لا تسافري
لعلّك لن تجديني مرة أخرى
في الضياع القديم
فنحنُ من نحن
قصةٌ بلا روائيّ
بلا شخصيّاتٍ كثيرة
وزمانُها نيسانُ الضياع في شفتيك
ومكانُها قُبلتُكِ المثيرة
سأقولُ عنكِ في الغياب بأنكِ ابنة بطنِ الغياب
وأنّ حضوركِ بين يديّ
ليس كمثله شيء
وأنّ قُبلتَكِ الأولى لا تزالُ تفعلُ بيَ الكثير
وأنّكِ دفنتِ كلّ إغراءٍ في هذا العالم الواسع في جسمي الصغير
وأنّ حلولي باتت قليلة
وأنك لو سافرتِ الليلة الليلة
ستجدينني مطرحاً بلا وسيلة
كيف يمكن لامرأةٍ أن تُمسكَ شعراءَ التكوين
في جيبها الأشقر
وكيف تُكتبُ قصائدُ من سبقوني من الشعراء
من دون أن يعرفوا خدّكِ الأخضر
وكيف أخبرُ العالم أنّ حيلتي أنتِ وضعفي أنت
وأنكِ أنتِ أنا… وأكثر
وأنّ الملحَ لو نصّبتهُ على شفتيكِ لأصبحَ من لمسكِ سُكّر
وأنّكِ قهرُ النساء وأصلُ الخطيئة
وأنّ الله من بعدكِ قد غدا يسكَر
حبّكِ الماوراء تغلغلَ في بطنِ الأرض
وخدّكِ الغيم من شدّة ما صلّى له العالم أثلج علينا وأمطر
لا تسافري… أو
سافري لا تخافي
سأربّي حبّنا في الغياب حتى يصبحَ أكبر
تعرفين جيداً أنّكِ لو ردتِ رجال العالم جعلتهم خاتماً في يديك
وأعرفُ أنك ملحُ الرجال وأنهم جميعاً يتوحّمون على قبلةٍ منكِ صباح مساء
وأنّكِ مهما رحلتِ إليهم سترجعين إليّ
وأنّ عينيكِ مِشعلُ الحرّية
وأنّ خصريكِ حلمُ الشعوب ومطامعُ الحكّام
وأنّهم لو نصّبوكِ رئيسةً للبلاد في بلدي
لأغمي عليهم من النظرة الأولى
جسمُكِ بوصلةُ النفوس
أنّى توجّهتِ سارَ اليسارُ معك
وأصبحَ اليمين معك
وانعدمت كلّ أسباب الطائفية
وصار الريقُ في شفتيكِ لو يقبّلنا هوية
وخرج الأسرى معك
وقضي على «إسرائيل» ودُعّش «داعش»
وصارت يديكِ بندقية
وأن هاتفَكِ كلّما طنّ في وجداني
ذكرتِني بأني عربيّ وكانت لي قضية
وأنّ حبّكِ قضيتي الأخرى
ودمي المباح
وأني سأجعلُ لكِ كلّ ورودي دستوراً للجمهورية
وأنهم لو ردموني في مطامرهم
لن أبيعَكِ ولو جعلوني نبيّاً
وبِرّاً بكِ… ولن يجعلوني جبّاراً شقيّاً
والسلامُ عليكِ يومَ وُلدتِ ويومَ تُسافرين
ويومَ أبعثُ معكِ حيّا.
هادي مراد