نينار الأعسر… سوبرانو سوريّة تصدح إبداعاً وشدواً أوبرالياً

محمد سمير طحّان

تبحث السوبرانو السورية نينار الأعسر عن فرصتها الحقيقية لاعتلاء أهم مسارح الأوبرا العالمية، كمغنية منفردة بعدما عملت لسنوات على إعداد نفسها، لحلم رافقها منذ الطفولة وصار حقيقة بعد تخرّجها من المعهد العالي للموسيقى باختصاص غناء أوبرالي.

تقول السوبرانو الشابة: هدفي من احتراف الغناء الأوبرالي الغناء والتمثيل في عروض الأوبرا كمغنية منفردة على مختلف مسارح العالم، لذلك أبحث عن هذه الفرصة بعد تخرّجي من المعهد.

وعن واقع الغناء الأوبرالي في سورية، توضح أن مستوى الغناء الأوبرالي لدينا جيد عموماً بالنظر إلى ما هو متاح لمغنّي الأوبرا في بلدنا. مضيفة إن طلاب الأوبرا لدينا يحتاجون إلى ورش عمل ودورات تدريبية في معاهد موسيقى مختلفة المدارس، ومسابقات ذات جوائز مادية ومنح دراسية وبشكل مستمر.

وحول تأثير الحرب التي تتعرّض لها سورية على عمل المعهد العالي للموسيقى ودراستها فيه، ترى نينار أن هذه الحرب أثّرت كثيراً على سير العملية التعليمية والتدريبية في المعهد. وتقول: سعينا كطلاب إلى تعويض سفر عدد من الأساتذة إلى الخارج، لا سيما الأستاذة آراكس تشيكيجيان، فصرنا نعتمد على معلوماتنا السابقة وجهدنا الشخصي. مشيرة إلى أنها عملت على هذا المنوال حتى وصلت إلى السنة الخامسة وأكملت دروسها مع الأستاذة غادة حرب حتى تخرّجت.

وتابعت نينار إنه كان أمام طلاب المعهد قبل الأزمة خيارات وفرص أكثر مثل العمل مع موسيقيين سوريين وأجانب من أصحاب الخبرات المختلفة الذين توقف توافدهم بسبب الحرب على سورية، والجميع يدركون مدى فائدة الاحتكاك مع مغنّين وعازفين وقادة أوركسترات من مختلف أنحاء العالم، لأن هذا يغني المخزون الموسيقي والثقافي لدى الفنان.

وأشارت إلى أنها حاولت تعويض ذلك بالاعتماد على الإنترنت لتحصيل معلومات أكبر قدر المستطاع، كما أنها سافرت إلى خارج البلاد عدّة مرات لتلقّي دروس الغناء في بيروت، مع الاستفادة من جميع الأساتذة في المعهد على أيّ صعيد لإغناء معلوماتها الموسيقية والمشاركة في عدّة حفلات أقيمت في دمشق.

وأشارت السوبرانو الشابة إلى أن إدارة المعهد تقدّم كل ما تستطيع في هذه الظروف الصعبة على رغم قلة عدد المدرسين والإمكانيات المتاحة.

وعن واقع الأغنية السورية بكل أشكالها تشير السوبرانو الشابة إلى أن الاهتمام بالموسيقى الجادة لدى شريحة كبيرة من الجمهور بدأ بالتضاؤل بسبب الرغبة بما هو «مفرح» لتناسي الألم المحيط بنا. معتبرة أن انتشار هذا النوع من الأغاني التي تعتمد على الإيقاع الراقص واللحن المكرّر البسيط سيودي بنا إلى مرحلة يغيب فيها الغِنى الثقافي الذي نحن حالياً بأمسّ الحاجة إليه.

وترى نينارر أن بعض التجارب السورية الجديدة التي ترفض الانسياق وراء الأغنية التجارية، سواء على مستوى الفِرق الموسيقية أم المغنّين المنفردين، يبشّر بالقدرة على استمرار الفنّ الحقيقي. مشيرة إلى أنه على رغم العدد القليل لمغنّي الأوبرا، وبالنظر إلى الامكانات القليلة المتاحة لهم، فإنهم يحافظون على مستوى جيد للغناء الأوبرالي في سورية مع كل الظروف الصعبة المحيطة بعملهم.

وحول احتياجات الغناء الأوبرالي في سورية ليتطوّر، تشير إلى ضرورة التركيز أولاً على المرحلة الدراسية، ومع وجود نقص بالمدرّبين والمدرّسين المختصّين والمرافقين على آلة البيانو للطلاب في المعهد العالي، فإن ذلك يؤثر على الدروس والبروفات، وبالتالي تباطؤ عملية تطوّر الطلاب. لافتةً إلى أن استمرار العمل الجادّ يساعد في زيادة عدد المغنّين، وبالتالي عدد العروض التي يمكن إنجازها بالتعاون مع دار الأوبرا، وما يتاح من مسارح أخرى. وهذا سيساعد في انتشار أكبر لهذا النوع من الغناء بين صفوف الجمهور السوري.

وعن برامج المواهب الغنائية على الفضائيات العربية لفتت نينار إلى أنها مجرّد برامج تجارية، هدفها ليس رفع مستوى الفن، إنما استغلال هذه المواهب لجمع أرباح أكبر لهذه المحطات. على رغم أنها تسلط الضوء أحياناً على مواهب مهمة في العالم العربي لم نسمع بها من قبل.

وأكدت نينار أنّ المؤسسة الثقافية الرسمية تحتاج إلى مستشارين اختصاصيين في الموسيقى من خلال تشكيل فريق متنوع لتفادي الشللية. مبيّنة أن هذه المرحلة الحساسة التي تمرّ بها سورية تتطلب المحافظة على مستوى موسيقي يرفع من شأننا ومستوانا الثقافي.

وتعتبر نينار وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة جداً لأيّ فنان من أجل اختصار الكثير من الوقت والجهد، ومساعدته في إيصال رسالته إلى الجمهور. لافتةً إلى أن هذه الوسائل مجدية في مرحلة بدايات الفنان، لكن مع مرور الوقت لا بدّ له من دعم من قبل جهة إنتاجية. مشيرة إلى أنها اليوم بحاجة إلى مدير أعمال لتوجيهها مهنياً أكثر من حاجتها إلى شركة إنتاج.

وتختم نينار حديثها بالتعبير عن تفاؤلها على الصعيد الخاص وبمستقبل الموسيقى في سورية، لأن التشاؤم ليس جزءاً من حياتها، ولأنها تعرف الإمكانيات الموسيقية الموجودة لدينا، ومدى الإصرار لدى الموسيقيين السوريين على تطوير الموسيقى ودعمها انطلاقاً من حبّهم الكبير لوطنهم وللموسيقى.

السوبرانو السورية نينار الأعسر من مواليد دمشق عام 1988، بدأت الغناء في عمر 16 سنة مع كورال «قوس قزح» في دمشق، ثم تلقّت دروساً في الغناء الأوبرالي عام 2010 مع الموسيقية آراكس تشيكيجيان لتدخل بعدئذٍ المعهد العالي للموسيقى في دمشق، وتتخرّج منه باختصاص الغناء الكلاسيكي عام 2015.

شاركت في حفلات موسيقية عدّة كمغنية كورال ومغنية منفردة على مسرح دار الأوبرا في دمشق، وعلى مسارح أخرى في سورية ولبنان والإمارات العربية المتحدة، مع قادة مختلفين منهم ميساك باغبودريان وناهل الحلبي وحسام بريمو وستيف غريفثز وفيكتور بابينكو، كما شاركت في ورش عمل مع الباريتون الإيطالي ستيفانو ميو والسوبرانو الإيطالية سيلفانا فرولي.

تعزف نينار على آلة البيانو وتعمل في تدريس الموسيقى للأطفال، ولديها عدة تسجيلات لمؤلفين عالميين وبعض أغاني أفلام الكرتون، وهي حائزة على إجازة في الفنون الجميلة باختصاص الاتصالات البصرية من جامعة دمشق عام 2009.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى