الصين: حادث صغير قد يشعل شرارة حرب في بحر الصين الجنوبي
رفضت بكين المشاركة في عمل محكمة لاهاي للتحكيم حول تبعية الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، بينما حذر الجيش الصيني واشنطن من مواصلة الاستفزازات، مؤكداً أنه ليس خائفاً من الحرب.
وحثت وزارة الخارجية الصينية الفيليبين على العودة الى المحادثات لتسوية نزاعهما في بحر الصين الجنوبي قائلة إن ذلك هو «المسار الصحيح». وأعلن ليو تشين مين نائب وزير الخارجية الصيني أن بكين لن تعترف بأي قرار قضائي حول جزيرة سكاربورو وجزر سبارتلي الواقعة في بحر الصين الجنوبي التي تعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها.
يذكر أن الصين بدأت بتشييد جزر اصطناعية شكلت امتداداً لجزر سبارتلي في حزيران عام 2014، علماً بأن تلك المنطقة تعد متنازعاً عليها بين الصين واليابان وتايوان وماليزيا والفيليبين وبروناي وفيتنام. ويعتقد أن جزر سبارتلي غنية بالنفط والغاز، بالإضافة إلى الأهمية الاستراتيجية التي تكتسبها، خصوصاً في ظل الجهود الصينية لبناء مطارات في تلك الجزر.
يذكر أن الفيليبين هي من رفعت الدعوى ضد تصرفات الصين لدى محكمة لاهاي للتحكيم. وقال الدبلوماسي الصيني إنه من الواضح أن الفلبين تسعى إلى نقض حقوق الصين التاريخية على تلك الأراضي، مؤكداً أن الجانب الصيني لا يعترف بصلاحيات المحكمة للنظر في مسألة الجزر، ولذلك ستقاطع المرافعات كافة في القضية.
وكانت محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي قد أكدت في وقت سابق صلاحياتها للنظر في القضية التي رفعتها الفيليبين، واعتبرت في بيان أنها «بمراجعتها الدعوى التي قدمتها الفيليبين فإنها ترفض حجج الصين بأن «النزاع يدور حول السيادة على الجزر في جنوب بحر الصين وأنه يتجاوز اختصاص المحكمة».
وفي السياق، قال مسؤول بارز بوزارة الدفاع الاميركية أن الولايات المتحدة ترحب بقرار هيئة تحكيم في هولندا بأن لها اختصاصاً قضائياً للفصل في بعض الدعاوى التي أقامتها الفيليبين ضد الصين في ما يتعلق بأجزاء متنازع عليها من بحر الصين الجنوبي.
وقال متحدثاً شرط عدم الكشف عن هويته: «بالطبع نحن نرحب بقرار هيئة التحكيم… هذا يظهر الصلة بين القانون الدولي والنزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي»، مضيفاً: «أنه يبين أن دعاوى السيادة ليست بالضرورة غير قابلة للطعن فيها، ويظهر أن الفصل في قضايا كهذه على أساس القانون الدولي والعرفي الدولي هو طريقة حيوية -بالحد الأدنى- لإدارة الصراعات الإقليمية إن لم يكن حلها».
من جهته، قال قائد أسطول جيش التحرير الشعبي الصيني الأميرال أو شينلي إن دخول المدمرة الأميركية «يو أس أس لاسن» المياه الإقليمية للصين في محيط جزر سبارتلي في وقت سابق من الأسبوع الجاري يمثل استفزازاً خطيراً، وانتهاكاً لسيادة الصين يهدد أمن سكانها. وحذر الأميرال من أن مثل هذه الاستفزازات تنطوي على خطر نشوب اشتباكات مسلحة بين الطرفين.
وقال الأميرال الصيني: «إذا واصلت الولايات المتحدة خطواتها الخطيرة والاستفزازية، فسيدفع ذلك العلاقات بين القوات المسلحة الأميركية والصينية في المجالين البحري والجوي، إلى وضع خطير للغاية، قد يؤدي لاستخدام السلاح».
وجاءت تصريحات الأميرال الصيني بعد مفاوضات أجراها عبر دائرة مغلقة مع الأميرال جون ريتشاردسن قائد البحرية الأميركية.
وأعلن المتحدث باسم القوات البحرية الأميركية أن «قائد الأسطول البحري العسكري للولايات المتحدة، الأميرال جوناثان ريتشاردسون، شارك، يوم 29 تشرين الأول في مؤتمر، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، مع نظيره الصيني، قائد أسطول جيش التحرير الشعبي الصيني الأميرال أو شينغ لي، وتمت مناقشة لقاءات الأسطولين والعمليات في بحر الصين الجنوبي منذ فترة قريبة».
وأضاف أنه «جرى خلال الاتصال اليوم بين ريتشاردسون وأو شينغ لي بحث حرية الولايات المتحدة في العمليات البحرية، والعلاقات بين الأسطولين، بما فيها زيارات الموانئ المقررة، والاتصالات بين القيادات، وأهمية دعم استمرار الحوار».
وأكد المتحدث، أن الولايات المتحدة لا تزال تعتزم إجراء العمليات البحرية على المستوى العالمي، «فحرية العمليات البحرية لا تعتبر تحدياً لسيادة أجزاء اليابسة. والولايات المتحدة لا تتخذ أي موقف من المطالب الثنائية المتناقضة إزاء جزء اليابسة في بحر الصين الجنوبي».
وكانت صحيفة «Global Times» الصينية الرسمية الناطقة بالإنكليزية قد نشرت مقالاً تحت عنوان: «حان الوقت لرحيل المدمرة الأميركية بعد انتهاء العرض»، وجاء في هذا المقال أن «الصين ليست خائفة من الحرب».
وتجدر الإشارة إلى أن حادثة دخول المدمرة الأميركية إلى المياه التي تعتبرها الصين إقليمية لها، ليست الأولى بين الجيشين الصيني والأميركي، علماً بأن واشنطن لا تعترف بالسيادة الصينية على المناطق المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي وتصر على أن عمليات بحريتها تأتي دفاعاً عن حرية الملاحة في المنطقة.