فعلها الشيطان الأكبر… أميركا تدعم «داعش»

حسين الديراني

لن ينطلي علينا ادّعاء أميركا محاربة الإرهاب، فدولة قامت على الإرهاب وقتل الهنود الحمر وإبادتهم لا تقوم ولا تقوى ولا تستمرّ إلاّ على دعم الحركات الارهابية في العالم وصنعها، ولقد زرعت دولة صهيونية إرهابية في جسد الأمة.

كما لا يُخفى على أحد من صنَع حركة طالبان وأخواتها، ومن دعم الجماعات التكفيرية الإرهابية وموّلها في منطقتنا في مهمّة إشاعة الفوضى، وعدم الاستقرار، وترويع البشر، وهدم الحجر، وقطع الشجر، وتقسيم المقسّم، وإثارة الفتن والنعرات المذهبية في كلّ بقعة من بقاع عالمنا العربي والإسلامي، تارة باسم الحرية، وتارة باسم إقامة دولة الخلافة الإسلامية، فهو الشيطان الأكبر أميركا كما وصفها الإمام الخميني الراحل، وكان تشخيصه دقيق الوصف، وحقيقة الأمر والواقع.

سمعنا كثيراً تصريحات المسؤولين السياسيين والعسكريين الأميركيين عن نيّتهم دعم الجماعات المعارضة «المعتدلة» للنظام السوري كما تسمّيها أميركا بأحدث الأسلحة المتطوّرة لقلب ميزان القوى في سورية، بعدما تقهقرت جميع الجماعات المسلحة الإرهابية أمام ضربات الجيش العربي السوري وحلفائه، وبات إعلان النصر الحاسم قريباً، خصوصاً بعد ملحمة الانتخابات التي خاضها الشعب السوري في الداخل والخارج، والتي أفضت الى تجديد الثقة العارمة بالرئيس الدكتور بشار الأسد رئيساً وقائداً للجمهورية العربية السورية.

أمام هذه الانتكاسات كلّها للسياسة الأميركية وحلفائها في الميدان السوري الذي حطم مختلف أشكال الإرهاب المدعوم أميركياً وخليجياً وتركياً، وأعاد الرئيس بشار الأسد رئيساً بانتخابات مليونية حرة نزيهة، والميدان المصري الذي أبعد «الإخوان المسلمين» حلفاء أميركا عن الساحة السياسية، والميدان الروسي في أوكرانيا الذي أعاد شبه جزيرة القرم إلى روسيا، كان لا بدّ من الانتقام في مكان آخر، وليس هناك مكان أهمّ من العراق لأسباب عديدة.

أولاً: الإحساس والتقدير بأنّ حلف المقاومة بات أكثر قوة من أي وقت مضى، وهو ممتدّ من إيران الى العراق فسورية ولبنان من دون أيّ فواصل جغرافية.

ثانياً: مراقبتها زعماء دول الخليج وهم يتسابقون إلى زيارة طهران ودعوتها إلى تعزيز العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية القوية مع دول الخليج.

ثالثاً: قلق الدولة الصهيونية وضغطها على الإدارة الأميركية للقيام بعمل عسكري ضدّ المنشآت النووية الإيرانية بدلاً من التفاوض للوصول الى حلّ سلمي للملف النووي الإيراني السلمي.

كانت محافظة نينوى والأنبار أفضل خيار للإدارة الأميركية في قلب الأوراق، لما لها من أهمية استراتجية جغرافية لقطع شريان كبير من جسد محور المقاومة، وهي تعلم البيئة الحاضنة للإرهابيين في تلك المحافظات.

بعد الهجوم «الداعشي» المدعوم أميركياً وخليجياً وتركياً، واحتلال محافظة نينوي التي تضمّ أكبر المدن العراقية الموصل من دون مقاومة، وضمن خطة مسبقة مع الأجهزة العسكرية والأمنية الخائنة، تكون أميركا قد وفت بتعهّداتها في تقديم الدعم العسكري والمالي للجماعات الإرهابية المسلحة المقاتلة في سورية والعراق، فما غنمته «داعش» من أسلحة وعتاد وطائرات ونهب مليارات الدولارات النقدية من بنوك الموصل يكفيها لمحاربة سورية والعراق لأشهر عديدة بل لسنوات، وذلك من خزينة الدولة العراقية التي لم تحسن التدبير في إدارة الدولة بسبب المحاصصة السياسية المفروضة على الحكومة العراقية من قبل الإدراة الأميركية، ومن دون أن تدفع دولاراً واحداً من خزينتها المنهارة.

هذا ما دفع بـ«جبهة النصرة» الإرهابية في سورية إلى شنّ هجوم على مدينة رنكوس ظناً منها أنّ ما حصل في العراق سيضعف الجبهة السورية، فكانت النتيجة سحق هذا الهجوم. فكم يمتهن هذا الشيطان القدرة على حرق المنطقة بأموال المنطقة؟ وكم هو ذكي في إبادة شعوب المنطقة بأيدي أبنائها!

لكن ما أقدم عليه هذا الشيطان في العراق هو الانتحار بعينه، إذ لم نشهد تلاحماً شعبياً وجماهيرياً في العراق مثلما نشهده اليوم، فمنذ ثورة العشرين في العراق لم نشهد رجال الدين الكبار يحملون السلاح تطوّعاً في الجيش العراقي، ولم نشهد لحمة شيعية – سنّية في العراق مثلما نشهد اليوم في مواجهة الإرهاب العالمي والغزاة الأجانب ومحاربتهما، والشعب العراقي ما تعوّد أن يتسلط عليه أجنبي، فكيف إذا كان الغازي والمتسلط والمحتلّ شيشانياً ومغربياً وليبياً وسوريّاً وفلسطينياً وصومالياً وإندونيسياً وأميركياً وبريطانياً ضمن مجاميع «داعش» الإرهابية، وحتى الذين رحبوا وهللوا لـ»داعش» في الموصل لن تمضي أيام حتى تعلو أصواتهم بالصراخ من أحكام دولة «داعش» الإرهابية، والتي لا تمتّ الى الإسلام والشريعة بأي صلة.

لكن ستترك هذه العملية الانتحارية الأميركية «الداعشية» الشيطانية آثارها السلبية في المنطقة، ومنها استيلاء الأكراد على مدينة كركوك المتنازع عليها، ونقل المعركة الى مقربة من الحدود الإيرانية، ووقف التقارب الإيراني ـ الخليجي، وفتح الطريق أمام مواجهة مستقبلية بين الحكومة العراقية وحكومة كردستان العراقية.

… ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى