الجميع سيذهب صاغراً أو راضياً إلى التشبيك

طاهر محي الدين

إن لم نستطع صرف إنجازاتنا على الأرض فلا قيمة استراتيجية لها ولا معنى، وأن ما يقوم به الأعداء هو تفريغ الانتصار من مضمونه وقيمته ليخفف من وطء الهزيمة عليه مثلما حدث في تموز 2006 عندما حرض أذنابه في لبنان على تشويه انتصار حزب الله في الحرب، وكما يفعل اليوم في سورية وعدم اعترافه الظاهري بانتصار الأسد مع ظهيره في المقاومة اللبنانية في المعركة وتكريسه زعيماً للمنطقة بعدما سحقهم السوريون في انتخابات العصر وبعد صمود الجيش العربي السوري، وكان قبله الفوز المبين أيضاً للمالكي في الانتخابات العراقية، وتقدم إيران في المفاوضات النووية.

المشكلة دائماً نقول إننا نحن من انتصر في العراق، ولكن لا أحد يقول من نحن؟ ويفضح الأميركي ويزيد في إراقة ماء وجهه، هنا التساؤل الكبير، أليس من باب تظهير هذا الانتصار والقوة هو الإعلان عنه وإعلان تشكيل هذا الحلف القوي الممتد من طهران إلى الضاحية الجنوبية بشكل علني ورسمي كما هي حال أحلاف بريكس وشنغهاي الذي هز الأميركي وأذنابه؟؟ أوليس أيضاً من أقوى نتائج الحرب في سورية هو ظهور التمازج القوي والمتين والخارق لعمليات الجيش العربي السوري النظامي مع حزب الله الذي يستخدم أسلوب حرب المدن وقد أرست هذه التجربة قاعدة تحول الجيش النظامي مع ظهيره إلى جيش قادر على خوض أنواع عدة وصعبة من الحروب وعلى عدة جبهات وقادرة على تنفيذ أقسى وأعقد التكتيكات التي لا تمتلكها كل جيوش العالم؟ ألم تكن هذه التجربة هي أكثر ما أرهب الصهيوني والأميركي من هذا التمازج القوي على أنه رسالة كبرى للمقدرة على خوض حرب المدن وتحرير المدن الفلسطينية في المعركة المقبلة؟

بعد ما حصل في العراق ربما يمكننا القول مجازاً شكراً داعش لأنك استطعت تظهير نوع من هذا التحالف ولو كان ضمنياً حتى الآن بين دول هذا المحور المقاوم، والذي يجب أن يتم الإعلان عنه الآن في هذا اللحظات التاريخية والتي لا يوجد وقت ذهبي أكثر من هذا الوقت.

وبتوسيع فتحة الفرجار ليغطي كل المنطقة الممتدة من العراق مروراً بالأردن، ومملكة الرمال وباقي دويلات الخليج الفارسي الأعرابية إضافة إلى تركيا، وهنا نقول إنه لا يمكن وتحديداً «لآل سعود والسلجوقي العثماني» أن يستمروا بصدم رؤوسهم بالجدار الفتنوي والتدميري، واتباع غرائزهم الحاقدة في إدارة ملفات المنطقة، على مبدأ يا قاتل يا مقتول، بعد أن خلعوا كل أقنعتهم الإجرامية الإرهابية، وإن استمرارهم في خطابهم وسلوكهم الفتنوي والطائفي، وتسمين العجل الإرهابي لتحقيق انتصارات وهمية على الأرض، ولو كانت على حساب تدمير المنطقة بأكملها، والتي لا تخدم إلا مشروع إعلان يهودية الدولة المزعومة في فلسطين المحتلة وإلى إضعاف كل الدول العربية المحيطة بالكيان الصهيوني وتدميرها، لضمان أمنه، وعليهم أن يدركوا تماماً أن تكبير الوحش اليوم واستخدامه كأداة لتحقيق إجرامهم، سيصل بهم إلى نتيجة حتمية ومؤكدة هي أنهم لن يستطيعوا أن يسيطروا عليه لاحقاً وسينقض عليهم لا محالة عندما يفرغ من تدمير جيرانهم، الذين كانوا يشكلون جداراً في المنطقة لحمايتهم وحماية المنطقة بشكل كامل، لأنهم ساعتئذٍ سيبقون وحيدين في مواجهة خطره وتنامي أطماعه، وأن ما دبروه لتقسيم وتدمير المنطقة لحفظ دورهم بحسب ما كانوا يظنون سيطاولهم حتماً.

وبالتالي لا حل أمام الجميع في دول المنطقة والإقليم للحفاظ على كياناتها موحدة ومستقرة، وتظهير نفسها كقوة عالمية كبرى إلا بـ التشبيك في ما بينها « إيران العراق – سورية لبنان تركيا – ودول مجلس التعاون الخليجي – ومصر» والترفع عن الأحقاد والعمالة وتسعير حروب لا تخدم أحداً إلا الكيان الصهيوني والدولة المزعومة التي تسمى بدولة الخلافة الإسلامية والتي تقود داعش الوهابية عملية تكوينها وجعلها حقيقة وواقعاً.

وإن التشبيك بين هذه الدول وتشكيل قوة صاعدة تسيطر على النسبة العظمى من مصادر الطاقة في العالم من الغاز والنفط والثروات الطبيعية مع الانتباه إلى أن هذه المنظومة تتمتع بموقع جيو استراتيجي يربط العالم والبحار الخمسة.

والتشبيك بين هذه الدول هو الذي يحقق مصالح شعوب هذه المنطقة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وجعل هذه المنظومة واحدة من أهم مراكز صنع القرار بالعالم مع تعاونها وترابطها مع مجموعة بريكس ومنظومة شنغهاي وعلى رأسها روسيا القطب العالمي العائد بقوة القيصر والصين العملاق الاقتصادي الجديد.

وبالمحصلة فإن التشبيك بين هذه الدول، والتعاون على كافة الأصعدة الأمنية والعسكرية والاقتصادية، وصولاً ربما لتشكيل فيديراليات في ما بينها سيكون الحل الوحيد والأمثل للعبور إلى خريطة العالم الجديدة، وتظهير الأقطاب وصرف نتائج الصمود والانتصار على الأرض لتحقيق واقع العالم المتعدد الأقطاب، كلٌ قطبٌ في منطقة نفوذه.

أو فليذهب الجميع للاشتباك ولننتهي جميعاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى