«امبريال» فيينا… مهد جغرافيا الإقليم الجديدة

محمد محفوض

انطلقت أمس «ليالي الأنس الديبلوماسية» في فيينا بحضور ما يقارب الثماني عشرة دولة على مستوى الإقليم والعالم… كان الحدث الأبرز فيها ابتسامة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، معلناً علانية تبوُّء إيران مقعدها كلاعب إقليمي على مستوى المنطقة بعد محاولات التهميش السعودية والأميركية لهذا الدور تحديداً في ما يخص الأزمة السورية.

برغم الحضور الاستثنائي والذي أكثر ما يُقال عنه أنه بروتوكلي لدول كمصر ولبنان والأردن والعراق والإمارات في اجتماعات فيينا، فقد جاء حضور هذه الدول كانتصار للديبلوماسية الروسية التي نجحت بما فشل فيه مَن سبقها بجمع كل الدول ذات الصلة بالأزمة السورية على طاولة اجتماع واحدة.

هذا الانتصار بجمع كل هذه الدول يمكن أن يوضع بكفة في ميزان الديبلوماسية الدولية… يعادله على الكفة المقابلة نجاح روسيا بفرض إيران لاعباً على طاولة المفاوضات بوجه السعودية وباعتراف وإقرار أميركي بهذا الدور والحاجة للتشاور معها لإيجاد حل للأزمة السورية، ما يعني أن سيمفونية الجبير ومملكته بأن إيران جزء من المشكلة أصبحت طي النسيان.

لا شك في أن الحاضر الغائب عن هذه المباحثات هي فرنسا بعد التخبّط والارتباك الواضح في سياستها تجاه الأزمة السورية فتارة يدعو وزير خارجيتها لوران فابيوس لحوار يكون الأسد جزءاً منه وتارة يُعتبر الأسد جزءاً من المشكلة.

هذا الارتباك والتخبط والحيرة عبر عنه رئيس وزرا فرنسا السابق فرنسوا فيّون واصفاً سياسة باريس الخارجية بالضائعة.

المرشح الرئاسي القويّ ووزير الخارجية في عهد نيكولا ساركوزي آلان جوبّيه يؤكد أن هذه السياسة الضائعة تزيد تصعيد فابيوس حيرتها ارتباكاً.

فشل وزير خارجيتها لوران فابيوس في الإخراج الديبلوماسي لتناقضاته وانبطاح سياسة بلاده تحت العباءة السعودية حوّل الاجتماع الدولي الذي دعا إليه منذ أيام إلى عشاء عمل.

تهبط فرنسا والسعودية كأدوار فاعلة على طاولات التسوية لترتقي إيران بالمقابل كنتيجة واضحة ومنطقية للعظمة الحقيقية للدول النووية.

انطلقت اجتماعات فيينا وأول نتائجها إعلان الخارجية النمساوية عن بدء التحضيرات لجولة جديدة من المحادثات أواسط الأسبوع المقبل. واللافت في هذا الإعلان أنه ستتم دعوة وفدين من الحكومة السورية والمعارضة.

كرّس اجتماع فيينا الأول روسيا كقطب دولي ليتم الاعتراف في الاجتماع الثاني بدور إيران المفصلي.

مع قرب التوقعات من نقطة الصفر، كما يقول مصدر غربي يبدو أن اجتماعات فيينا ستطول فمع كل اجتماع ترسم جغرافية سياسية جديدة لكل دولة مشاركة بانتظار اكتمال جغرافيا الحل السوري.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى