المخصّصة للبتّ بشأن النفايات، مثل الغموض المتصل باستئناف الحكومة جلساتها المنتظمة، بعدما كسر تيار المستقبل جرّة التعاون مع التيار الوطني الحر حكومياً، مع إفشال التسوية الخاصة بتأجيل تسريح العميد شامل روكز.

الرئيس القويّ مقابل رئيس الحكومة القويّ

خرق توسّل رئيس المجلس النيابي نبيه بري الكتل السياسية الحضور إلى المجلس النيابي للمشاركة في الجلسة العامة مع بدء العقد العادي الروتين السياسي الذي يُحيط بعمل الحكومة العالقة، بسبب تعنت تيار المستقبل وسياسته الاستئثارية المتهورة الرافضة منطق الشراكة الحقيقية، بإيعاز من السعودية المتشنجة التي بحسب مصادر من تيار المستقبل لـ«البناء» تبدي قلقاً من النفوذ الإيراني والتخلي الغربي عنها بعد الاتفاق النووي والحرب الإعلامية الغربية التي تُشنّ ضدها، وهذا يجعلها تتخذ مواقف حادة فهي تخوض عبر تيار المستقبل معركة وجودية لها في لبنان كما تخوض حرب الضرورة في اليمن. هذا ما يجعل المصادر لا تستغرب أن تطير الحكومة ويطير الحوار في لحظة ما، ولا نعلم إلى متى «بدّو حزب الله يطوّل باله ويتحمّل»!

وإذا كان التوجه السياسي العام سيدفع إلى عقد جلسة تشريعية قريباً، فإن المشهد اليوم في الجلسة الثلاثين لانتخاب رئيس الجمهورية لن يشبه مشهد جلسة التمديد اللجان النيابية أمس، فمشهد الأمس ينتظر التسويات الإقليمية الكبرى لا سيما مع التدخل الروسي الذي لن يقلب المعادلات، فحسب بل سيخلق جواً لحل سياسي في سورية سينعكس إيجاباً على لبنان بالاتفاق على تسوية الرئيس القوي مقابل رئيس الحكومة القوي.

وجدّد مجلس النواب أمس، انتخاب هيئته العامة ولجانه النيابية من رؤساء ومقررين وأعضاء. وعقد اجتماع بين بري ورئيس الحكومة تمام سلام تناولا خلاله الوضعين الحكومي والتشريعي وسبل تفعيلهما، خصوصاً لجهة إقرار اتفاقات القروض والمساعدات المالية للبنان.

ولتنسيق الموقف من عقد جلسة تشريعية، التقى رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة ونائب رئيس حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان الذي أكد أن «قانون الانتخابات الجديد هو من القضايا الضرورية والملحّة»، داعياً لـ«إقرار قانون انتخاب جديد يتضمّن النسبية»، ومعتبراً «أن الحكومة ضرورة مؤسسية كي لا يكون هناك فراغ».

قانون الانتخاب والجنسية

وأعرب تكتل التغيير والإصلاح عن تأييده لتشريع الضرورة فقط فيما يتعلق بالأمور الاستثنائية، لافتاً إلى أن تشريع الضرورة يتصل بأمرين كالقوانين المتعلقة بمصلحة الدولة العليا وإعادة تشكيل السلطة، ومعتبراً قانون الانتخابات واستعادة الجنسية هما أساس تشريع الضرورة. وفي بيان عقب اجتماعه الأسبوعي تلاه النائب إبراهيم كنعان، اعتبر التكتل أن «هناك صفتين لا يستطيع أحد تجاوزهما في موضوع الرئاسة، الصفة الأولى تتعلق بشخص الرئيس، وهي أن يكون ميثاقياً وقوياً ببيئته، أما الصفة الثانية، فهي العودة إلى الشعب، وهذه الصفة مقدّسة ولا يحق لأحد التراجع عنها».

أكد مصدر في التيار الوطني لـ«البناء» أن التيار الوطني الحر «مستعد للمشاركة في أي جلسة للمجلس النيابي يدعو إليها الرئيس نبيه بري، لكن يجب الاتفاق أولاً على جدول أعمال الجلسة وعلى الأولويات ومفهوم تشريع الضرورة في غياب رئيس الجمهورية»، وشدّد على أن التيار «يعتبر أن قانون الانتخاب وقانون استعادة الجنسية، يندرجان ضمن مفهوم تشريع الضرورة وإذا لم يتم وضعهما على جدول الأعمال، فلن يشارك التيار في أي جلسة». وأشار المصدر إلى «أنه إذا طُرح قانونَي الانتخاب والجنسية في الجلسة ولم يتم التوافق عليهما خلالها، فالتيار سيحترم إرادة المجلس النيابي وسيتابع البحث والنقاش في الملفات الأخرى المدرجة على جدول الأعمال».

وشدّد المصدر على أن التيار «متفق وحلفاءه في 8 آذار على ضرورة إقرار قانون انتخابي على أساس النسبية»، معتبراً «أن عدم التوافق على قانون استعادة الجنسية وبقاءه في أدراج المجلس يعبران عن إرادة بعض الأطراف بعدم تطور التشريع في لبنان وعدم استعادة المواطنين حقوقهم».

الجلسة العامة لا تتوقف على حضور الكتائب

وأكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» أن انعقاد الجلسة العامة لا يتوقف على حضور نواب الكتائب الجلسة أو عدمه، لكننا سننظر بإيجابية إلى كل شيء يخلق دينامية دستورية في البلد من انتخاب الرئيس إلى عمل المجلس النيابي وتفعيل العمل الحكومي»، لافتاً إلى «أنه يفترض أن تكون القوى السياسية متفهمة الوضع المعقد في البلد وتأخذ بعين الاعتبار الإنذارات الدولية حفاظاً على النقد اللبناني». وفي الشأن الحكومي، أكد قزي أن لا جلسة لمجلس الوزراء قريباً ، فالوضع لا يزال متأزماً سياسياً، وكذلك الأمر لا جلسة للنفايات طالما انه لم يتم الاتفاق على مطمر في البقاع الشمالي حتى الساعة».

ردّ حزب الله على المشنوق يخدمه!

وأكّدت كتلة «المستقبل» تمسكها بالحوار والحكومة ودعمها للرئيس تمام سلام، معتبرةً أنّ موقف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بشأن الحكومة «يعبّر عن كل اللبنانيين». واستنكرت كتلة المستقبل «الجانب الاستعلائي من كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لجهة المشاركة في الحكومة».

واعتبرت مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ«البناء» «أن كلام المشنوق ليس إلا محاولة منه لاستعادة الشارع السني الذي خسره بسبب سياسته الاعتدالية»، لافتة إلى «أن رد حزب الله عليه خدم المشنوق أكثر، فالحزب ليس من مصلحته أن يُضعف المشنوق على الإطلاق في الشارع السني وان في الرد محاولة تعويم على حساب بعض الصقور».

في المقابل، أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن ردّ السيد نصر الله على تيار المستقبل فاجأ هذا التيار بشكل كبير وأربكه وأدخله في مكان لم يكن يضعه في الحسبان، فالرئيس سعد الحريري الذي عوّد اللبنانيين بأن يغرّد عبر تويتر بعد كل خطاب للسيد نصر الله، امتنع بعد الإطلالة الأخيرة للسيد عن الردّ أو التغريد». وشدّدت المصادر على «أن طريقة التعاطي الإعلامي من تيار المستقبل كان فيها الكثير من الصمت من إرادة عدم التورط في ردود فعل تصاعدية غير محسوبة، ويبدو أن أول إشارة حول إمكانية وجود موقف جامع وقدرة الحريري على ضبط الردّ ضمن الموقف الموحّد جاءت من خلال بيان الكتلة أمس، في محاولة حصر الانقسام الكبير الذي يعصف بالتيار وتتحكم به رؤوس عدة»، مشيرة إلى «أن غياب الرئيس الحريري المسؤول الرئيس عن رسم السياسة العامة للتيار أوصل الأمور إلى هذا المستوى من الشرذمة والانقسام وتعدّد المواقف». ولفتت المصادر إلى «أن موقف المشنوق أتى انعكاساً لهذه الأجواء، وأن السيد نصر الله تلقّف الطابة وردّها بقوة وأسقطها في يد تيار المستقبل فأحرجه».

لا مطامر في البقاع

وفي ملف النفايات، علمت «البناء» أن اجتماعاً حصل مؤخراً بين رؤساء اتحادات بلديات البقاع ا وسط والبلديات المنضوية ضمنها وبين اللجنة البيئية المكلفة من الحكومة – خطة شهيب، وبعد مدّ وجزر ونقاش دام لساعتين ونصف الساعة، حاولت لجنة شهيب إقناع وفد الاتحادات والبلديات عبر تقديم حوافز وجرعات مالية للبلديات المحيطة بموقع المطمر والبلديات التي ستضع نفاياتها فيه، إلا أن البلديات رفضت ا مر كلياً مهما كانت الحوافز وا غراءات». ونقل أحد الحاضرين في الاجتماع ردة فعل رؤساء البلديات بإجماع «لا تتعبوا أنفسكم… ا مر منتهٍ ولا مكبَّ ولا مطامر في البقاع. كل البقاع والقوى الحزبية المعنية معنا من منطلق مصلحة المواطن». ولفت إلى «أن المطامر في البقاع غير قابلة للتنفيذ ونفايات بيروت تُحلّ في بيروت».

وأكد مصدر مقرّب من حزب الله وحركة أمل لـ«البناء» «أن الموقع المنوي استحداثه كمطمر في شرق مدينة زحلة – رياق – كفرزبد – عين كفرزبد انتهى إلى غير رجعة وغير قابل النقاش فيه أصلاً. وأن المطمر الذي يجري الحديث عنه في البقاع الشمالي الهرمل – القاع رغم عدم قابليته للتنفيذ، فإن ظروفاً أمنية تحيط به لا تسمح بتشغيله». وكان اجتماع عُقد في المجلس على هامش جلسة انتخاب اللجان ضمّ نواباً من حزب الله وحركة أمل في البقاع بحثوا موضوع المطمر المُزمع إقامته في منطقة البقاع الشمالي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى