الأسد في موسكو… ما جديد تطوّرات الحرب على سورية؟
هشام الهبيشان
تزامناً مع الاجتماع الرباعي لسيرغي لافروف وجون كيري وفريدون أوغلو وعادل الجبير المتوقع غداً في فيينا والمخصص بمجمله للشأن السوري، أتت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو لتؤكد انطلاق مرحلة سياسية جديدة في سورية، مرحلة مركبة الأهداف والأبعاد والخلفيات السياسية والعسكرية المتزامنة، وما يؤكد كلّ ذلك هو مجموعة الاتصالات للرئيس فلاديمير بوتين مع الملك السعودي والرئيس المصري والملك الأردني والرئيس التركي، والتي أعقبت لقاءه بالرئيس الأسد، والتي تؤكد بمجموعها أو على الأقلّ توحي بأن هناك مساراً سياسياً جديداً يستهدف تحريك المياه الراكدة بمجمل ملف الحلول السياسية للحرب على سورية.
اليوم ومع هذه المؤشرات بمجموعها والتي توحي بقرب انطلاق مسار جديد للحلول السياسية للحرب على سورية والخاصة بالوصول إلى حلّ سياسي للحرب المفروضة على الدولة السورية، في العاصمة الروسية، تأتي لهجة التصعيد القطرية الفرنسية السعودية، لتؤكد أن هذه الدول وغيرها من حلف العدوان على الدولة السورية ما زالت تراهن على التصعيد العسكري بسورية، ومن هنا يبدو واضحاً في هذه المرحلة أنّ مسار الحلول «السياسية» ما زال مغلقاً حتى الآن، خصوصاً أنّ استراتيجية الحرب التي تنتهجها واشنطن وحلفاؤها تجاه سورية بدأت تفرض واقعاً جديداً، فلم يعد هناك مجال للحديث عن الحلول السياسية، في ظلّ الدعم التسليحي المتنامي من هذه الدول للمجاميع الإرهابية، وفي ظل الحشد الكبير من الطائرات الهجومية التي تحشدها واشنطن في قاعدة انجرليك الجوية جنوب تركيا، رداً على ما يبدو على مشروع روسيا الداعم للدولة العربية السورية في حربها على الإرهاب.
اليوم عندما نجد أنّ كمّاً هائلاً من السلاح والمسلحين العابرين للقارات والمدجّجين بالسلاح قد أدخلوا الى سورية خلال الفترة الأخيرة، بمحاولة من قوى العدوان لإفشال المسعى الروسي الداعم للدولة العربية السورية، هذه الحقائق بمجموعها توضح لنا أنّ الهدف من التوريد المستمرّ للإرهاب هو ضرب منظومة وهيكلية العمل الروسية السورية المشتركة بحربها الشاملة على الإرهاب في سورية.
ورغم ذلك فما زالت منظومة العمل السورية – الروسية قادرة على أن تبرهن للجميع أنها قادرة على الاستمرار وإسقاط كل التحديات التي تواجهها اليوم، والدليل على ذلك قوة وحجم التضحيات والانتصارات التي يقدمها الجيش السوري بعقيدته الوطنية والقومية الجامعة، مدعوماً بسلاح الجو الروسي والتي انعكست أخيراً بظهور حالة واسعة من التشرذم لما يسمى بقوى المعارضة المسلحة «حسب تصنيف واشنطن وحلفائها لها».
إنّ الدعم الروسي المتزامن مع استمرار انتفاضة الجيش السوري الأخيرة في وجه كلّ البؤر المسلحة في شمال سورية، سيشكل حالة واسعة من الإحباط والتذمّر عند الشركاء في هذه الحرب المفروضة على الدولة السورية، ما سيخلط أوراقهم وحساباتهم لحجم المعركة من جديد، والواضح اليوم أنّ بعض القوى الشريكة في الحرب على سورية قد بدأت بالاستدارة والتحوّل في مواقفها وقامت بمراجعة شاملة لرؤيتها المستقبلية لهذه الحرب، وهذه الاستدارة لم تأت إلا تحت ضربات وانتصارات الجيش السوري الميدانية التي أصبحت اليوم مدعومة بسلاح الجو الروسي.
ومن هنا وفي هذه المرحلة التي يحقق فيها الجيش العربي السوري، مدعوماً بسلاح الجو الروسي، إنجازات كبرى بالميدان السوري، لا يمكن أبداً إنكار حقيقة أنّ الأدوار والخطط المرسومة من قبل قوى العدوان للتصدي لهذه الإنجازات ومنع تمددها، ما زالت تعمل بفعالية نوعاً ما حتى الآن على الأرض بسبب التوريد اللامحدود للسلاح والمسلحين للمجاميع المسلحة أخيراً، ومن هنا يجب عدم الاستهانة بهذا الدعم المستمر للمجاميع المسلحة من هذه المنظومة المعادية لسورية الدولة، فهذا الدعم سيكون له دور بارز مستقبلاً في محاولة الحد من الإنجازات الميدانية للجيش العربي السوري وحلفائه على الأرض السورية.
ختاماً، إن الحديث اليوم عن حلول سياسية للحرب على سورية دون وجود وقائع ميدانية تسبق هذا الحديث، هو حديث بعيد عن الواقعية، فاليوم لا يمكن أبداً الحديث عن حلول سياسية دون إيجاد واقع ميداني جديد على الأرض يجبر قوى العدوان على الرضوخ للحلول السياسية، ولهذا نرى اليوم هذا العمل الروسي السوري على الأرض السورية لفرض هذا الواقع الجديد على الارض تمهيداً لإيجاد حلول سياسية عادلة للحرب على سورية، ولكن هل يمكن أن تقبل قوى العدوان على سورية بهذا الواقع الميداني الجديد الذي تسعى روسيا وسورية لفرضه على أرض الواقع على الأرض السورية؟ الجواب الأكيد أنها لن تسمح وستستمر بالتصعيد، الى اليوم الذي ستدرك فيه أن مشروعها قد فشل، وأعتقد جازماً أنّ هذا اليوم هو قريب وقريب جداً…
كاتب وناشط سياسي ـ الأردن
hesham.habeshan yahoo.com