قراءة في زيارة الأسد موسكو

ماجدي البسيوني

في زيارة وُصفت بالخاطفة الى موسكو التقى الرئيس بشار الأسد بنظيره الروسي فلاديمير بوتين لمدة ساعة واحدة في مقرّ الرئاسة الروسية مساء الاثنين الماضي، ليعود بعدها الرجل الى مقرّه في دمشق بعدها بساعات محدودة، وفي تزامن ما بين موسكو ودمشق تمّ إعلان الزيارة.

على مدى فترة الزيارة، كانت أخبار ضربات التحالف الروسي السوري تتفوّق على مثيلتها منذ بداية انطلاقها قبل ثلاثة أسابيع على طريقة تحية استقبال الرؤساء، إذ وصل عدد طلعات الطيران الروسي إلى ما يزيد على سبعين طلعة حطمت ما يزيد على 65 هدفاً قيل إنها كانت للعمود الفقري للجماعات الإرهابية بمختلف أسمائها وتنوعاتها وليس فقط على «داعش»، بل جاءت قاصمة لـ»الجبهة الاسلامية» و»النصرة» على حدّ ما أذاعت قناة «العربية» السعودية التي تريد بهذا أن توجه رسالة كما اعتادت بأنّ هاتين المجموعتين خارج النص الإرهابي على غير ما ذهبت إليه قرارات مجلس الأمن التي أدرجت «النصرة» كمجموعة إرهابية بامتياز، وفي ظل تنامي حالة التخبّط في المواقف الأميركية بما فيها الإعلان المستمرّ من قبل أدوات الدعاية الاميركية التقليل من نجاحات التحالف الروسي ـ السوري.

زيارة الأسد جاءت أيضاً في اليوم الذي أعلن فيه البنتاغون اتفاقه على مذكرة روسية تحدّد المجال الجوي، كما جاءت في التوقيت الذي استدعت فيه روسيا مسؤول الناتو بعد اقتراب طيرانه من طائرة مدنية روسية كانت تقلّ عدداً من أعضاء الدوما.

الزيارة كما جاء على لسان الرئيس بوتين جاءت بناء على دعوة، ولهذا كانت الجملة الأولى له: نشكركم على تلبية الدعوة… ما بثته وسائل الإعلام الروسية حول ما ذكره بوتين بالنص فحواه، أنّ روسيا ستستمرّ في دعم سورية وأنّ بوتين سيدعو دولاً أخرى للاشتراك في عملية السلام المقبلة.

بوتين نفسه قبل إعلان الزيارة وقبل وصول الرئيس الأسد ظهر في كلمة متلفزة يشكر سلاح الطيران الذي أبدى حِرفية في العمليات التي يديرها في سورية، مؤكداً أنّ روسيا لن تكفّ إلا بعد دحر كلّ الإرهاب عن الأراضي السورية، ولم يخف خطته في ضرب الإرهاب المنتشر في كامل المنطقة، في إشارة منه إلى العراق أيضاً، رغم المحاولات الأميركية الضغط على العراق لعدم امتداد الضربات الروسية إليه، وهو يعلم تماماً أنّ العراق سبق وجرّب الرفض للمطالب الأميركية حين حثتهم على منع مرور الجسر الجوي لسورية.

زيارة الرئيس بشار الأسد في ظني تحمل في ما تحمله جانب مكمل للدبلوماسية الروسية التي تواصل تأكيد ضرورة الحلّ السياسي في سورية، ما يشجع من يطلق عليهم ـ المعارضة ـ لا يجدون عملياً سوى موسكو مكاناً للحج المقبول، ولهذا جاء أول ردّ فعل للزيارة من رئيس هيئة التنسيق ـ حسن عبد العظيم ـ من أنها ستدعم نظام الأسد فقط فيما هو يريد على حدّ قوله ضغوطاً على النظام لتنفيذ «ترّهاته» رغم تلوّنها مرات ومرات، وهي في النهاية تعني إبعاد الأسد عن الحكم، أو على الأقل قيادة مشتركة يكون فيها للأسد الثلث وللمعارضة الثلث ولجمعيات أهلية الثلث المتبقي، ولهذا يطالب بالإسراع بعقد جنيف 3 كمحاولة منه لمدّ يده إلى كلّ الأطراف التي لها أجندات داخل سورية، ولم يقترب من ترك الأمر للشعب السوري ليقرّر مصيره بنفسه كما تذهب روسيا، وكما يوافق الرئيس الأسد.

الزيارة كانت على الجانب السوري، كما جاء في كلمة الرئيس الأسد تقديم الشكر الذي يحمله كلّ سوري لروسيا الدولة الصديقة الداعمة للسيادة والمتفهّمة أنّ الإرهاب نفسه كان سيتمدّد ـ حسب قول الرئيس الأسد ـ وهذا ما يقرّه الرئيس بوتين من أنّ روسيا بموقفها تدافع عن حدودها الأقرب لساحات العمليات الإرهابية، فيما لو عرفنا أنه قبيل الزيارة بسويعات قليلة أعلنت روسيا اعتقال مئات الإرهابيين على الأراضي الروسية نفسها.

التوافق في ظني كامل بين الأسد وبوتين، ويتلخص في إنهاء الإرهاب تماماً، ثم إجراء عملية سياسية تتلخص في منح الشعب الحق في اختياراته الواجبة، بالإضافة الى منح الأكراد تحديداً مساحة سياسية على أرض الواقع، وهذا ما يثير جنون أردوغان الذي حتماً سيرضخ، إما بصندوق الانتخابات، وإما بالجزرة التي تعني «الغاز» الروسي ومحطة الكهرباء الروسية بتكلفة استثمارية روسية تقدّر بـ 100 مليار دولار.

الزيارة تمنح في ما تمنحه شدّ ظهر المواطن السوري والجيش العربي السوري في المقدّمة، لهذا ستدفع في الأيام المقبلة لحسم الجبهات كافة وفي المقدّمة الجبة الشمالية في حلب، وستصل إلى الحدود مع العراق وستجعل الجنوب السوري من درعا وحتى كامل القنيطرة في مأمن… الزيارة ستفتح الباب على مصراعيه لإيران حتى تقدّم المزيد من الدعم الميداني لسورية، وهذا ما تعنيه الزيارة الرفيعة المستوى إلى موسكو لمسؤولين إيرانيين فوراً بعد مغادرة الرئيس الأسد.

وأخيراً، إنّ الزيارة في ظني ستدفع الدبلوماسية الأميركية في المزيد من التخبّط.

رئيس تحرير جريدة العربي ـ مصر

Magdybasyony 52 hotmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى