لبنان بين الحلول الضائعة والانتظار الإقليمي

محمد حميّة

لم تبرز بعد أي مؤشرات أو معطيات تشي بقرب الوصول إلى حلّ للأزمة السياسية في لبنان، فعجز القوى السياسية المحلية بات واضحاً، عن إنهاء أزمة الرئاسة الأولى.

بعد جولات عدة من الحوار الوطني بقيت المواقف تدور في حلقة مفرغة ولم تُحسم حتى مواصفات الرئيس، فكيف اسم الرئيس؟ أما مجلس الوزراء، الذي من المفترض أن يملأ الفراغ في رئاسة الجمهورية، فقد دخل، بدوره، في دوامة الشلل بعد أن ربط الرئيس تمام سلام عقد جلسة بنجاح خطة النفايات، وقد وضع فشل الخطة مصير جلسات الحكومة في مهبّ الريح.

مع استمرار الجمود في المؤسستين الأولى والثالثة، بدأت الأزمات المالية والاقتصادية تطفو على سطح الخلافات السياسية التي تسببت بهذا الواقع المشلول، وبرغم الإخراج الاستثنائي لأزمة رواتب العسكريين، إلا أنه لم يلغ احتمالات تجدّد الأزمة، أما تأخر إقرار المشاريع المالية فهو يعرض البلد لشتى أنواع المخاطر.

وحدها جلسات المجلس النيابي التي حدّدها رئيس المجلس نبيه بري في 12 و13 الجاري تشكل بصيص الأمل المتبقي وتفتح باب التشريع وتتيح تسيير شؤون البلاد المُلحّة. فهل تستطيع القوى المحلية إيجاد حلول لهذه الأزمات، أم ستبقى الحلول ضائعة، بانتظار انجلاء المشهد الإقليمي؟ وهل سيصمد الوضع المالي والاقتصادي حتى ذلك الحين؟

يجزم مصدر وزاري وديبلوماسي سابق لـ«البناء» بأن لا انتخابات رئاسية تلوح في الأفق، طالما أنّ الرهانات الداخلية على تبدلات في الوضع الإقليمي مستمرة، ويؤكد أن لا بوادر ومؤشرات حتى الآن تؤذن لانتخاب رئيس، سواء كان توافقياً أو من فريق معين، بل إنّ كل شيء معلق في الداخل، بانتظار تطورات الوضع السوري.

ويضيف المصدر أن هناك خطين متوازين في الداخل لا يلتقيان وهما فريق 14 آذار الذي لا يزال يراهن على متغيرات إقليمية لصالحه وتحديداً في سورية تمكنه من تحقيق مكاسب إضافية في أي تسوية داخلية مقبلة، وفريق 8 آذار والمقاومة ومعهما التيار الوطني الحر الذين بدورهم لا يرون في الذهاب الى تسوية في الوقت الراهن تنتج اتفاق دوحة ثاني والمقاومة في ذروة انخراطها في الحرب في سورية وتحقق الإنجازات الى جانب الجيش السوري تزامناً مع عاصفة «السوخوي» الروسية.

مصدر مطلع ومعني في لبنان والمنطقة، يشير لـ«البناء» الى أن الحلول السياسية في سورية وفي المنطقة لم تنضج بعد رغم كل المؤتمرات واللقاءات والتصريحات، ويلفت الى أن مؤتمر فيينا حول سورية ليس سوى مسرحية وليس حلاً سياسياً للازمة، بل الأمر يحتاج الى بضعة أشهر لكي يتعدل جزء من الخارطة الميدانية في ظل المواجهة مع الارهاب لتنضج الحلول السياسية، لأن المنطقة كلها دخلت في حالة انعدام وزن والحلول في لبنان وسورية واليمن وضعت في الثلاجة.

إذا كان هذا هو المشهد السياسي في لبنان، فماذا عن الواقع المالي والاقتصادي؟

تبدو واضحة انعكاسات الاوضاع السياسية على القطاعين الاقتصادي والمالي، ما دفع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للتحرك في اتجاه السراي الحكومي وعين التينة للقاء الرئيسين ونبيه بري وتمام سلام، واطلعهما على تداعيات التأخر في إقرار المشاريع المالية الملحّة.

إشكالية جديدة تطرح وهي التأخير في اقرار مرسوم صرف أموال رواتب العسكريين في مجلس الوزراء بعد أن تم صرفها على مسؤولية سلام استثنائياً.

وفي السياق، يؤكد الوزير المالية السابق الياس سابا لـ«البناء» أن لا شيئ أسمه استثنائياً ولا تقليدياً، بل هناك مراعاة للقانون والدستور او تحريفه، ويضيف: كل إنفاق وجباية قامت به الدولة منذ من شباط 2006 حتى اليوم غير دستوري، لانه لا موازنة منذ العام 2006 وهناك نص دستوري يقول أن القاعدة الاثنا عشرية تخدم فقط حتى شهر كانون الثاني من العام الذي يلي سنة الموازنة.

ويبدى تفهمه لموقف وزير المالية علي حسن خليل لانه لا يريد تحمل المسؤولية وحده في الوقت الذي تقع فيه المسؤولية على الحكومات السابقة منذ العام 2006 وليس فقط على الحكومة الحالية بسبب عدم اقرار الموازنات لهذه السنوات.

ويوضح سابا أنه حتى لو صدر مرسوم صرف الرواتب مفي مجلس الوزراء لا يعطيه صفة القانونية ولا يحل المشكلة، بل الأمر يحتاج الى تعديل دستوري للمادة التي تتحدث عن القاعدة الإثني عشرية، كما رأى سابا أن المجلس النيابي يتحمل المسؤولية أيضاً لأنه لم يمارس وظيفته الرئيسية وهي الرقابة المالية على صرف وجباية الأمول.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى