حلول دبلوماسية مهدِّئة… أم انتفاضة ثالثة؟

بشرى الفروي

تستمرّ «إسرائيل» في انتهاك كلّ المواثيق الدولية بسياساتها الاستفزازية من احتلال واستيطان وتعدٍّ على المسجد الأقصى والمواطنين الفلسطينيين العُزّل، في حين تحاول دول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية تصوير الأوضاع على أنها مجرّد عنف مُتبادَل تجب تهدئته.

الوتيرة المتزايدة للانتهاكات «الإسرائيلية» الممنهجة، والاعتداءات الميدانية، وأعمال التنكيل والقتل، التي أسفرت عن وقوع أكثر من 100 جريح في الضفة الغربية وقطاع غزة حيث أشارت الحكومة الفلسطينية في بيانها الخميس المنصرم، إلى أنّ الجيش «الإسرائيلي» قتل منذ بداية تشرين الأول الجاري 53 مدنياً فلسطينياً، منهم 11 طفلاً وامرأة حامل، بينما أُصيب أكثر من 1900 مدني، وأنّ أكثر من 120 فلسطينياً أصيبوا بالرصاص الحي والمطاطي الذي أطلقه الجيش «الإسرائيلي» خلال مواجهات «جمعة الغضب»، في نقاط تماس مختلفة من غزة. وطالبت الحكومةُ الفلسطينية المجتمعَ الدولي بالتدخل العاجل للضغط على حكومة الاحتلال لوقف جرائمها، وانتهاكاتها المتواصلة.

خلال هذه الأوضاع المتوترة شهدت المنطقة تحرّكات دبلوماسية في محاولة لإيجاد توافق سياسي للخروج من الأزمة الحالية، حيث التقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري رئيسَ السلطة الفلسطينية محمود عباس في العاصمة الأردنية عمان يوم السبت أول من امس، وذلك ضمن جولته الأوروبية الشرق أوسطية. يأتي هذا اللقاء ضمن الجهود المبذولة لاحتواء الوضع المتفجّر في الأراضي المحتلة، واحتمال اشتعال الوضع بشكل عام، حيث شدّد الرئيس الفلسطيني على ضرورة المحافظة على الوضع القائم في المقدّسات التاريخية، مطالباً الجانب «الإسرائيلي» بوقف هجمات المستوطنين بحقّ الفلسطينيين، قبل البدء بأيّ عمل.

وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال إثر اجتماع في العاصمة الألمانية برلين في 22 تشرين الأول: «يمكنني أن أقول عن المشاورات أنها منحتني شيئاً من «التفاؤل الحذر». بإمكاني طرح شيء على الطاولة خلال الأيام المقبلة من أجل التهدئة والمضي قدماً.

وأعرب كيري عن ثقته في أنّ مختلف الأطراف ترغب في التهدئة، وطالب خلال لقائه رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو في برلين بوقف جميع أعمال العنف والتحريض بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين».

من ناحيته شدّد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في بيان، على مسؤولية المجتمع الدولي في العمل على إيجاد حلٍّ عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

وأبرز بان كي مون التزام اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط، بالعمل مع جميع الأطراف ذات الصلة – على أرض الواقع وإقليمياً ودولياً – لتهيئة الظروف للعودة إلى «مفاوضات ثنائية ذات مغزى».

وفي هذا السياق أكّدت ممثّلة الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغريني الجمعة الماضية أنّ «مشاركي الرباعية التي تضمّ كلاً من روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ستقوم بزيارة المنطقة في وقتٍ قريب، من أجل ممارسة التعامل المباشر مع طرفي النزاع، والوصول إلى اتّخاذ خطوات معيّنة». يُذكر أنّ اللجنة الرباعية دعت في العام 2012، إلى التوصل إلى اتفاق سلام فلسطيني ــ «اسرائيلي»، لكن المفاوضات توقّفت بين الطرفين. وأشار مقترح الرباعية آنذاك إلى خطة خارطة الطريق التي تدعو إلى تجميد أعمال البناء في المستوطنات، وتحضّ الطرفين على «الامتناع عن القيام بأعمال استفزازية».

لكن دعوة الرباعية لم تتضمّن أيّ طلب صريح من «إسرائيل» بوقف البناء في المستوطنات قبل العودة إلى التفاوض، الأمر الذي أدّى إلى توقّف المفاوضات.

توقّف المفاوضات، وتوقّف عمل الرباعية، بالإضافة إلى الإهمال من قِبَل الدول الراعية، أدّى إلى قرار الدول المانحة وقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، وهذا يعني التخلّي عن أهم وأخطر قضية في منطقة الشرق الأوسط، وهي قضية اللاجئين، وإسقاط حق عودتهم إلى ديارهم التي احتُلّت في العام 1948، وتجاهُل مصيرهم، فلا تتمّ إعادتهم إلى ديارهم.

في ظلّ الأوضاع المتصاعدة، واستمرار الاحتلال «الإسرائيلي» بجرائمه وعدوانه على الشعب الفلسطيني، وسياسة الولايات المتحدة بالتهدئة التي تساوي بين المُعتدِي والمُعتدَى عليه، وقرارات الأمم المتحدة غير النافذة. فهل سنشهد دوراً روسياً عبْرَ الرباعية على خط المفاوضات بعد عجز الولايات المتحدة الأميركية؟ أم ستؤول الأوضاع إلى مزيدٍ من التصعيد «الإسرائيلي»، ونشهد انتفاضة فلسطينية ثالثة؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى