الأمم المتحدة: فشل مطلق

حميدي العبدالله

أحدث وقائع فشل الأمم المتحدة في أداء الواجب والدور المنوط بها هو ما جرى في ليبيا. الأمم المتحدة رعت حوارات استمرّت أشهراً طويلة بين أطراف ليبية بهدف التوصل إلى اتفاقات تنهي الأزمة القائمة والفوضى المسلحة التي تضرب ليبيا من أقصاها إلى أقصاها.

ولكن ما أن أعلن عن الاتفاق، وقبل خروج المشاركين في الحفل الذي لقي حفاوة مصطنعة من وسائل الإعلام المسيّرة، حتى انهار وعادت الأوضاع إلى نقطة الصفر.

ليس هذا هو الفشل الوحيد للأمم المتحدة، فقبل ذلك فشلت هذه المؤسسة الأممية، حتى عندما كانت تشهد بعض التوازن قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، في إيجاد حلّ للقضية الفلسطينية كما فشلت لاحقاً في العراق وأفغانستان واليمن وسورية.

وبديهي أنّ لهذا الفشل أسباباً جوهرية. فإذا كان فشلها في حلّ القضية الفلسطينية لا تتحمّل هي مسؤوليته وحدها، لأنّ مثل هذا الصراع قد لا يندرج في إطار مهامها، علماً أنّ مئات القرارات صدرت عنها وظلت حبراً على ورق، إلا أنها لا يمكنها التنصّل من مسؤولية الفشل في سورية واليمن الآن، وقبل ذلك في العراق وأفغانستان.

مما لا شك فيه أنّ أحد أهمّ أسباب فشل الأمم المتحدة ومؤسساتها، يعود إلى أنّ جميع الموظفين الكبار الذين يعملون في هذه المؤسسة يجري انتقاؤهم على أساس ولائهم للسياسات الغربية، ولا سيما ولاؤهم للولايات المتحدة. وبديهي أنه بسبب هذا الولاء يقارب ممثلو الأمم المتحدة الأزمات من منظور المصالح الأميركية وهذا يقود بالضرورة إلى تبني مواقف أولاً غير واقعية، وثانياً منحازة. وبسبب غياب الواقعية والانحياز تفقد مؤسسات الأمم المتحدة فاعليتها في مواجهة الأزمات وتصطدم بمواقف أطراف تتناقض مصالحها مع مصالح الولايات المتحدة، وتتحوّل إلى طرف بدلاً من أن تكون وسيطاً.

هذا ما يفسّر فشل مبعوثي الأمم المتحدة إلى سورية، وأيضاً فشل مبعوثيها إلى اليمن، وحتى عندما حاول أحد هؤلاء المبعوثين إلى اليمن، وهو ابن عمر، لفت أنظار الولايات المتحدة والأمانة العامة للأمم المتحدة إلى خطورة عمل المؤسسة الدولية الحالي فقد منصبه وعاد إلى المواقع الخلفية.

واضح أنّ هذا الفشل في عمل المؤسسات الأممية أولاً، وتغيّر العلاقات الدولية تغييراً جذرياً عما كانت عليه بعد الحرب العالمية الثانية وبعد الحرب الباردة ثانياً، يستوجب إحداث تغيير عميق وإصلاح جذري لمؤسسات الأمم المتحدة، بدءاً من مجلس الأمن، مروراً بالأمانة العامة للأمم المتحدة، وانتهاءً بالمؤسسات المنبثقة عنها، ولا سيما هيئة الطاقة النووية الدولية ومجلس حقوق الإنسان، وغيرها من المؤسسات الأخرى التي تحوّلت إلى أدوات لمساندة السياسة الأميركية على حساب بقية دول العالم التي تشكل غالبية الهيئة العامة للأمم المتحدة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى