الرئيس المتوقع للولايات المتحدة الأميركية: أنا لستُ أوباما!
كتب أندريس أوبنهايمر لـ«تريبيون نيوز سيرفس»:
لا أعرف من سيُنتخب رئيساً للولايات المتحدة عام 2016، ولكنني أستطيع أن أتكهن بأنه سيكون أكثر تشدّداً بكثير من الرئيس أوباما. والحقيقة أن المرء لا يحتاج لأن يكون خبيراً في العلوم السياسية ليخلص إلى أن ثمة انطباعاً متزايداً بين الناخبين الأميركيين بأن أوباما تمادى وذهب بعيداً في تمييز نفسه عن دبلوماسية «رعاة البقر» التي كان ينتهجها سلفه جورج بوش.
فثمة شعور واسع بأن روسيا والصين وإيران وخصوماً آخرين للولايات المتحدة يتقدمون على حساب واشنطن. واللافت هنا أن الانتقاد لا يصدر فقط عن المجموعة المعروفة من الجمهوريين المتشددين في السياسة الخارجية، أو من وافدين جدد مثل دونالد ترامب، الذين يتهمون أوباما باللين والتراخي تجاه كل مواضيع السياسة الخارجية تقريباً. لا بل أنّ حتى كثيرين منّا ـ نحن الذين ندعم أوباما عادة ـ خصوصاً في شأن المواضيع الداخلية، بتنا نتابع سياسته الخارجية بقلق متزايد.
والحقيقة أن أوباما نفسه بدا أنه يعترف بهذا القلق العام الأسبوع الماضي عندما أعلن أنه ـ خلافاً لقراره السابق ـ سيوقف الانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان وسيبقي على آلاف الجنود هناك حتى نهاية رئاسته في 2017. ويبدو ذلك اعترافاً ضمنياً بأن عقيدة ضبط النفس و«الصبر الاستراتيجي» التي يتبناها لم تكن تصب دائماً في مصلحة أميركا. وما على المرء هنا إلا أن يتأمل الشواهد التالية:
ـ روسيا، التي قامت السنة الماضية بضمّ شبه جزيرة القرم، تنتقل عسكرياً الآن إلى سورية من أجل الدفاع عن نظام بشار الأسد في الحرب الجارية في ذلك البلد. ومنذ أسبوعين، تقوم المقاتلات الروسية بضرب مواقع «الثوّار»، بينما يدعو عدد متزايد من السياسيين الأميركيين ـ من بينهم هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية ووزيرة الخارجية السابقة في إدارة أوباما ـ الولايات المتحدة إلى إقامة منطقة حظر طيران في سورية.
ـ الأسد بقي في السلطة وقد يكون اليوم أقوى مما كان عليه السنة الماضية على رغم تحذيرات أوباما السابقة بأن عليه أن يرحل وأن الرئيس السوري إن تجاوز «خطاً أحمر» سيواجه «عواقب وخيمة»، والقصد إن هو استعمل أسلحة كيماوية. ولكن الأسد استعمل أسلحة كيماوية لقتل أعداد كبيرة من «الثوّار»، من دون أن يثير ذلك أيّ رد عسكري أميركي حقيقي حتى الآن.
ـ تنظيم «داعش» يعمل على نشر عنف «دولته» الإرهابية عبر الشرق الأوسط، والجمهوريون الطامحون للرئاسة لا يفوتون فرصة لتذكير العالم بأن ذلك يحدث في فترة رئاسة أوباما. وفي هذه الأثناء، يعترف المسؤولون الأميركيون بأن تنظيم «داعش» قام بتجنيد ما يصل إلى 30 ألف مقاتل أجنبي، ويعمل على تشجيع آلاف آخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي على تنفيذ هجمات إرهابية حول العالم.
ـ الصين تقوم ببناء جزر جديدة ـ حيث تصبّ كميات هائلة من الرمال في المياه ثم تقوم بتغطيتها بالإسمنت ـ في مناطق في بحر الصين الجنوبي تطالب بها اليابان وفييتنام والفيليبين. وتقول الصين إن الهدف من الجزر الجديدة هو البحث العلمي ومهمات الإنقاذ، ولكن جيرانها يخشون أن يكون الهدف الحقيقي إقامة قواعد عسكرية عليها.
ـ إيران، وبعد توقيع اتفاقها النووي مع الولايات المتحدة وخمس قوى عالمية أخرى في تموز الماضي، أجرت في وقت سابق من هذا الشهر اختباراً لصاروخ باليستي جديد قد يكون أول سلاح لها قادر على ضرب «إسرائيل» بشكل مباشر. والحال أن الاختبار يشكّل تحدياً لقرار صادر عن الأمم المتحدة يحظر على إيران تطوير مثل هذه الأسلحة.
ـ كوبا لم تقم بأيّ إصلاحات سياسية أو اقتصادية مهمة منذ بدء محادثات التطبيع بينها مع الولايات المتحدة في السابع عشر من كانون الأول، على رغم استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإعلان أوباما مؤخراً عن جملة من التدابير التي تُضعف بشكل كبير الحظر التجاري الأميركي على الجزيرة. وفي هذا السياق، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في الثامن من تشرين الأول الجاري عنواناً جاء فيه: «المسؤولون الأميركيون يشعرون بالإحباط من جرّاء عدم التقدّم مع كوبا».
شخصياً، أعتقدُ أنه نظراً إلى كل هذه العوامل وعوامل أخرى، ينبغي ألا نُفاجَأ لكون كلينتون أخذت تنأى بنفسها عن سياسة أوباما الخارجية. ومثلما انتهج أوباما سياسة خارجية شعارها «أنا لست جورج بوش»، فإن ثمة احتمالًا كبيراً أيضاً لأن يتّبع خلفه سياسة خارجية شعارها «أنا لست أوباما»!
كاتب أرجنتينيّ متخصّص في شؤون أميركا اللاتينية