فيينا: مشروع لجنة إقليمية لمساعدة دي ميستورا تضمّ القاهرة ومسقط وبغداد لا نتائج في اللقاء الدولي الإقليمي حول سورية… بل احتفالية بحضور إيران
كتب المحرر السياسي
لا يتوقع أيٌّ من المراقبين أن تُكتب للقاءات فيينا فرصة الدخول الجدي على عناوين البحث عن حلّ سياسي للأزمة السورية، أو التقدّم نحو التحضير لمؤتمر جنيف الثالث، فالتصعيد السعودي بالتهديد بمقاطعة اللقاءات اللاحقة ما لم يتمّ حسم ما سمّاه وزير الخارجية السعودي «موعد لرحيل الرئيس السوري» تحوّل إلى مزحة سمجة أثارت الضحك لدى المتابعين، ومثلها ما قاله وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس عن اعتبار اللقاء فرصة اختبار للنيات الروسية الإيرانية، والتصريحان يكون لهما موقع لو كانت أساطيل البلدين وجيوشهما على أبواب دمشق وسواحل سورية، وتمنح مهلة أخيرة للسياسة. ومصدر السخرية أنّ سبب عدم القدرة على الدخول في جدية البحث في الحلول هو أنّ ثمة وقتاً لا يقلّ عن نهاية العام كي تتبلور نتائج التحرك السوري الروسي العسكري المدعوم من إيران وحزب الله لإنتاج الوقائع التي تضع المعادلة السورية في وجه الإرهاب في نصابها الصحيح الذي يفرض على الآخرين خيارات نهائية لا مجال للمناورة فيها، بين الوقوف مع ضفة الإرهاب الخاسر أو المسارعة للحاق بركب النصر عليه، وتخفيض الخسائر إلى الأدنى الممكن. وفي المقابل يحتاج المشهد التركي الحاسم في التوازنات السورية مهلة موازية حتى نهاية العام لتتبلور صيغة الحكم الجديدة بعد انتخابات الأحد المقبل وما ستفرزه من وقائع.
في هذا المناخ حضرت إيران كعريس لاحتفال يُعقد بلا عنوان مناسب، فصار وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف نجم اللقاءات الثنائية التي كان أبرزها لقاءه مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وتراكمت طلبات كثيرة للقاءات المشابهة على جدول أعمال مرافقيه، بينما بدا وزير الخارجية السعودي عادل الجبير المتعَب كصاحب مأتم يتلقى العزاء بعدما أجهد نفسه في التجوال على الوفود طالباً التروّي في التحدّث إذا تعذّر دعم موقف حكومته التصعيدي ضدّ سورية.
مع تحوّل لقاء فيينا إلى منتدى، برز في الكواليس مقترح تشكيل لجنة إقليمية مساندة لمهمة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، تتمثل فيها مصر وسلطنة عُمان والعراق كحكومات تلتقي عليها المواقف المتباينة، وتربطها علاقات طيبة بواشنطن وموسكو من جهة وبسورية والسعودية من جهة مقابلة، على أن تتولى اللجنة السعي للتحضير مع دي ميستورا لـ«جنيف» الثالث، ولـ»فيينا» الثاني، من خلال التواصل مع الأطراف المعنية والتداول بالأفكار التي يمكن أن تخرج منها مسودّة ورقة عمل تتيح عقد اللقاء الثاني في فيينا، وبالتالي جنيف الثالث.
في لبنان تواصل التحضير للجلسة التشريعية، وربما لعقد الحكومة، إذا تحلحلت قضية النفايات، التي قال أحد الوزراء المعنيين بمتابعة التفاوض حولها، إننا دخلنا في البحث بمشروع اللامركزية الإدارية من حيث لا ندري، وصارت الحسابات الانتخابية حاضرة في ترسيم خرائط المناطق التي ستدمج في مخطط النفايات، والتي يبدو أنها تتجه نحو تقسيم جبل لبنان إلى قسمين، وكذلك سائر المحافظات شمالاً وبقاعاً وجنوباً باستثناء بيروت، وتولي كلّ منطقة جديدة أو محافظة جديدة ــــ قديمة، أمر نفاياتها، ما دفع الوزير للقول ربما هذا يعني أنّ الحظوظ تبتسم لمشروع رئيس مجلس النواب على أساس تسع محافظات والنظام المختلط بين النسبي والأكثري إذا أخذنا الإسقاط للدوائر وتقسيماتها على المشاريع الانتخابية المتداولة.
شهيّب يُمهل للسبت ولكلّ قضاء نفاياته
يترقب اللبنانيون نتائج محادثات اللجان الوزارية المفتوحة مع رئيس الحكومة تمام سلام وكيفية الخروج بنتائج مرضية لجميع الأطراف، والتي أخذت منحى «التطييف» بدلاً من إيجاد حلول للأزمة «الكارثية».
وفيما بدأ مفعول «الفشل» في الحلول الجذرية يسري في عروق تلك اللجان، والتي مدّدت المهلة إلى الساعات الـ24 المقبلة، فإن الاتجاه وفق مصادر مقرّبة من المجتمعين في السراي الحكومية لـ«البناء»، أقرب إلى «تطبيق اللامركزية الإدارية للنفايات»، وهي أشبه بالمعالجة على طريقة «الأقضية»، أيّ «أنّ كلّ قضاء يعالج نفاياته بمعزلٍ عن مطامر خطة أكرم شهيّب».
وتستمرّ الاتصالات حتى يوم غد السبت الموعد الذي ضربه وزير الزراعة أكرم شهيّب لعقد مؤتمر صحافي يعلن خلاله نجاح أو فشل المفاوضات التي أجراها مع المكونات السياسية في شأن الخطة، على أن تعقب ذلك مكاشفة سيقدّمها رئيس الحكومة تمام سلام للبنانيين الأسبوع المقبل سيسمّي فيها المعرقلين للخطة. وأكد شهيّب أنّ قراراً بعقد جلسة لمجلس الوزراء سيُتخذ خلال ساعات إذا نجحت المشاورات، من منطلق أنّ الخطة تشاركية وغير مناطقية»، لافتاً إلى «أنّ حزب الله وحركة أمل قاما بما عليهما في ما يتعلق بهذا الملف».
بو صعب: لماذا نقسّم في النفايات؟
وكانت تكثفت الاجتماعات في السراي الحكومي بين شهيّب ووزير المال علي حسن خليل ووزير الصحة وائل أبو فاعور برئاسة سلام من دون التوصل إلى نتائج ملموسة، وسبق ذلك اجتماعان منفصلين عقدهما وزير التربية الياس بوصعب مع شهيّب وسلام. وأكد بوصعب لـ«البناء» «أنّ ثمة إيجابية طرأت أعادت خطة شهيّب الأساسية لتشمل المتن وكسروان في الحلّ»، مشيراً إلى «صعوبة تمرير الخطة في مجلس الوزراء بغياب حلّ يشمل المتن وكسروان»، لافتاً إلى «أنه تمنّى على رئيس الحكومة ووزير الزراعة التعاون لإيجاد حلّ يشمل هاتين المنطقتين»، مستغرباً «كيف يمكن استبعاد المتن وكسروان اللذين من ناحية أخرى يغذيان بيروت بالكهرباء فنحن نتشارك في الكهرباء والماء فلماذا نقسّم في ملف النفايات»؟ وأشار إلى «أنه من المرجّح «أن يتمّ الاتفاق على إقامة مطمرين في عكار سرار والجنوب وإعادة العمل بصورة مؤقتة في مطمر الناعمة».
«كلّ ديك عَ مزبلتو صيّاح»
وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة «أنّ الحلّ يقوم على طريقة «أن كلّ ديك على مزبلتو صياح»، مشيرة إلى «أنّ حركة أمل وحزب الله تعهّدا بإيجاد حلّ لنفايات البقاع والضاحية». وشدّدت كتلة الوفاء للمقاومة على حرص حزب الله منذ البداية على التعاون الإيجابي لتنفيذ خطة الحكومة لمعالجة الأزمة إلا أنّ إصرار البعض على مقاربته الطائفية والمذهبية والمناطقية لهذه المشكلة، أدّى إلى تفاقم الأزمة وتعقيد الحلول وعرقلة التنفيذ. ودعت الكتلة بعد اجتماعها الأسبوعي إلى تفعيل عمل مجلس النواب والحكومة، والتزام الدستور والقوانين في مختلف الإجراءات والقرارات بعيداً عن المحاباة أو افتعال الذرائع والمعوقات.
اللامركزية الإدارية
وفيما جرى الحديث أمس عن «أنّ عقدة إقامة مطمر في البقاع أرمنية»، أكد رئيس بلدية عنجر ـ حوش موسى كربيت كالبكيان في اتصال مع «البناء» «أنّ الحلّ يكمن في خطة اللامركزية الإدارية» والتي تُعتبر «الحلّ الأنسب والأضمن والمستدام لمعالجة النفايات جذرياً بعد عملية الفرز من المصدر وتوفير الأموال من الدولة».
وفيما كشف أنّ الموقِعيْن اللذين كانا مطروحيْن لإقامة مطمرين فيهما المصنع وكفرزبد تمّ صرف النظر عنهما كلياً»، وذلك بسبب تحركهم كـ»بلدية عنجر وكأرمن وكحزب طاشناق»، انطلاقاً مما يشكله المطمران من «ضرر بيئي وصحي على حياة الناس وعلى مصادر ينابيع المياه في المنطقة»، أشار كالبكيان إلى «أنّ صيغة خطة شهيّب والحكومة كانت تقضي بحلّ مؤقت سيصبح مستداماً مع الوقت، ومن هنا كان رفضنا الكلي».
التلويح برواتب العسكريين ورقة ضغط
وفيما برزت إشكالية دفع رواتب العسكريين والقوى الأمنية التي تنتظر عقد جلسة لمجلس الوزراء لنقل المبالغ المتوجبة من باب الاحتياط إلى بند الرواتب. ذكرت مصادر عليمة لـ«البناء» أنّ التلويح برواتب العسكريين هو ورقة من أوراق الضغوط التي تستعملها بعض القوى السياسية من أجل الدفع نحو انعقاد مجلس الوزراء، وتالياً مجلس النواب، ووجدت هذه القوى «أنّ استعمال ورقة العسكريين قد تكون ورقة ذات حساسية معينة لدى بعض الفئات المتهمة من قبل تيار المستقبل بأنها تعطّل مجلس الوزراء» ولفتت المصادر إلى «أنّ الحقيقة مخالفة لذلك، إذ إنّ المال موجود، ووزير المال علي حسن خليل لديه كلّ الحق وفقاً لقواعد المالية العامة والإدارة العامة أن يدفع هذه الرواتب من دون أيّ مساءلة».
وذكرت المصادر أنه منذ استقلال لبنان 1943 حتى اليوم مروراً بحرب 1975 والاجتياح وتشتّت معتمدي القبض، والصعوبات في نقل الأموال بسبب الوضع الأمني، بقيت الرواتب تُدفع في مواعيدها». ورأت المصادر «أنّ الأمر الوحيد الممكن في هذا المجال هو عدم دفع زيادات وتعويضات وبدلات غير ملحوظة في رواتب العسكريين». وشدّدت المصادر على «أنّ حوالات رواتب العسكريين تمّ التوقيع عليها من المسؤولين في وزارة الدفاع والمالية الاثنين في العشرين من الشهر الحالي، وأنها ستحوّل إلى حسابات العسكريين بين اليوم والغد كما تجري العادة يومي الثلاثين والحادي والثلاثين من كلّ شهر».
«الوطني الحر» إلى الحكومة والمجلس
وعلمت «البناء» أنّ التيار الوطني الحر سيشارك في الجلسة العامة لمجلس النواب، وفي جلسة مجلس الوزراء، إذا تقرّر عقدها، فـ»الحكومة أمام معضلة دفع رواتب العسكريين وأيّ عرقلة لانعقاد جلسة مجلس الوزراء ستُعتبر وكأنه استهداف للجيش وباقي الأجهزة الأمنية التي لم تقبض رواتبها. وفي ما خصّ الجلسة التشريعية، أشارت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» إلى «أنّ المشاركة باتت شبه مؤكدة إذ إنّ مشروع قانون استعادة الجنسية أدرج على جدول الأعمال»، لافتة إلى «أنّ المشاورات الآن تدور حول 19 اقتراحاً ومشروع قانون بشأن الانتخابات، وهناك استحالة لمناقشتها كلها، لذا البحث في إمكانية مناقشتها، لكن يلزمها وقت للاتفاق على واحد منها، وإذا حصل سيتم إقراره» وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أنّ فريق 14 آذار متخوّف من إقرار أيّ قانون انتخابي قبل انتخاب رئيس للجمهورية، لذا فإنّ الجلسة النيابية ستحصر فقط في استعادة الجنسية الذي لن يُقرّ نظراً للخلاف الدائر حوله، وفي القروض والمساعدات المالية».
أمنياً، استهدف الجيش اللبناني بـ3 صليات من راجمات الصواريخ، اجتماعاً لمسؤولين من «جبهة النصرة» في منطقة وادي الخيل في جرود عرسال، وحقق إصابات مؤكدة.