سؤال وجواب
قال لها: تسرجين خيلك، تنوين الرحيل، إلى أين وجهتك وأنت التي أقمت فيّ وخلتك ستبقين لأبد الآبدين؟ زرعتك في شرياني وسقيتك من دم الوريد، واليوم أنت تنوين الرحيل! أتحسبين أنك على هجري تقوين؟ كنتِ وما زلتِ في حياتي اليقين، فكيف إذاً تغادرين؟ لا بدّ أنك بقولك تمزحين، لتسمعي منّي من جديد، أن عشقي لك لا يستكين، وحنيني ما بعده حنين. فأنتِ من أقسمتُ أنني لغيرك لن أكون، وأنكِ خلقت من ضلعي وإليّ تنتمين!
فسرّحي خيلك واستريحي، أنت منّي وأنا لك المحبّ الحافظ الأمين، وإن كنتِ تصرّين، فأنا وجهتك أنّى حللتِ، منّي وإليّ سيكون الرحيل!
أنتِ أنا فلا تهدّدي بعد اليوم بالرحيل!
هو إحساس انتابني وأنا أحاول الغوص في أعماقي لأقوّم من جديد انتماءاتي، إحساس تمحور حول سؤال احترت من أجد عنده الجواب.
أيجرؤ المرء أن يتنكّر لذاته فيغيّر جلّ قناعاته واعتقاداته ويضرب بها عرض الحائط ليجدّد مطارح هواه واهتماماته؟
قالت: احترت في أمري، حاولت إعادة ترتيب أولوياتي، عندئذٍ أيقنت أنني ما زلت أحترم ذاتي، وأنّ قدوتي وأحبّ ناسي من كان بهواه أحاديّ الولاء.
نِعم لله العظيم الخالق العالي، للوطن إليه بعزّ ينتمي، لأرض تجذّر فيها فأعطته خيرها بغير منّة، لأهله هم الأصل وهو لهم الامتداد، لحبّه الذي أقسم أن يسقيه الودّ والرحمة بكلّ حنان، لكلّ من يبادله الولاء بالولاء…
عندئذٍ، تأكدت أنّ لديّ الجواب. فمدينتي ما زالت فاضلة، وستبقى كذلك ولن أُدخِل إليها إلا من كان مثلي أحاديّ الولاءّ!
هذا وعد منّي لذاتي!
رشا مارديني