على الطريقة الأعرابية: أردوغان حاكماً

محمد محفوض

أثار فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية بالأغلبية المطلقة زوبعة تكهنات وتحليلات لجهة خلفيات هذا الفوز. وما سينتج عنه من سياسات لها أثرها على الحراك السياسي الحاصل في المنطقة.

استوى منطق السياسة بمفاجآته المعهودة.. حصل أردوغان على نسبة العشرة بالمئة التي خسرها في الانتخابات الماضية والتي تمنحه الأغلبية التي سعى إليها.

العشرة بالمئة التي كسبها أردوغان هي التي يجب أن توضع تحت مجهر التحليل السياسي وليس فوزه بالأغلبية، فالرجل سبق وأن حافظ على هذه الأغلبية لمدة ثلاثة عشر عاماً متواصلة، فلمَ الاستغراب؟

في السياسة الدولية لا مكان للصدف.. عشية إعلان النتائج مصادر المعارضة التركية ذهبت للقول بأن هناك صفقة دولية كرّست أصوات فتح الله غولن المحسوب أميركياً لمصلحة أردوغان وأبقته على رأس السلطة مقابل بقاء الأسد.

القبول بهذا الكلام ممكن على قاعدة الحراك السياسي لحل الأزمة في سورية والمتمثل بمقررات فيينا وتخلي الدول الكبرى نهائياً عن الخيار العسكري لإسقاط النظام.

الصفقات الدولية لا تتم بكبسة زر وإنما تتبلور على الأرض بأعمال عنف تسبق الحدث المنظور لتخلق جواً من الرّهاب الأمني منع، بحسب منظمات حقوقية أوروبية، مرشحي بقية الأحزاب من ممارسة حقهم بترويج برامجهم الانتخابية بشكل حرّ يُضاف إلى ذلك التاريخ الحافل لسلطات العدالة والتنمية بتكميم الأفواه والصحافة بجميع أنواعها والتي توسّعت عقب ساعات من إعلان فوز الحزب.

الحاجة ملحّة لأردوغان لحفظ الصورة الأميركية مع تقدّم المحور الروسي في المنطقة، وهو ما سيظهر أيضاً فجاجة السياسات الأوروبية والتي ستتمرّغ معايير ديموقراطياتها بالتراب عندما ترحّب بحكومة الحزب الواحد وتتغاضى عن سجل أردوغان الأسود بشأن حماية حقوق الإنسان وسيادة القانون.

خمدت أصوات التنديد الحكومي لتعلو أصوات المنظمات والصحف العالمية المنددة بسياسة أردوغان، حيث قال مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والتي تُعَدّ أكبر منظمة دولية للتعاون الأمني الإقليمي في العالم إن أعمال عنف شوّهت الفترة التي سبقت إجراء الانتخابات النيابية الأخيرة.

بدوره أدان المنبر البرلماني التابع لمجلس أوروبا العملية الانتخابية برمّتها بوصفها «غير عادلة»، على حد تعبيره.

صحيفة نيويورك تايمز أوضحت أن تكتيكات التخويف التي استخدمها أردوغان، في الفترة الماضية نجحت في إعادة حزبه للصدارة.

بعشرة في المئة أم بدونها.. وبأغلبية مطلقة أم بدونها أيضاً بات من الواضح أن فوز أردوغان كفوز أي حاكم عربي بالحكم.. فوز يشوبه القمع والاستبداد والترهيب الأمني وربما بعض التأييد الشعبي الذي ينعدم عربياً ويتواجد تركياً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى