«داعش» الدمويّة الوهّابية

أبو بكر صالح ـ عدن

هل ما يُسمّى «دولة الشام والعراق» التي أطلق عليها تسمية «داعش» هي من بشائر الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاّقة التي بشّر بها المحافظون الجدد في الولايات المتحدة ومن ولاّهم من الغرب والشرق؟ أم أن المسألة مجرد مصادفة وقوة «داعش» وتمدّدها وتكاثرها مصادفة قدرية إن لم تكن مشيئة إلهية؟

من الطبيعي ألاّ يصدق المرء أن «داعش» مجرد طابور من المرتزقة وجد ضالته في بيئة سورية والعراق الملتهبتين، والمستغرب أيضاً أن الولايات المتحدة أظهرت عدم اكتراث أو لامبالاة لجملة «التفريخات الإرهابية» التي ولدت مع دخول القوات الغازية الأميركية والغربية لبلاد الرافدين في حربهم المشؤومة والمسمّاة بـ«الحرب العالمية ضد الارهاب»! وبرعاية أميركية خالصة وبدعم مالي خليجي الهدف منه تفتيت العراق وتشتيته وتمزيقه؟ وجنايته تحوّل العراق الى دولة شيعية!! مثلما كانت الحال مع أفغانستان ابان دخول القوات السوفياتية كابول حيث انبثق جهاد أميركا العقائدي ضد العقيدة الماركسية التي باتت تؤرق أذهان قادة الغرب وسياسييه وطوابيره الخامسة! من «بارونات» استثمارية واقتصادية واستخبارية ونازية، إضافة الى السعي الدائم للاستئثار بمصادر الطاقة العالمية والسيطرة عليها.

هدف تلك الحرب الجهادية، بدءاً بأفغانستان وانتهاء بسورية والعراق، القضاء على كل روح مقاومة الى الأبد، إيذاناً بقرب بزوغ فجر ظهور المسيح الدجال الذي لا بد مع ظهوره من قيام «إسرائيل الكبرى»، الوعد التوراتي لقيام «العدالة المطلقة قبل القيامة»! يرافقه ظهور المهدي المنتظر! مسيح العرب المخلص! استعداداً لمعركة نهاية العالم «هرمجدون»! وهدف ذلك كلّه الاستخفاف بالعقول فحسب.

سعت الإدارات الأميركية والأنظمة الغربية العميلة للصهيونية المسيحية الى تقويض بنية الدولة المدنية والمؤسساتية العربية، فهي التهديد الحقيقي لكيان العدو وديمومته. وكان إدخال العامل الديني لتحقيق ذاك الهدف /الحلم الذي تحققت بعض ملامحه في ظل غباء وحماقة عربية منقطعتي النظير وجدت فيهما الفرصة سانحة لدخول المنطقة مباشرة، ترافقها مباركة عربية نكثت عهد العقيدة الإسلامية بصورة أوهمت هذه الأمة الغبية والحمقاء أنها للذود عن حياض الدين الاسلامي! فصدقتها مظهرة للعالم أن أمة إقرأ…لا تقرأ.. ولا تفقه!

هذا لا يعني أننا غير مكترثين أو معترفين بحقيقة الصراع الصهيوني ـ العربي وجوهره الحقيقي الديني؟ غير أن القرآن الكريم «اشترط وحثنا» على إعداد العدة للعدو قبل الدخول في المعركة، إذ قال جلّ جلاله وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ورباط الخيل ترهبون به»، وهذا ما لم يتحقق حتى اللحظة، فلماذا هذا الكذب والتلبس بالدين زوراً وبهتاناً؟

من حيث المبدأ، لا يعبر كاتب المقال عن» إيمان» بأن الغلبة للعرب والمسلمين إلاّ لو توافرت أسباب النصر والتفوق على العدو الذي يملك ترسانة من الأسلحة الفتاكة من مختلف صنوف الدمار والهلاك التي تتهدّد البشرية ولن يتوانى عن استخدامها عند الحاجة! وليدعنا المنظّرون اللاهوتيون، فالمشيئة الإلهية تمنع ذلك. الأمر ليس مثلما يتوهم أولئك الواهمون أو يصدقه المهرطقون البائسون، بل إن الأسباب لم تتوافر على النحو المناسب الذي قد يدعوها إلى استخدامه المدمّر للحياة، ولن يقدم على ذلك إلا في حالة استشعر بالخطر الحقيقي الذي يتهدد وجوده.

لكي تكتمل أسباب استعادة زمام المبادرة مع ذلك العدو لا بد من أن يحقق العرب نهضة علمية وصناعية وتقنية شاملة ترتقي الى خوض مثل غمار تلك المعركة مع تفوّق عسكري كامل وشامل ومطلق عليه وقد دُمّرت البنية العسكرية والاقتصادية العراقية وأتى الدور على شقيقتها السورية، ما يبعث على حقيقة مؤلمة ومغيبة عن أذهان هذه الأمة الحمقاء. إن النزال مع العدو في معركة تاريخية بعيد المنال نظراً إلى «تأخر» توفر أسباب التفوق عليه؟ ومن تسبب بذينك النكوص والانهزام هم أنفسهم العرب الذين يتشدقون بـ «الإيمان الشاذ والكاذب والزائف» الذي يؤمنون بنصرهم على الأعداء، فسيأتي النصر ممتطياً جواداً كاسراً مثل حصان طروادة ليقضي على قنابل «إسرائيل» النووية والبيولوجية»!

فهل تملك «داعش» السلاح الذي من شأنه أن يقضي على العدو ويحرر فلسطين من الأسر؟

الإجابة هي بالطبع في «غيب» داعش وأخواتها! من «جبهة النصرة» و«أنصار الشريعة» وجنود الحق وجنود الحمير والخنازير!

لن نعتقد ذلك الاعتقاد «الداعشي/الوهابي» المنطلق من أكاذيب وهرطقات سلطوية أو حاكمية أن كلّ هم الأعداء محاربة الإسلام والمسلمين لأنه دين الحق. وهذه من تداليس إمارات الخليج ومشيخات البترو دولار لا للذود عن الإسلام والعقيدة كما يوهمون هذه الأمة الغبية، وانما لحماية عروشهم المتهالكة التي بدأت نهاية زوالها مرتبط بالتغيرات الاقليمية والدولية التي تبشر بنظام عالمي جديد متعدد لا يقبل الغلبة الإمبريالية التي صدقوا أنها لن تزول وأنها عصية على سائر التحديات، مصوّرينها لنا كأنها قدر إلهي جبري!

يحب أن نعلم أن الإسلام دين الحضارة والتقدم والقيم وليس شراء السلاح و»القنابل الذرية» التي يتوهم البعض أنه قادر على شرائها، لا لأنه قادر ولن يعترض على مشيئته، بل لأنه يملك أموالاً ضخمة لا يدري ماذا يعمل بها وهي في تكاثر مستمر لا يتوقف من مداخيل النفط والثروات الأخرى التي حباها الله لهذا الوطن الكبير دون سواه! ويظن أن في إمكانه شراء «لبن العصفور» وإكسير الحياة! يتوهم أنه بلد يواكب التقدم والنهضة في سائر المجالات، ليس بعلمه بل بماله! في اكبر كذبة تغطي هذه الرقعة من الأرض تلبس عباءة الدين تزلفاً وكذباً وخداعاً من غير التزام بضوابط الشريعة في شروط النهضة والعدة لمعركة المصير المقدس . ذلك كلّه ولم نعلم عن «داعشي» واحد أنه نابغة في صناعة الأسلحة النووية أو في علوم الفضاء أو البحار؟ بل نعرف أنهم «نوابغ» في قتل البشر والتنكيل بهم أو في «نكاح الجهاد» الذي لم نسمع به في البلاد إلاّ في زمن موزة وقرضاوي الناتو؟ لكنه نابغ أيضاً في العمالة والارتزاق باسم الدين… أو الشيطان!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى