التوعية الصحية والقانونية.. سلاح في مواجهة الحرب على سورية
لورا محمود
رغم شراسة الحرب على سورية، والتي استهدفت مناحي الحياة السورية كافة، ما تزال قطاعات الدولة مصرّة على التمسك بدعم صحة المواطن السوري ونشر التوعية وسط الكوادر العاملة في قطاع الصحة. وفي هذا السياق، نظّمت وزارة الصحة فعالية توعوية حول أهمية لقاح شلل الأطفال، بالتزامن مع الحملة التي شملت كلّ المحافظات السورية، بما فيها المناطق الساخنة. بحضور وزير الصحة نزار وهبة يازجي، وذلك في المركز الثقافي العربي في كفرسوسة ـ دمشق.
بالوقوف دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء سورية، والنشيد العربي السوري، افتتحت الفعالية التي تضمّنت عرض فيديو عن حملة اللقاح لنهاية عام 2015، وذلك لمدة عشر دقائق. ثمّ قدّمت فرقة «آنتيكا» فقرة موسيقية شرقية فيروزيات قومية ، فمحاضرة عن الاستقالة والتقاعد وتوعية الكوادر العاملة عن عواقب ترك العمل. وبعد المحاضرة، عُرضت فقرة مسرحية إيمائية لمدة ربع ساعة، وذلك بحضور مدير صحة دمشق الدكتور محمد هيثم الحسيني، وعضو قيادة فرع دمشق في حزب البعث العربي الاشتراكي زياد نسمة، ورئيس الهيئة العامة لمستشفى «المجتهد» الدكتور أديب محمود، ومدير مستشفى الهلال الأحمر الدكتور ماهر حداد.
وتحدّث الحسيني عن استمرار دروات التعليم الطبي المستمرة في مديرية الصحة، وعن الفعاليات التي تقوم بها المديرية لإلقاء الضوء على الشؤون الإدارية والقانونية. وأضاف: «كإدارة، تصادفنا عقبات كثيرة. فمثلاً، عندما يجبر أحد الموظفين على ترك منطقته أو محافظته نتيجة الأعمال الإرهابية، ويأتي ليباشر العمل في مديرية الصحة أو في أحد المراكز التابعة لمديرية الصحة، فهناك بعض الاجراءات المتخذة لإعادته وليستأنف عمله».
وعن حملة اللقاح الأخيرة قال الحسيني إنها كانت مميزة، ولفت إلى الجهد الكبير والجبار من قبل الكوادر الطبية. وقال: «سنضاعف هذه الجهود في المرحلة المقبلة، لأننا على أبواب مرحلة جديدة ومهمة بالنسبة إلى وطننا سورية. وهي مرحلة إعادة الإعمار والبناء. وستكون هناك انطلاقة جديدة بالنسبة إلى كل القطاعات لنعيد بناء الإنسان والوطن».
وفي حديث إلى «البناء»، قالت رئيسة المهن الصحية في مديرية صحة دمشق ومنظِّمة الفعالية الدكتورة هزار رائف: «هذه الفعاليات في مديرية الصحة هي لتوعية الطاقم والعاملين، وبحث قانون العمل الأساسي وحقوق العامل نفسه، ما له وما عليه. ففعالية اليوم تحدثت عن حقوق الموظف وعواقب ترك العمل، خصوصاً أولئك الذين يتركون العمل فجأة، ويسافرون من دون أيّ إنذار مسبق. وقد كثرت هذه الحالات في الفترة الأخيرة، نتيجة ظاهرة اللجوء الكبيرة للسوريين بسبب الأزمة. لذلك، نقوم كل فترة بفعاليات مثل هذه لتوعية الموظف والمواطن أيضاً». ولفتت رائف إلى أنه بعد انتهاء الفعالية، سيذهب الحضور مباشرة إلى مركز التبرّع بالدم لمصلحة الجيش العربي السوري.
وأضافت: «من المهم جداً إيصال اللقاح ضدّ شلل الأطفال إلى كل المناطق السورية. وقد تم ذلك بفضل الطواقم الطبية ذوي الكفاءة العالية، والمستعدين للوصول إلى أطفالنا في كل مكان».
ولفتت رائف إلى أن حملة اللقاح ضدّ شلل الأطفال مع كل ما تمرّ به سورية تعدّ بمثابة إنجاز للطاقم الطبي ولكل العاملين في مديرية الصحة أو العاملين في القطاع الصحّي عموماً. وقالت: «نحن في حملات كهذه، نكون قد حمينا أطفالنا من الأمراض والإصابات التي شاهدناها خلال سنين الأزمة في سورية».
بدورها، ألقت رئيسة الشؤون القانونية الأستاذة ريم أبو نظام محاضرة عن الاستقالة وعواقب ترك العمل. وقالت: «في السنوات الأخيرة، لوحظت زيادة في عدد العاملين الذين تركوا أعمالهم بصورة غير قانونية، من دون الأخذ بالحسبان أنهم من الممكن أن يعودوا إلى الوطن، وسيواجهون حينذاك دعاوى قانونية تُحرَّك ضدهم. فقانون العاملين الأساس في الدولة حدّد تسع حالات لإنهاء خدمة العامل، وإحدى هذه الحالات الاستقالة وما في حكمها. فالاستقالة أن يقدّم العامل طلباً خطّياً إلى مديره لإعفائه من الخدمة، وعلى الجهة العاملة أن تبتّ بالطلب إما القبول أو الرفض خلال فترة ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب. وهناك ضوابط لدى الجهة العامة حتى يُقبل طلب الاستقالة أولاً. ومن هذه الضوابط التي يجب أن تتحقق ألّا يؤدّي قبول الاستقالة إلى حصول إرباك في العمل. وأيضاً إثقال الإدارة بالخبرات النادرة.
أما بالنسبة إلى الملتزمين بخدمة الدولة، فلا تُقبل طلباتهم إلا إذا تم الإيفاء بجميع التزاماتهم وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة. وأيضاً، لا تُقبَل طلبات الاستقالة للعاملين الذين يتابعون مشاريع معيّنة للدولة، لأن ذلك يؤدّي إلى عرقلة الأعمال وتأخير إنجازها، ويلحق الأذى بالجهة العامة».
وأضافت أبو نظام: «لقد سمح القانون بالتراجع عن طلب الاستقالة إنما بشرطين هما: ألّا تكون فترة الأيام الستين قد انقضت. وألّا يكون قد صدر صكّ قبول الاستقالة».
ونفّذت وزارة الصحة حملة التلقيح السادسة عشر ضدّ شلل الأطفال التي بدأت منذ عام 2013، في كافة المحافظات السورية، وذلك بالتعاون بين وزارة الصحة السورية ومنظمتَي الصحة العالمية والأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، بهدف إيصال اللقاحات إلى ثلاثة ملايين طفل دون الخامسة من العمر. والحملة استمرّت لمدة أسبوع وحققت نتائج مرضية من خلال المراكز الصحية. إذ خصّص نحو عشرة آلاف عامل صحي و860 سيارة مرافقة ضمن 1332 فرقة تلقيح جوّالة، تستهدف كافة المناطق والمحافظات السورية، إضافة إلى وجود فِرق غطّت مراكز الإقامة الموقتة ورياض الأطفال. فوزارة الصحة هيّأت الظروف الملائمة لإنجاح الحملة بهدف تحسين نِسَب التغطية بجميع اللقاحات المدرجة والمشمولة في برنامج التلقيح الوطني، وتحصين الأطفال ضدّ أمراض الطفولة والمحافظة على صحتهم ضدّ الأمراض الخطرة، وضمان نموّهم بشكل سليم ومعافى. وقد غطّى اللقاح المناطق السورية بشكل كامل حتى المناطق غير الآمنة.
إشارة إلة أنّ حالة الشلل الأخيرة التي سُجّلت بعدما عاود الفيروس ظهوره مترافقاً مع وجود الإرهابيين في سورية بعد خلوّ سورية من المرض قبل الأحداث، وثبت أنه ذو منشأ باكستاني، وظهرت أعراض الحالة في بادية سَلَمية في محافظة حماه في كانون الثاني 2014. ونجحت إجراءات وزارة الصحة في تطويق المرض، إذ كانت الإجراءات فعّالة، وما زالت الجهود مستمرة لاجتثاث هذا الفيروس من خلال حملات التلقيح الوطنية وتطبيق برنامج اللقاح الروتيني.
ويعدّ اللقاح المستخدم في سورية من أفضل أنواع اللقاحات، وهو مستورد من كبريات شركات إنتاج اللقاح في العالم بالتعاون مع منظمة «يونيسف»، ويحقّق أفضل معايير الجودة المعتمدة لدى منظمة الصحة العالمية، ويعطى للأطفال مجّاناً من خلال طاقم طبّي مؤهل يقوم بإيصال اللقاحات إلى كل طفل وفق شروط صارمة لنقل اللقاحات وحفظها.