العطار: فخورون بتمثيل سورية في محفل عالمي
«هذا فخرٌ لكل سوري أن نوجد في هذا المحفل العالمي الكبير في مثل هذا الوقت الصعب» بهذه الكلمات عبّر محمد العطار مدرب منتخب سورية عن أهمية المشاركة في نهائيات كأس العالم تحت 17 سنة تشيلي 2015 FIFA، العطار الذي كان يتحدث لموقع «فيفا» بعد يوم على الظهور الأول لفريقه وخسارته أمام الباراغواي. كان ينظر بإيجابية لكل ما يحدث، حيث قال: «نحن الفريق العربي الوحيد الذي نجح في التأهّل للنهائيات العالمية، ومجرد المشاركة في بطولة كأس العالم يشعرك بالفخر ويمنحك المكافأة المعنوية التي كنت تنتظرها نتيجة مجهود كبير قمنا به خلال أكثر من عامين، ابتداءً من التصفيات التمهيدية، ثم كأس آسيا ووصولاً إلى تشيلي، ولكن كما يعلم الجميع أن الظروف التي تمرّ بها البلاد حالياً تضاعف من أهمية الوجود هنا».
مساندة جماهيرية
تمرّ سورية بفترة صعبة لكن السوريين لم يتجاهلوا منتخبهم بل على العكس، فهناك من ظلّوا ساهرين حتى الساعات الأولى من الفجر لمتابعة اللقاء الأول في نهائيات تشيلي، وهنا يشرح العطار هذا الأمر: «الشعب السوري متعطش لكرة القدم وقد أثبت طيلة عقود حبّه للعبة وهو يملأ مدرّجات الملاعب في البطولات المحلية، أما حين يشارك أحد المنتخبات السورية في بطولة خارجية، يلتف الجميع من حوله ويسانده بشتى الطرق الممكنة. سبق أن عشنا تجارب كثيرة في السابق عندما خاض منتخب الشباب نهائيات كأس العالم تحت 20 سنة وفي الظهور السابق في هذه البطولة نسخة كوريا 2007، تخلق هذه المشاركات حالة وطنية ويصبح المنتخب مثار حديث الشارع الرياضي. وهذه المشاركة لن تشذّ عن القاعدة بكل تأكيد، فخلال الفترات الماضية لقينا كل الدعم من الجمهور أينما لعبنا أو خضنا حصصنا التدريبية، وفي مثل هذا الوقت الذي تمر به البلاد نرى أن مشاركتنا ستجلب البسمة للسوريين مهما كانت النتائج، فهم سيكونون فخورين بما أنجزناه حتى بلغنا هذه المرحلة».
تجاوز الصعوبات
بعد أن انتزع منتخب سورية بطاقة الترشّح عن قارة آسيا، واجه الفريق العديد من الصعوبات لإتمام برنامج التحضيرات، ويتحدّث المدرب عن هذا الأمر: «كنّا نأمل أن نجد الفرصة المناسبة لخوض فترة إعداد أفضل من تلك التي خضناها، طلبنا إقامة بعض المعسكرات التدريبية الخارجية لكن لم نحصل على الموافقات من بعض المنتخبات، ولذلك كان الجزء الأكبر من تحضيرنا يتم في مدينتي دمشق واللاذقية. تدريبات متواصلة ومباريات محلية. سنحت الفرصة لخوض معسكر تدريبي في روسيا تخللته مواجهة أندية محلية فقط. كنا نأمل أن نخوض برنامج إعداد يليق بهذه المشاركة».
لم تقتصر الصعوبات على قلّة عدد المباريات الدولية، بل كانت في كيفية إبقاء الحالة المعنوية للاعبين في أفضل مستوياتها، بعد تحقيق إنجاز التأهل للمونديال، يقول العطار: «نعم، كان هذا الأمر صعباً بعض الشيء، البقاء في معسكرات طويلة نسبياً قد يرهق اللاعبين، حاولنا معالجة هذا الأمر بتقليص التواصل مع الحالة التي نعيشها في البلاد، وكنا نركز على أهمية أن يقدم اللاعب كل ما لديه من طاقة عندما يخوض المباريات متسلحاً بأهمية رفع اسم علم الوطن».
التواصل وتلقي الدعم
وفي مثل هذا السنّ الذي يعيشه اللاعبون تعتبر الأجواء العائلية هي أحد أسرار الحفاظ على الروح المعنوية للفريق في ظلّ الابتعاد عن الوطن والأهل، وقد شرح اللاعب نعيم غزال كيفية تلقي الدعم: «نتحدث مع الأهل والأصدقاء كلما تسنح الفرصة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة يمكننا التحدّث ومشاهدة بعضنا عبر الفيديو، كل اللاعبين يحتاجون مثل هذا الدعم. بعد الخسارة أمام الباراغواي كنا نتوقّع بعض الردود السلبية، لكن وجدنا روحاً إيجابية ودعماً لا محدوداً من الجميع، الكل قدم التهنئة لنا على الأداء والروح التي ظهرنا بها، وطالبونا بتقديم المزيد في المباريات المقبلة».
وهنا يؤكد المدرب العطار: «نحن نراعي في مثل هذه المشاركات الخارجية أهمية أن يتواصل اللاعب مع عائلته ونخصص لهم وقتاً لذلك بعد الانتهاء من التدريبات والمحاضرات الفنية، هذا التواصل يبقي اللاعبين بحالة معنوية مرتفعة».
وبخلاف الأهل في سورية، فقد تلقى اللاعبون حفاوة محلية في مدينة بويرتو مونت، عندما قاموا بزيارة للمدرسة العربية السورية التي تم تأسيسها قبل أكثر من 40 سنة، وهي تحرص على تدريس طلابها من ذوي الأصول السورية العادات والتقاليد العربية. خلال وجود الفريق في المدرسة وجد حفاوة منقطعة النظير، حيث حمل الأطفال العلم السوري ورددوا النشيد الوطني، كما التقطوا الصور وقاموا بتوقيع الأتوغرافات، إضافةً إلى خوض مباراة كرة قدم مع فريق المدرسة. كانت أجواء حماسية قبل المواجهة الثانية أمام نيوزيلندا.
بالتركيز والروح
بعد أن افتتحت سورية مشوارها بالخسارة أمام الباراغواي 1-4 لن تفقد الأمل في تحقيق حلم التأهل للدور الثاني من البطولة عندما ستلتقي نيوزيلندا الخاسرة هي الأخرى أمام فرنسا، ويرى المدرب السوري هذه المباراة بنظرة أخرى: «أمام الباراغواي خسرنا بسبب بعض الأخطاء الفردية التي قد تحدث لأفضل اللاعبين فكيف للاعبين صغار السن ومنقوصي الخبرة. لقد بذل الفريق مجهوداً كبيراً في العودة للمباراة وانتظرنا أن نكمل ذلك بعد هدف تقليص الفارق، ولكن الهدف الثالث قضى على الطموحات. سننظر لكل ما جرى من الناحية الإيجابية، حيث سنصحح تلك الأخطاء وليكون التركيز هدف الجميع، أما السلاح الأهم لدينا فسيكون الروح والعزيمة التي يتمتع بها اللاعبون وأوصلتهم لهذه البطولة».
بعد يوم إيجابي عاشه المنتخب السوري بالتواصل مع الأهل في الوطن وزيارة المدرسة العربية السورية هنا، تبدو آثار الهزيمة قد زالت بشكلٍ كبير، وقد ارتسمت علامات التحدي على وجوه اللاعبين وهم يستعدون لخوض حصة تدريبية جديدة قبل ساعات على خوض المواجهة الثانية التي قد تكون مفتاح التأهل.