ميس حرب: أسعى إلى أغنية تعبّر عن الإنسان السوريّ
محمد سمر طحّان
تتمتع المغنّية ميس حرب بصوت مليء بالإحساس والشجن، إلى جانب انحيازها إلى النمط الفيروزي من الغناء، ما يعطيها تميّزاً عن نظيراتها من المغنّيات على الساحة الغنائية السورية، خصوصاً مع امتلاكها مشروعاً غنائياً ثقافياً خاصّاً.
وحول مشروعها الغنائي تقول ميس: أسعى إلى تقديم أعمال تعبّر عمّا يعيشه الإنسان في سورية بشكل خاص وفي العالم العربي بشكل عام، من النواحي الاجتماعية وتفاصيل يومية، بحيث تكون أعمالاً من وحي الواقع المعاش وقريبة من مشاكل المجتمع وباللهجة المحكية بطريقة مبسطة، ومن دون تكلّف، لتصل هذه الأعمال إلى المتلقي العربي بشكل ممتع وراق.
وتتابع: إن هذا المشروع جاهز للطرح ومكتمل من حيث الكلمات والألحان والتوزيع، إنما ينتظر التمويل المادي الكافي حتى يرى النور. لافتة إلى أن العقبات التي تواجه مشروعها تتمثل في قلّة الدعم المادي والإعلامي بشكل عام، خصوصاً من قبل الجهات المعنية بالشأنين الفني والثقافي، وأن الاهتمام وتسليط الضوء يتركز على من يُعتبرون نجوماً بغضّ النظر عن مستواهم وما يقدّمونه من أعمال.
وأوضحت خرّيجة المعهد العالي للموسيقى أنها تحاول، على رغم الظروف الصعبة، التركيز على مشروعها الفني من دون الاكتراث بالعقبات. وتقديم ما لديها من أعمال غنائية في ما تيسر لها من النشاطات الفنية التي تصبّ في الاتجاه الفني ـ الثقافي ذاته الذي تسلكه.
وحول رأيها في دور الفنانين السوريين إزاء الحرب التي تتعرض لها سورية، تؤكد ميس أنها كمغنية سورية شابة اختارت أن تبقى في بلدها على رغم كلّ الصعاب، وتبذل جهدها لتقديم ما لديها من أعمال فنية ثقافية تعبّر عن الإنسان السوري وواقعه من أرض سورية في وقت كان بإمكانها أن تغادر للخارج لتجد دعماً و تمويلاً لمشروعها الفني والاستفادة ممّا تقدمه هيئات ومنظمات خارجية معنية بهذا النوع من المشاريع.
وعن واقع الموسيقى والغناء في سورية تقول: واقع الفن السوري لدينا منقسم إلى ثلاثة مستويات. فأولها وأكثرها رواجاً الفن الهابط من أغاني السوق، ويأتي بعده ما يدعى بالفن الملتزم لكنه خالٍ من أيّ قيمة فنية أو فكرية، والخط الثالث الذي انتمي إليه، يتمثل بالفنانين ممن يحملون الهمّ الموسيقيّ ويفكرون بمسؤولية النهوض بهذا الفن.
وتؤكد ميس حرب أن مغادرة عدد من المغنيين والموسيقيين أثرت بشكل كبير على الحياة الموسيقية في سورية، ما سبب نقصاً في الكوادر، خصوصاً من العازفين المحترفين ذوي الخبرة. حتى بات أي حفل أو نشاط يقام على أساس من تبقى من العازفين. مشيرة إلى أن المؤسسات المعنية تحاول التركيز على استمرار النشاطات الفنية على رغم الظروف الصعبة، لإيصال رسالة أن لا شيء قادراً على قتل الحياة في سورية.
وحول ما أضافه المعهد العالي للموسيقى إلى موهبتها تقول ميس: دراستي في المعهد زادتني خبرة وفهماً لطبيعة صوتي وحنجرتي بشكل خاص، ودعمت ما لدي من موهبة، إضافة إلى فهم الموسيقى العربية والعالمية أكاديمياً.
وتعتبر ميس حرب أن الأغنية السورية موجودة ونحن نمتلك ملحنين وشعراء سوريين قادرين على منافسة أهم موسيقيّي الشرق، لا العرب فقط. لافتة إلى أن الساحة الغنائية والموسيقية السورية تحتاج إلى شركات تمويل للإنتاج والتسويق وتكرار نجاحنا في الدراما في مجال الغناء والموسيقى.
وعن مشاركتها في الغناء ضمن المسلسلات السورية تشير ميس إلى أن المشاركة في غناء الشارات الدرامية أعطاها انتشاراً أكبر لاسمها وصوتها مع غياب شركات الإنتاج الفني للفن الحقيقي.
وتنتظر المغنية ميس حرب ليكتمل مشروعها الفنّي، ويصدر ألبومها الأول، وعندئذ ستفكر بتصوير «فيديو كليب» بالطريقة التي تعبّر عن رؤيتها الفنية والثقافية والفكرية، والتي تتوافق مع ما تقدّمه من أغان. وفي الوقت ذاته تفضل عدم المشاركة في أيّ من برامج المواهب الغنائية التي تنتجها بعض الفضائيات العربية، خوفاً من أن تفقدها هذه التجربة ما تحمل من قيم فنية، فتضطر بسبب العقود الواجب توقيعها عند دخول هذه البرامج إلى تقديم ما لا ترضى عنه من أغانٍ في ما بعد، على رغم إدراكها قوة هذه البرامج في التسويق الاعلامي للفنان وانتشاره، لكن لمن يبحث عن الشهرة فقط على حدّ تعبيرها.
وتجد ابنة مدينة السويداء أن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت الفنان في الانتشار بين الناس، مع عدم وجود لشركات إنتاج فنية، إذ تقول: هي وسيلتنا الأقوى لعرض أعمالنا ونشاطاتنا في حال انعدام البديل من شركات إنتاج فنية، لكنها لا تقوم محل شركات الإنتاج أبداً، لأن النسبة العظمى من جمهور التواصل الاجتماعي تستمع أكثر لما هو مروّج له من قبل تلك الشركات.
وتحضر ميس اليوم ألبومها الغنائي الأول بالتعاون مع موسيقيين وشعراء سوريين محترفين، وهو من إنتاج شركة فنية عربية تعنى بالفن الملتزم. وهي مقتنعة بأن الأغنية السورية قادرة أن تثبت حضوراً عربياً قوياً وجديراً بالاستماع في حال تجاوزت العقبات التي تواجهها، وهذا ما يتطلب العمل وتضافر الجهود للوصول إلى الغاية المرجوّة ولو بعد حين.
المغنية ميس حرب خرّيجة المعهد العالي للموسيقى ـ اختصاص غناء شرقي عام 2008، عملت مع عدة فرق موسيقية وكورال كمغنية صولو منها: جوقة «قوس قزح»، والفرقة الوطنية للموسيقى العربية، وفرقة الغناء العربي، وغيرها. وكان لها عدد من المشاركات في عروض مسرحية وفعاليات فنية جماعية إلى جانب أدائها أغاني شارات أعمال درامية منها «أيام الدراسة»، و«سوق الورق»، و«خلصت»، و«سيت كاز»، و«الأميمي»، وغيرها. وهي تحضر حالياً لإصدار ألبومها الغنائيّ الأول وفق رؤيتها الفنية الخاصة.