قالت له
قالت له: أنت حيرتي وغيرتي. فكلامك يطربني وكلامك يعذّبني، لا أريده وأشتاق إليه. وجمالك يغويني وأخشى عليك منه، ولا أجد حلّاً إن ابتعدت عنك، ولا إن اقتربت أكثر، كفراشة أمام النار تقترب فتحترق، وتبتعد فتبرد.
فقال لها: وأنت من دون الكلام حيرة، ومن دون الإغواء غيرة. وقد وجدت حلّاً في منتصف الطريق أن أكون في فراشة على سطح كوب ماء، لا تحرق ولا تغرق، وتراقب النار وتشعر بدفئها، وترضى أن النار لا تملك.
فقالت: وهل تملك النار معيبة؟
فقال لها: تملك النار مصيبة. ولذلك، كانت جهنم تغوينا ونذهب إليها بأقدامنا. وإن اكتشفت جنتك على سطح كوب ماء.
فقالت: وما هو كوب مائك كي أقتني مثله؟
فقال: الرضا.
فقالت: وما رضيت لأرضى؟
فقال: أن أرى منك ابتسامة كلّ صباح، وأرتضي لغيري جحيم نارك.
فقالت: وإن أحرقتني الغيرة؟
قال: تبللين جانحك بالماء، ومزيد من الرضا، وتغضّين البصر.
فقالت: إذاً، لغيرتي أسباب، وأنت تمارس عليّ الخداع بلعبة الماء والنار.
فقال لها: ومن ليس لغيرته أسباب، كان حبيبه من شمع يذوب قبل اشتعال النار. فقالت: عذب كلامك. يعذّبني ويطربني. فدعنا نعيش في الحبّ كلاماً.
فقال لها: ها قد وضعت أول جناحيك في كوب الماء، وعندما تتبلل ستشعرين بدفء النار بدلاً من الاحتراق بلهيبها.
فقالت: إذاً، فلنبتعد ونكتب شعراً.
فقال: هذا ما فعله جبران عندما يئس من الحبّ.