المقاومة والشرعيّة الدولية
د.شفيق أنطون
كرّس القانون الدولي والمواثيق الدولية حق الشعوب في المقاومة والتخلص من الاحتلال، عبر إدراج هذا الحق في بعض الاتفاقيات، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1 – اتفاقية مؤتمري لاهاي 1899 و1907، إذ أعلنت هذه الاتفاقية صراحة قانونية المقاومة الوطنية ضدّ الاحتلال والعدوان، وعرّف الشعب القائم أو المنتفض في وجه العدو بأنه «مجموعة المواطنين من السكان في الأراضي المحتلة، الذين يحملون السلاح ويتقدمون لقتال العدو، سواء كان ذلك بأمر من حكومتهم أو بدافع من وطنيتهم، وتنطبق عليهم صفة المحاربين شرط حمل السلاح علناً والتقيد بقوانين الحرب».
2 – ميثاق الأمم المتحدة، إذ اعتبرت المادة 51 من الميثاق أن «ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة». بيد أن الدول الاستعمارية أصرّت على تفسير حق الدفاع عن النفس على نحو لا ينطبق على الواقع، فادعت أنه يقتصر على الدول فحسب من دون الشعوب، ورفضت بالتالي مبدأ حروب التحرير وحركات المقاومة الشعبية.
3 – الاتفاقيات حول حقوق الإنسان، إذ اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 2674 سنة 1970 والتي أعادت تأكيدها أنّ الأشخاص الذين يساهمون في حركات المقاومة وكذلك المواطنين، لأجل الحرية، يجب أن يعاملوا لدى القبض عليهم كأسرى حرب، وفقاً لمبادئ اتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 وعلى وجوب تجنب حروب العدوان والنزاعات المسلحة.
لو ألقينا نظرة على وضع المقاومة في لبنان لوجدنا الأحزاب الوطنية تمسكت بحقها في المقاومة، وكذلك فعلت المقاومة الإسلامية حتى استكمال التحرير عام 2000.
جسّدت المقاومة حقّها في تحرير الأرض من المحتلّ بمختلف الوسائل المتاحة، حتى ارتعب من عملياتها الاستشهادية، فضلاً عن العمليات الرشيقة، ولذا نرى أن المقاومة الإسلامية المتمثلة خاصة بحزب الله تابعت ولا تزال مسيرة التحرير عبر ارتكازها على بعدين استراتيجين:
1 – البعد الاول: العمق القريب المتمثل بالجمهورية العربية السورية، المؤيد على نحو تام للمقاومة كنهج نضالي تحررّي.
2 – البعد الثاني: العمق الاقليمي المتمثل بالجمهورية الإسلامية في إيران التي رفعت علم فلسطين منذ بداية انتصار ثورتها.
في البعد الأول نجد انّ النهج السوري في المفهوم التحرري، من خلال موقفه من الثورة الفلسطينية، قدم الدعم بكلّ ما تملك سورية من طاقات لإبراز الهوية الفلسطينية الشامية العربية صاحبة حق في العودة وفق القرارات الدولية، ناهيك عن الدعم الكامل للقوى والأحزاب الوطنية في لبنان، مجسّدة بذلك فكرها القومي المنطلق من رؤية معرفية قومية لا تعرف العصبيات الطائفية والمذهبية والعرقية.
على هذا النحو كان موقف الجمهورية العربية السورية مع «المقاومة الإسلامية» على قاعدة جهادية، مكّنها من تحقيق الانتصارات المتتالية في ميادين الصراع العسكري والسياسي، حتى بلغت يوم 25 أيار عام 2000.
أما خلفية البعد الإقليمي- الإيراني في دعمه للمقاومة في لبنان، يستند إلى رؤية معرفية تتعلق بوعي قادتها لفكرة الحرية ورفضهم واقع العبودية أينما كان، فالحرية لدى القائد المرجع هي تكليف شرعي معيارها المعرفة التي تعمّ المجتمعات المستضعفة لتبلغ مستوى المجتمعات القوية، إذ «إن المجتمع معرفة والمعرفة قوة» سعاده .