ندوة لباسيل ونظيره المجري عن سبل حلّ أزمة اللاجئين

عقد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مع نظيره وزير الخارجية المجري بيتر سزيجارتو ندوة حول «أزمة اللاجئين السوريين في لبنان وأوروبا»، في قاعة المحاضرات في الحرم الرئيسي لجامعة الحكمة في فرن الشباك، حضرها رئيس الجامعة الخوري خليل شلفون ونائبه الخوري دومنيك لبكي والوزير السابق سليم الصايغ وعمداء الكليات في الجامعة وأساتذة وطلاب.

بداية، لفت باسيل إلى أنّ المجريين استطاعوا «التعاطي مع موضوع حساس هو الهجرة، مع محافظتهم على مصالح بلدهم». وقال: «لقد اتهمنا بالعنصرية لأننا فضلنا اللبنانيين على أي جنسية أخرى، لأننا فضلنا أن نحفظ حق الشعب السوري في العيش بكرامة وقلنا إنه لا يمكن لمليوني نازح سوري المجيء إلى لبنان والعيش فيه وحيث لا توجد مصادر كافية لنا كشعب لبناني فكيف نؤمّنها لهؤلاء»؟

ورأى أنّ «ما يحصل في أوروبا من تخليها عن جذورها سيجعلها من غير جذور، وهذه نصيحتنا لأصدقائنا الأوروبيين وذلك انطلاقاً من خبرتنا، لهذا السبب نحن ندعو اللبنانيين للتجذر في وطنهم، وتراثهم وثقافتهم ومعتقداتهم، لأننا حين نتخلى عن ذلك سيكون من السهل اقتلاعنا من جذورنا، لأننا نواجه موجة «تسونامي» من الكراهية المتكررة والعنف والايدولوجية التي تستعمل الله كي تقتلع كلّ الجذور الإنسانية والثقافية والدينية وتراث منطقتنا وأوروبا أيضاً، وإذا لم نكن نعي هذا الخطر الكبير الذي يهدّدنا أكان اسمه داعش أو النصرة أو القاعدة أو الشباب، ونستغلّ هذه الايدولوجية من الشرق او الغرب، حينها سنكون على أبواب حرب عالمية جديدة حيث ستكون الخسائر البشرية ضخمة في أوروبا ومنطقتنا».

وختم باسيل متوجهاً إلى سزيجارتو: «سنعمل معاً لحماية التنوع في لبنان، وحماية المسلم والمسيحي معا، لحماية هذا النموذج الفريد والمتنوع، وعندما يعي المجتمع أن الحفاظ على لبنان المتنوع هو الحفاظ على الشرق الأوسط وأوروبا، حينها سيسعى الجميع لمساعدتنا، ولكن للأسف لم يحصل هذا الأمر حتى الآن من معظم أصدقائنا في المنطقة والعالم، حينها الخطر لن يصيبنا وحدنا إنما سيصل إلى كل العالم. إنّ المجر استطاعت اليوم التغلب على أزمة المهاجرين لأنها اتخدت الخطوات المناسبة، وأعتقد أنّ الأمر يمكن أن يحصل في كلّ أوروبا والمنطقة، من خلال الحوار مع بعضنا البعض والجهود المشتركة لمحاربة كل أنواع الكراهية والإرهاب وتعزيز رسالة لبنان، فخلاصنا لا يكون بالتعصب إنما بالحفاظ على القيم المشتركة التي تحمي المسلمين والمسيحيين والملحدين، فلكلّ شخص حرية الإيمان والمعتقد شرط ألا يؤذي الآخرين».

وشرح الوزير المجري، من جهته، التحديات التي تواجه أوروبا اليوم نتيجة أزمة الهجرة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والأمني، وقال: «منذ سنوات كنا نشاهد على شاشات التلفزة ما يحصل هنا في الشرق الأوسط ونقول إنّ الأمور بخير وما يحدث بعيد عنا آلاف الكيلومترات، ولا يمكن أن تحصل هذه المشاهد لنا أو عندنا. إنما اليوم بعد الاعتداءات الإرهابية على باريس وكوبنهاغن، ومع اقتراب داعش من دول قريبة من الدول الأوروبية، أصبح خطر الإرهاب عندنا مرتفعاً جداً».

وقال: «لدينا حتى الآن نحو 400 ألف مهاجر، لم يهربوا بسبب الأوضاع السياسية إنما من أجل حياة أفضل بالمعنى الاقتصادي، إنهم مهاجرون اقتصاديون، وما يحثهم على مغادرة بلادهم ليس الهرب من الحرب والأخطار الأمنية».

ودعا إلى معالجة جذور الأزمة «بإحلال السلام والاستقرار في سورية، إذ في ظلّ استمرار الحرب فيها ليس هناك من حلّ للهجرة الجماعية».

وأضاف: «نحن نقدر ونثمن ونحترم إنجازات لبنان وما يتحمله نتيجة استضافته لمليوني نازح سوري، إنما من غير العدل أن نتوقف عند المديح، لأنّ لبنان يتحمل عبئاً كبيراً على كتفيه ولا توجد أي مساعدة حقيقية من الجانب الأوروبي. لذلك السبب أدعو الدول الأوروبية إلى تقديم المساعدة الفورية للبنان والأردن وتركيا وكردستان العراقية من أجل المشاركة في حمل الأعباء الضخمة على المدى الطويل والقصير».

وتابع: «إذا لم تكن أوروبا قادرة على حماية حدودنا الخارجية فلن يكون بإمكاننا معالجة أزمة الهجرة، واليونان نقطة انطلاق هؤلاء، ليست قادرة على حماية حدودها. والمجر تطبق اليوم إجراءات صارمة في هذا الصدد لذلك لم يعد يدخل البلاد أي شخص يطريقة غير شرعية. نعم لقد انتقدنا لذلك، ولكن برأيي هذا نفاق وازدواجية في المعايير لأننا نطبق الأنظمة الأوروبية واتفاقية الشنغن.

وختم سزيجارتو: «يحقّ لكل دولة اختيار إذا ما أرادت مشاركة حياتها مع مجتمع آخر كبير الحجم، أم لا، إنه حق لأي دولة، وألمانيا وفرنسا اتخذتا قرارهما، وقالتا إنهما تودان مشاركة حياتهما، نحن نحترم قرارهما ولا نعلق عليه إنما نتوقع من الجميع احترام خيارنا، وهذا الخيار لا علاقة له بالعنصرية والفاشية أو الديكتاتورية او الديمقراطية، إنه حق لكل دولة ونحن نمارسه. إنّ أوروبا تضعف اليوم بسبب ابتعادها عن قيمها وجذورها المسيحية، لذا من المهم لها أن تعزّز وتقوي هذه الجذور، لأننا اذا كنا لا نحترم جذورنا وقيمنا فكيف يمكننا احترام جذور وقيم الآخرين. وستستمر المجر في تحمل مسؤوليتها في حماية كل المجتمات المسيحية التي في خطر أينما كان في العالم، ولا سيما هنا في الشرق الأوسط».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى