المؤتمر القومي العربي يختتم أعماله… و«البناء» تلتقي عدداً من المشاركين فيه
محمد حمية
اختتم المؤتمر القومي العربي المنعقد في فندق «كراون بلازا» ـ الحمرا أعماله، بمشاركة المئات من الفاعليات من مختلف الدول العربية.
وإذ تنشر لاحقاً تقريراً يتضمن أهم توصيات هذا المؤتمر، واصلت «البناء» لقاءاتها كوادر وفعاليات مشاركة. وفي هذا التقرير عدد من أهم هذه اللقاءات.
الدكتور مصطفى نويصر: المؤتمر إنجاز كبير لاستنهاض العمل القومي العربي
وتحدّث عضو المؤتمر الأستاذ المحاضر في جامعة الجزائر الدكتور مصطفى نويصر عن ظاهرة الإرهاب التي ناقشها المؤتمر، معتبراً «أن مفهوم الإرهاب مفهوم ملتبس وغير متفق عليه في العالم العربي، وهو مصطلح تاريخي، كانت القوى الإستعمارية الكبرى بدءأً من فرنسا إلى بريطانيا إلى أميركا اليوم هي التي تستعمل هذا المصطلح، ومثلاً عندما اندلعت الثورة الجزائرية في خمسينات القرن الماضي أطلقت فرنسا على «المجاهدين» إسم الإرهابين، وبعد 50 إلى 60 سنة عادت الولايات المتحدة الأميركية وأطلقت على قوى التحرر والقوى الرافضة والممانعة اسم الإرهاب، ونحن كعرب وكمسلمين أخذنا هذا المصطلح من دون أن ندقق فيه، وبالتالي لا يمكن للمؤتمر القومي العربي أن يدرس هذه الظاهرة بهذا المصطلح بل يجب أن يدرس الظاهرة من مختلف ظواهرها».
وأضاف: «كل قطر عربي يعيش خطراً معيناً، ففي الجزائر مثلاً هناك حراك كبير وفي تونس أيضاً، وفي ليبيا هناك حرب أهلية بين قوى متصارعة وميلشيات، وفي مصر لا يمكننا أن نقول أن الوضع استقرّ كلياً في ظل اختلاف الآراء، فهناك من يقول إن ما حصل في مصر انقلاب عسكري بتغطية شعبية، والوضع في سورية أن حراكاً شعبيا انطلق من بعض الأطراف ثم تحول إلى حرب كونية وإقليمية وتدخلت فيها دول إقليمية وعظمى، وهناك نوع من الصراع بين هذه القوى من الولايات المتحدة الأميركية وعملائها في المنطقة من جهة، وقوى عظمى أخرى كإيران وروسيا والصين إلى جانب النظام، والواقع الآن في سورية يتمثل بحرب بين قوى وتكتلات عالمية كبرى وهذا ما وصل إلى العراق الآن الذي تحركه قوىً خارجية».
وعن أهمية المؤتمر في ظل الواقع الحالي الذي تعيشه الدول العربية قال نويصر: «المؤتمر القومي العربي إنجاز كبير حققته الحركة القومية العربية على مدى ربع قرن كمحاولة لاستنهاض العمل القومي العربي المستقل بعيداً عن سياسات الأنظمة وسياسات الأحزاب، ويجب ألا نحمله أكثر مما يحتمل، بل هو إطار فكري ثقافي فكري سياسي للتشاور بين النخب السياسية والفكرية العربية في قضايا الأمة الكبرى الراهنة والمستقبلية».
المحامي فايز شخاترة: الموقف الشعبي في الأردن يقف بغالبيته مع سورية
وتحدث لـ«البناء» على هامش المؤتمر، نائب رئيس المنتدى العربي في عمّان ومقرّر المؤتمر القومي العربي في دورته الحالية المحامي فايز شخاترة، عن أجواء المؤتمر وظروف انعقاده قائلاً: «ينعقد هذا المؤتمر في ظل ظروف يتعرض فيها العالم العربي لمحاولة تفكيك، ليس وحدة الدول التي أقيمت بعد اتفاقية سايس ـ بيكو، بل وحدة المجتمعات العربية، والدولة هي التي تحفظ أمن المجتمع، وعندما يختل حبل الأمن في أي دولة، ينقسم المجتمع إلى أصوله العرقية والطائفية والمذهبية، وهذا هو المخطط الأميركي الإسرائيلي الآن، ولم يكتفوا بتقسيمنا في اتفاقية سايكس بيكو إلى 21 دولة، والآن يراد أن نصبح ثلاثين أو أربعين دولة، وقد بدأ الأمر في السودان والمشروع المقترح لليمن دولة فدرالية مع ستة أقاليم، ولا دولة حقيقية الآن في ليبيا، ومشروع التقسيم قائم، وفي العراق قائم وهكذا يراد لسورية».
وأشار شخاترة إلى «أننا الآن نواجه هجمة استعمارية إمبريالية متحالفة مع الرجعية العربية لهذا التمزيق لكي يبقى الكيان الصهيوني من دون أي مقاومة».
وعن موقع العراق بين المشاريع التقسيمية والمشروع القومي العربي في ظل التطورات الأخيرة قال: «لا شك أن التكفيريين في العالم العربي هم الحلفاء الطبيعيين للحركة الاستعمارية والحركة الصهيونية، ورأينا الحكم الذي أقاموه في مصر منذ 2012 حتى 2013، لقد شاهد الشعب العربي وكل الأقطار العربية ما مارسوه من مواقف سياسية تطبيعية مع الكيان الصهيوني ورأوا رسالة رئيس الإخوان المسلمين الذي كان رئيساً لمصر إلى شمعون باريس والذي خاطبه بالأخ العزيز والذي تمنّى للكيان الصهيوني حياة هادئة وسعيدة خلافاً لكل الشعارات التي كانوا يمطروننا بها دائماً عن أنهم مع التحرير من البحر إلى النهر، فهم اعترفوا بالكيان الصهيوني واعترفوا باتفاقية كامب دايفيد وضغطوا على المقاومة في غزة لكي يوقعوا الاتفاق مع العدو الصهيوني بعدم الاعتداء، وكأن الشعب الفلسطيني هو الذي يعتدي على العدو الصهيوني لا العكس، وهذه هي سلوكيات الإخوان المسلمين وكل هذه الجماعات التكفيرية خرجت من عباءتها بغضّ النظر عن المسميات المختلفة».
وعن موقف الأردن مما جرى ويجري في سورية خصوصاً استخدام بعض الدول حدوده لضرب الأمن السوري، أوضح شخاترة «أن الموقف الشعبي في الأردن يقف بغالبيته مع سورية النظام وسورية الدولة وسورية الشعب لأنه يرى أن الأمن الوطني الأردني والأمن الوطني السوري كلان لا يتجزّءان».
وأضاف في هذا السياق: «نحن في الأردن نعتبر في الأصل جنوب سورية الطبيعية ونحن كنا عبارة عن بلاد الشام التي قامت الثورة العربية عام 1916 لتحريرها من الاستعمار العثماني ولإقامة الدولة العربية في آسيا العربية، لكن الفرنسيين والإنكليز منعوا قيامها وتآمروا وقسموا المشرق العربي وفقاً لاتفاقية سايس ـ بيكو إلى عدة دول ودويلات لتكون الغلبة لهم، وعندما وجدوا أن هذا التقسيم غير كافٍ، عمدوا إلى تجديد خطتهم الآن لمزيد من التقسيم، لأن دولاً ظهرت بعد هذا التقسيم، تستطيع أن تشكل معاقل للقوة العربية كمصر والعراق وسورية، ولهذا يراد ضرب معاقل القوة العربية الرئيسية فأخرجت مصر من الصراع في اتفاقية «كامب دايفيد»، وحل الجيش العراقي بقرار من بريمير وأول قرار للإحتلال كان حل الجيش العراقي وأوجد في الدستور نص أن المكونات الأساسية للشعب العراقي لم يعترفوا أن هناك عرباً في العراق بل قالوا أن هناك سنة وشيعة وأكراد، والأكراد هم مكوّن قومي في حين أن القومية العربية تشكل 50 إلى 80 في المئة من العراق، لم يعترف أحد بها لكي يسود منطق المحاصصة كما يحدث الآن في لبنان هناك 18 طائفة وفي العراق 4 طوائف وحينها تختفي المصلحة القومية العليا». مضيفاً: «من حقك أن تقول أنك شيعي وسني ومسيحي وكردي أو أردني أو مصري لكن ممنوع أن تقول أنني عربي والمطلوب إلغاء الهوية العربية التي تجمع الجميع المسلمين والمسيحيين بكل طوائفهم والهجمة هي على الهوية العربية الجامعة».
وعما سينتج عن المؤتمر من نتائج اعتبر شخاترة «أن المؤتمر يضم عدة تيارات، وللأسف هناك اختلاف بين مكوّناته وأعضائه في وجهات النظر حول بعض القضايا، لكنه بشكلٍ عام غالباً ما يتفق على الحلول الوسط للقضايا المطروحة في المؤتمر، وعلى سبيل المثال هناك من يعتبر أن ما يحصل في سورية ثورة وغالبية أعضاء المؤتمر يرون أن ما يجري مؤامرة وكذلك الأمر في العراق، وميزة المؤتمر أنه يعطي مساحة وفرصة للحوار بين هذه المكونات مع أننا نرى أن الأمور أصبحت واضحة وضوح الشمس ولا ضرورة للإختلاف ولكن الأخوة في قيادة المؤتمر يصرون على أن تكون صدورهم واسعة لكافة وجهات النظر المختلفة».
الشيخ زغموت: على علماء العراق أن يكشفوا الإرهابين المجرمين وزيف ادّعاءاتهم
وأيضاً، تحدث لـ«البناء» رئيس المجلس الإسلامي الفلسطيني الشرعي الأعلى في لبنان والشتات الشيخ الدكتور محمد نمر زغموت، كمراقب في المؤتمر، عن تقويمه الأولي للمؤتمر قائلاً: «فعلاً نجح المؤتمر في معالجة كل قضايا الأمة والقضية الحالية التي هي محط الساعة، أعني الإرهاب التكفيري الإجرامي». مضيفاً: «لا يجوز أن نطلق عليهم لقب مسلمين، والإسلام براء من هؤلاء، بل نستطيع أن نقول عنهم مجرمين تكفيريين وكل من يخالفهم الرأي يخرجونه عن الملّة، وهم بهذا العمل يعتدون على حقوق الله لأن الذي يحلل ويحرّم ويكفّر ويحاكم هو الله».
وعن دور المؤتر في مواجهة الفتن والتقسيم والإرهاب قال زغموت: «لقد سلط المؤتمر الضوء على مشروع المقاومة إن كان في لبنان أو في فلسطين أو في العراق، ومشروع الدفاع عن سورية وعلى خط المقاومة الذي يمتد من بغداد إلى دمشق إلى لبنان إلى فلسطين، وهذه هي عواصم المقاومة الآن في سورية الطبيعية».
وأضاف الشيخ زغموت: «لقد تكلم كثيرون من الأخوة عن المقاومة ودورها التي تقوم به في إصلاح الأمة وكشف العدو الصهيوني ومن يدافع عنه ومن يسانده وكشف صهاينة العرب».
وعن الإرهاب الذي يضرب العراق الآن وسبل مواجهته قال زغموت: «أولاً، على علماء العراق أن يكشفوا هؤلاء المجرمين وزيف ادعاءاتهم وولاءاتهم وما يقومون به، وعلى أمراء العراق والمسؤولين أن يأخذوا بحقوق العراقيين وعلى العراقيين إذا كانت مطالبهم مشروعة أن يحققوا هذه المطالب بالطرق المشروعة وليس بالأجندات المشبوهة».
وشدّد زغموت على «أننا نقرّ بحقوق العرب في العراق وفي سورية لكن تحقيق هذه الحقوق يجب ألا يهدم سورية ولا العراق، وألا يهزم الجيش العربي السوري ولا الجيش العراقي، لأن هذه الهزيمة من مصلحة العدو الصهيوني الذي ينتظر إضعاف هذه الجيوش لينقض على جيش تلو الآخر وعلى بلد تلو الآخر بعد أن يصبحوا مستنزفين ضعفاء لا يستطيعون المقاومة».
وعن دور سورية في إسقاط هذا المشروع التكفيري قبل أن ينتقل إلى العراق أوضح الشيخ زعموت «أن المشروع في سورية في مراحل فشله الأخيرة وسورية ستنتصر، وبعد مدة سيتحقق النصر في العراق بعد أن يتوحد العراقيون ويأخذ المسؤولون في العراق زمام المبادرة في الإصلاحات الشعبية والديمقراطية التي يطالب بها الشعب، من دون أي تمييز مذهبي أو عرقي أو طائفي لأن المذهبية والطائفية والعرقية مزقت العراق. لذلك بعد مدة، سنحتفل بتحرير العراق من هؤلاء المجرمين».
أبو نضال الناصري
وأيضاً تحدث المراقب في المؤتمر الأستاذ أبو نضال الناصري عن تقويمه المؤتمر فقال: «أحضر لماماً هذه المؤتمرات بصفتي عضو مراقب وأجد في ذلك نفعاً كبيراً للقضية التي أؤمن بها وهي قضية الوحدة العربية وما فيه مصلحة الشعوب العربية، ويعمل المؤتمر على نقل هذه المعارف والآراء والاهتمامات التي يناقشها إلى الشعب وكي لا يبقيها في الغرف المغلقة. ونحن في معركة على صعيد الأمة ضد ما أوصلنا إليه التكفيريون الجهلاء».
وعمّا إذا سيبحث المؤتمر وضع آليات للترجمة العملية للمقررات قال الناصري: «ألمح الؤتمر إلى هذه قضية ويفكر في أن يوضع لها كوادر للترجمة العملية».
ونوّه الناصري بمحاولات قيادات المؤتمر بالارتقاء في النقاشات وتبادل الأفكار إلى مستوى أخلاقي وعلمي رفيع بحيث أن يكون هناك دور للنقد والنقد الذاتي الموضوعي.