وتعود «يوميّات»

أحمد طيّ

بعد انقطاع دام لفترةٍ ليست بقصيرة، تعود زاوية «يوميّات» إلى ركن هذه الصفحة، وإلى قرّائها الذين ما فتئوا يطالبون بها، لأنها ـ من وجهة نظرهم ـ كانت تشكّل لهم محطّة عبور بين تسلسل الأخبار والمواضيع والتقارير، فتريحهم من شؤون السياسة وشجونها، ومن الـ«قال والقيل».


مهاترات هنا، وهجومات هناك، سيارات مفخّخة، مدن ملتهبة وطن يحترق، شعب يئن طفل يبكي، امرأة مغتصبةٌ حقوقُها، عمّال وموظفون يحتجّون ويعتصمون، حرائق وويلات وسرقات وتعدّيات، حوادث سير حوادث قتل وسرقة وخطف، وما إلى ذلك من الأخبار التي تمتلئ بها صفحات الجرائد يوميّاً، وتكون مواد دسمة لنشرات الأخبار على القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية. إنّ الإضاءة على ذلك كلّه، من مهام الإعلام بطبيعة الحال، لكنّ «يوميّات»، ستكون ـ كما كانت ـ محطّةً لإراحة ذهن القارئ من توالي ذلك الكمّ.

ربما تكون محطّةً ترفيهية، تروي للقارئ موقفاً آنيّاً يعبّر، على رغم بساطته، عن تطلّعات مواطن وحلمٍ بوطن. وتزرع على ثغره ابتسامةً، قد تكون مفيدةً وسط أمواج الأخبار الأخرى التي لا تحترف زرع الابتسامات.

وربّما تكون محطةً توعوية، ترشد الناس إلى السلوك القويم بعد ملاحظة جنوح المواطن عن سكّة القيم، فالمواطن هو المسؤول الأوّل ومن بعده يأتي… المسؤولون.

وربّما تكون محطّة «نكز»، تلفت أنظار الناس والمعنيين إلى مشكلة ما قد تصبح مع الوقت من المسلّمات في هذا الوطن الصغير المنفتح على ثقافات العالم.

وبين الـ«ربّما» والاحتمال، يكمن الأكيد.

فحتماً ستكون «يوميّات» زاوية راصدة، تسلّط الأضواء على كلّ حدثٍ يوميّ، ليس سياسيّاً بالضرورة، فالناس قد تكون ملّت السياسة، بل اجتماعي ثقافي تربوي وما إلى ذلك.

هي زاوية راصدة، ترصد التقصير هنا، والإهمال هناك، و«تقفش» المخالفات المرتكبة من قبل القيّمين على تطبيق القانون، والتجاوزات من قبل المؤتمنين على حياة الناس.

هي زاوية راصدة، ترصد شكاوى الناس الذين بُحّت أصواتهم واحترفوا الصمت بعد يأسهم وقنوطهم، وألِفوا الملمّات بعدما أيقنوا ألّا عيش كريماً في بلد «الكرم عا درب»، واستساغوا القليل قوتَ يومهم بعدما آمنوا ألّا رغيف مُشبعاً قد يحظون به يوماً. واعتادوا التلوّث عطراً بعدما حزموا أمرهم وسلّموا ألّا هواء نقيّاً في لبنان الـ«قطعة السما».

هي زاوية راصدة، تخطف البسمة من بين مجريات النهار، وتطلقها على وجوه القرّاء. تخطف الطُرفة من بين المواقف، وتهبها ضحكةً قد لا يكون عمرُها طويلاً.

تعود «يوميّات»، لتكون ـ كما كانت ـ مساحةً صغيرةً من «راحة البال» وسط ذلك الفضاء المتّسع من كمّ الأخبار والأخبار والأخبار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى