أكد لـ«البناء» و«توب نيوز» أن التصعيد السياسي لن يؤثر على حوار «حزب الله» ـ «المستقبل» الثنائي
حاورته: روزانا رمال
أكد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب الدكتور قاسم هاشم أن التصعيد السياسي بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» لم ولن يؤثر على مجريات الحوار الثنائي نظراً «لقناعة الفريقين بأن الحوار بات حاجة ماسة للاستقرار الوطني»، مشدداً على «أن أياً من الأفرقاء لا يستطيع تحمّل مسؤولية نسف الحوار أو الحكومة». وكشف عن اتصالات جرت بعد المواقف التصعيدية في محاولة للتهدئة ووضع ما قيل في إطار شخصي وليس قراراً بنسف الحكومة أو الحوار.
وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز»، تحدّث هاشم عن خلاف داخل «المستقبل»، وتوقع رؤية مختلفة وآلية تعاطٍ جديدة قد تكون مقدمة لاعتماد سياسات جديدة للقيادة السعودية الحالية على مستوى التحالفات والارتباطات في لبنان والعالم.
ولفت هاشم إلى أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري هو أكثر من بذل مجهوداً في الأيام الأخيرة في ما سُمّي بتسوية الترقيات لقناعته بأن العميد شامل روكز يحمل من كفاءة وجدارة تخوله لموقع قائد الجيش، معرباً عن اعتقاده بأن تقاطع مصالح محلية خارجية نسفت التسوية لاستهداف قوة سياسية معينة.
وانتقد هاشم الحراك الشعبي ولا سيما تزامنه مع خطة إعلامية مبرمجة لها أهدافها وغاياتها وارتباطاتها، لاستغلال مطالب شعبية محقة وتهيئة ظروف معينة للاستفادة من الساحة اللبنانية إذا استدعت الحاجة.
وفي الشأن الإقليمي والدولي رأى هاشم أن لقاء موسكو بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد يشكل رسالة واضحة إلى كل من راهن في المرحلة السابقة على إسقاط سورية، بأن رهاناته فاشلة وخائبة وتؤكد أيضاً أن سورية دخلت المسار الأخير من أزمتها وأن المشروع الآخر قد بات على شفير النهاية.
وشدّد على أهمية الدور الروسي في المنطقة، موضحاً أن سورية هي النقطة الفاصلة والمحطة الأساسية لعودة الدور الروسي إلى المنطقة، وفرصة لروسيا لإعادة التوازن الدولي ووضع حد لنهج الهيمنة والسيطرة الأميركي.
وعزا سبب التبدّل في مواقف بعض القوى الإقليمية ولا سيما تركيا والسعودية، إلى إنجازات وانتصارات الميدان التي يحققها الجيش السوري والقوى الحليفة.
وبيّن هاشم أن الخاسر الأكبر من توقيع الاتفاق النووي الغربي – الإيراني والدخول العسكري الروسي إلى المنطقة هو الإرهاب والكيان «الإسرائيلي» الذي يواجه اليوم انتفاضة الشعب الفلسطيني المتجددة مستفيداً من انتصار نهج المقاومة والممانعة الذي يخشى «الإسرائيلي» انعكاسه على الداخل الفلسطيني.
وفي ما يلي نص الحوار كاملاً:
نار ثم هدوء
كيف تصف التصريحات النارية بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» وكيف تصف أيضاً، هذا الهدوء الذي أعقبها؟
– ما حصل خلال الأيام الماضية من تصعيد وارتفاع نبرة الخطاب السياسي، قد يكون أمراً طبيعياً في ظل استمرار الانقسام السياسي في لبنان، خصوصاً أنه أتى من أهم تيارين على مستوى فريقي الانقسام السياسي في لبنان، لكن أهمية التصعيد أنه أتى من الطرفين اللذين يذهبان إلى الحوار بعد أيام ويتلاقيان في حوار منذ فترة طويلة، لكن هذا التصعيد ليس جديداً، بل كان يسبق جولات الحوار الثنائية ولم يؤثّر على مجرياته نظراً لقناعة الفريقين بأن الحوار بات حاجة ماسة ليس للفريقين فقط، بل للاستقرار الوطني نظراً لحضور الفريقين وأهميتهما وحجمهما على مستوى فريقي الانقسام السياسي ولأن «حزب الله» و«المستقبل» لما يمثلان على مستوى الحضور الشعبي كانا قد وفّرا على البلد تداعيات التجاذبات في المرحلة السابقة من خلال الحوار وأقله تنفيس الاحتقان الذي ساد قبل بدء الحوار بين الفريقين. اليوم قد تكون هناك ظروف سياسية تتعلق بما يجري على مستوى المنطقة أمْلَت مثل هذا التصعيد على «المستقبل» بشكل أساسي لاستثماره في السياسة المحلية.
هل تعتبر رد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان مفاجئاً؟
– كلام السيد حسن نصرالله كان واضحاً كردّ على ما قيل وكأن هناك من سيحمّل الحزب المسؤولية عما ستؤول إليه الأمور، ويحاول أن يستخدم الحوار الثنائي كمادة ابتزاز لتوظيف سياسي معين، اليوم لا يستطيع أي فريق تحمّل مسؤولية نسف الحوار الوطني أو الحكومة، لأن الحوار الوطني عامل أساسي في مسيرة الاستقرار، وهذا أمر يعلمه الجميع. التصعيد الكلامي يأتي في إطار الاستثمار والتوظيف السياسي لما يحصل على مستوى المنطقة، كذلك الحكومة التي رغم أن رئيسها تمام سلام له خصوصيته ومناقبيته إلا أنه ينتمي إلى فريق سياسي مستفيد من وجود هذه الحكومة التي رغم أنها «حكومة «المصلحة الوطنية الا انها تخدم مصالح هذا الفريق ولا مصلحة له في نسفها وما تبع هذا الموقف التصعيدي لا يعبّر عن نية حقيقية بنسف الحكومة بل هناك محاولة للتهدئة من خلال بعض الاتصالات التي جرت ووضع ما قيل في الإطار الشخصي ولا يعبّر عن قرار بنسف الحكومة أو الحوار.
انقسامات «المستقبل»
عندما بدأ الحراك الشعبي زار السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري الرئيس سلام ودعم الحكومة والحوار، هل هناك انقسامات داخل تيار «المستقبل» لتخرج هذه التصريحات التصعيدية؟
– هناك تباين واختلاف في مقاربة بعض القضايا على المستوى الداخلي والخارجي داخل «المستقبل»، أسلوب وآلية التعاطي السعودي خلال الحكم الجديد مع «المستقبل» تختلف عن السابق. هناك رؤية مختلفة وآلية تعاطٍ جديدة قد تكون مقدّمة لاعتماد سياسات جديدة للقيادة السعودية الحديثة على مستوى التحالفات والارتباطات في لبنان وأكثر من مكان في العالم وقد يكون من الأمور التي أثّرت على طبيعة العلاقة بين «المستقبل» والسعودية.
هل تعتقد أن هناك قلاقل لدى «المستقبل» من تبدّل العلاقة مع السعودية، وهل أثّر غياب الرئيس سعد الحريري على هذه العلاقة؟
– العلاقة بين «المستقبل» والسعودية ليست على مستوى علاقتها في السابق، غياب الحريري له أثر على تياره السياسي وعلى العلاقة المباشرة مع القيادات السياسية. يمكن أن يعود الحريري إلى لبنان لكن ليس من مطار دمشق التي لن ولم تتبدّل وتتغيّر منذ أن عرفها هذا البعض إلى يومنا حتى المستقبل القريب والبعيد، والأيام أثبتت وتثبت ذلك. لقاء موسكو بين الرئيسين بوتين والأسد رسالة واضحة إلى كل مَن راهن في المرحلة السابقة على إسقاط سورية بأن رهاناتهم فاشلة وخائبة والعودة إلى دمشق هي عودة إلى الارتباط والعمق والجذور والبعض هو الذي سيبدّل وسيغيّر أفكاره ومشروعه ليعود إلى دمشق.
عتبٌ في غير محله
هناك عتب من بعض اللبنانيين على الرئيس نبيه بري بأنه لم يبذل في موضوع ترقية العميد شامل روكز المجهود الذي بذله في غيره من الملفات؟
– هذا العتب في غير محله والأقرب للعميد روكز يعرف أن أكثر من بذل هذا المجهود لما سُمّي بتسوية الترقيات هو الرئيس بري في الأيام الأخيرة التي سبقت انتهاء التسوية واستغل طاولة الحوار والاجتماع الذي حصل على هامش الطاولة للقوى السياسية المعنية لإنجاح هذه التسوية ومعروف مَن عرقلها. وكان لدى الرئيس بري قناعة بأن روكز أهل للموقع ويحمل من كفاءة وجدارة تخوّله لهذا الموقع ويستفيد الجيش اللبناني من قدراته، ولكن الأمر لم يكن بيده ويبدو أن هناك تفاهماً ما عطّل التسوية وعلى رأسه الرئيس ميشال سليمان في الشكل، وهناك مَن كان يتذرّع بالآليات الدستورية للوصول إلى التسوية ومَن تذرّع بحماية المؤسسة العسكرية. وهناك تقاطع مصالح على المستوى المحلي والخارجي لاستهداف قوة سياسية معينة وما يمثل روكز، وعون يعرف جهود بري في اللحظات الأخيرة في هذا الموضوع.
ما رأيكم بدور الرئيس سليمان الذي يبدو أنه فاعل وموجود وحاسم ولديه أجندة سياسية؟
– سليمان لديه كتلة وزارية، وفي ظل غياب رئيس جمهورية أصبح لكل وزير موقع، الظروف خدمت سليمان واستفاد على مستوى الموقع والتأثير المباشر، إن في الحكومة أو من علاقاته مع القوى السياسية المحلية وارتباطاته الخارجية.
كيف تقرأ استهداف الحراك الشعبي للرئيس بري؟
– المؤسف أن هذا الحراك رفع في البداية شعارات مطلبية محقة ومشروعة على مستوى القضايا الحياتية، ولاحقاً تكشّفت أمور أخرى وظهرت شكوك وعلامات استفهام حول الحراك. الظروف في المنطقة قد تكون ساهمت في تأمين أرضية معينة للحراك إنما هناك تساؤلات مشروعة ولا سيما حول تزامن الحراك مع خطة إعلامية مبرمجة لها أهدافها وغاياتها وارتباطاتها أكان أقرّ البعض أم لم يقرّ، أراد بعض الحراك برمجة حراك إعلامي لاستغلاله في تهيئة ظروف معينة للاستفادة من الساحة اللبنانية إذا استدعت الحاجة وربطه بما يجري في المنطقة من سورية إلى اليمن لإعادة استخدام لبنان كصندوق تبادل الرسائل. نأمل أن لا يكون هذا الحراك إلا في إطار خدمة مصلحة اللبنانيين وأن لا يعمل البعض على استغلاله واستثماره لأغراضه السياسية سواء الاستثمار الداخلي أو ارتباطه بما يجري في المنطقة.
الدور الروسي في المنطقة
روسيا اليوم في المنطقة، ودخولها المنطقة يعني تقسيم نفوذ تمّ أصلاً. هل أعيد تقسيم المنطقة وقيل للأميركي بأن حدودك هنا وعليك أن تتفاوض معنا في الملف السوري وغيره من الملفات؟
– القضية أبعد من توزيع الحصص وتقسيم المنطقة على مستوى الأقطاب الدوليين، الموقف الروسي وحضوره في المنطقة كما تؤكد القيادة الروسية، خصوصاً في سورية التي هي النقطة الفاصلة والمحطة الأساسية لعودة الدور الروسي إلى المنطقة. إن وقوفنا إلى جانب سورية لم يكن فقط نتيجة أهواء معينة بل نتيجة قناعة بأنه لا بد أن نستمر بدورنا في سورية انطلاقاً من علاقة مبدئية واستراتيجية فضلاً عن وجود مصالح دولية لروسيا في سورية، ما يؤكد أن وجود روسيا في المنطقة فاعل وضروري ويتخطى استمرار ضمان قواعدها في البحر المتوسط بل له علاقة بالصراع الدولي، وأزمة سورية فرصة لروسيا لإعادة التوازن الدولي ووضع حد لنهج الهيمنة والسيطرة الأميركي.
يقال إن كل شيء اليوم يتوقف على نتيجة الانتخابات في تركيا، من خلال اعتبارها فرصة جديدة للرئيس التركي رجب أردوغان لتشكيل حكومة بمفرده وبالتالي إعطاء زخم جديد لحلفاء تركيا، ما رأيك؟
– بالتأكيد الانتخابات التركية هي محطة مفصلية تجاه الأزمة في سورية وتطورات المنطقة وستحدد طبيعة الحراك السياسي في المنطقة وكيفية التعاطي مع الأزمة السورية وامتداداتها. عندما يهزم أردوغان سيكون هناك توجه مختلف تجاه سورية وإذا حقق فوزاً بنسبة عالية وشكّل حكومة بمفرده قد يكون أكثر تشدداً وهو يعرف أنه خسر الكثير على مستوى السياسة التركية الخارجية وانعكاسات الأزمة في سورية وعلاقته بالمجموعات الإرهابية التي رعاها ويرعاها حتى الآن، حيث ما زالت الحدود التركية مفتوحة أمام السلاح والمسلحين من كل الأجناس رغم القصف الروسي.
قيل إن السعودية تموّل حملة أردوغان، هل يمكن أن تؤثر على نتائج الانتخابات؟
– العلاقة بين السعودية وتركيا استجدّت مع بداية الأزمة السورية، وهناك تشابك وتقاطع مصالح بينهما، ولكن السؤال هل هناك رؤية موحدة للنظرة إلى الأزمة السورية؟ في الفترة الأخيرة كان هناك تباين ولا سيما في موضوع «الاخوان المسلمين»، لكن الشعب التركي توّاق للخروج من سياسات أردوغان التي جلبت له الكثير من الويلات.
تبدّل المواقف سببه الميدان
هل ترى في تصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الأخير بالموافقة على حل بوجود الأسد في المرحلة الانتقالية وما يختاره السوريون، بأنه محاولات سعودية للنزول عن الشجرة تجاه الأزمة في سورية؟
– هذا التبدل والتغيير في مواقف هذه القوى ولا سيما تركيا والسعودية التي كان لها هدف واحد هو إسقاط الأسد وسورية، سببه إنجازات وانتصارات الميدان التي يحققها الجيش السوري والقوى الحليفة. فالميدان فرض تراجع بعض الدول عن شرط القبول بالحلّ السياسي من دون الأسد، الشعب السوري هو الذي يقرّر هذه المواضيع وليس هذا الوزير أو تلك الدويلة.
ماذا تعني زيارة الرئيس الأسد إلى موسكو معنوياً وسياسياً؟
– هي رسالة لكل من يعنيه الأمر بأن سورية في واقع مختلف عن المراحل السابقة. الأسد اليوم في روسيا بعد المواقف الروسية تجاه سورية في الآونة الأخيرة، تعكس العلاقة المبدئية بين روسيا وسورية، وأن الأولى مستعدة لتقديم أشكال الدعم كافة للثانية وتؤكد أن سورية تعيش المسار الأخير من أزمتها وتؤكد أيضاً علاقتها الاستراتيجية مع روسيا. ومن كان ينتظر غير ذلك سيرى في الزيارة الفشل والهزيمة وسيرى أن مشروعه قد بات على قاب قوسين أو أدنى من النهاية.
الخاسر الأكبر الإرهاب و«إسرائيل»
حدثان تاريخيان حصلا هذا العام، توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب ودخول روسيا إلى المنطقة، هل يعني هذا انتصاراً لمحور المقاومة وأين «إسرائيل» مما يجري؟
– المفاجأة الأولى لدى البعض كان توقيع الاتفاق النووي بعد الرهان على أنه لا ولن ينجز وكان الكيان «الإسرائيلي» يعتبر أنه يضرّ بمصالحه وعمل على نسف الاتفاق في المحافل الدولية وبعد التوقيع عليه بات الخاسر الأكبر. واعتبر أن التدخل الروسي في سورية موجّه له من خلال استمرار سورية في نهج المقاومة، وانتصارها يعني انتصاراً لمحور المقاومة، لذلك الخاسر الأكبر هو الإرهاب والكيان «الإسرائيلي» الذي كان يراهن على سقوط سورية الداعمة والحاضنة لقوى المقاومة، ونرى مواجهات الانتفاضة المتجددة في نفوس الشعب الفلسطيني وبدمائه ما يؤكد أن هذا الشعب قادر على الانتفاض وإحياء فلسطين بدمائه وأنه يستفيد من المناخ الإيجابي في المنطقة من خلال انتصار نهج المقاومة والممانعة الذي يخشى «الإسرائيلي» انعكاسه على الداخل الفلسطيني.
يُبثُّ هذا الحوار كاملاً اليوم مساءً ويُعاد بثه عند الساعة الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» على التردد 12034