الجيش السوري يلاقي انتصارات حلب ببدء عملية تحرير درعا فيينا الثاني السبت والأحد لحسم مكوّنات المعارضة والإرهاب
كتب المحرر السياسي
بين الانتصارات التي يحققها الجيش السوري في جبهات ريف حلب الجنوبي والريف الشرقي بعد معركة السفيرة ــــ خناصر تبدو معركة حلب المدينة على الأبواب، حيث قامت الطائرات الروسية باستهداف مواقع المسلحين في ريف حلب الشرقي في مناطق تادف والباب والشيخ أحمد ومحيط مطار كويرس، كذلك في باب النيرب والشيخ خضر والسكري والحيدرية وكرم النزهة والأنصاري شرق حلب، بينما رفع العلم العربي السوري من داخل قرية «غمام» بريف اللاذقية. وبالتزامن مع هذه التطورات شمال سورية كان جنوب سورية يشهد تطوراً لافتاً تمثل بإعلان الجيش السوري بدء تحرير درعا البلد بالتعاون مع وحدات المقاومة وتمكّنه من الاستيلاء على عدد من الكتل السكنية مع بدء العملية، فيما شهد ريف دمشق وغوطتاها تصاعداً في المواجهات العسكرية على محوري داريا وجوبر خصوصاً.
هذه التطورات الميدانية المتسارعة تسابق عقد اللقاء الدولي الإقليمي الثاني في فيينا الذي سيلتئم يوم السبت المقبل برعاية ثلاثية أميركية روسية أممية، ويُنتظر من المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أن يقدّم التصوّر الأولي للمعايير التي سيعتمدها في تصنيف الجماعات السياسية والمسلحة المحسوبة على أطراف المعارضة السورية، بين مَن يجب تصنيفه على لوائح المنظمات الإرهابية ومَن يمكن فتح باب الشراكة أمامه في العملية السياسية، بعدما تمّ حسم أمر التنظيمات المصنّفة لدى الأمم المتحدة كمنظمات إرهابية، في لقاء فيينا الأول وحسم بالتالي أمر «جبهة النصرة» بعدما كان أمر «داعش» محسوماً.
الأيام الفاصلة عن السبت يتوقع لها أن تكون أياماً عسكرية ساخنة من جهة، وأن تشهد حراكاً سياسياً وديبلوماسياً نشطاً يمهّد لدعوات الحوار التي يُفترض بدي ميستورا أن يوجّهها للأطراف السورية المعارضة التي سيتمّ تكريسها كشريك مفترض في العملية السياسية، بعدما تعطّلت مشاريع الحوار في الفرق الأربعة التي أُعلن عنها، بسبب رفض الائتلاف المعارض المشاركة فيها، ويجري التداول في الكواليس بمطالبة جميع الفصائل المحسوبة على المعارضة بموقف معلن مؤيد لبيان فيينا قبل مناقشة تصنيفها على لوائح المدعوين للعملية السياسية.
في لبنان تجاذبات السياسة لا تزال تعطل عقد الجلسة التشريعية، بقوة عقدة الميثاقية، حيث سيكون موعد الجلسة يوم الخميس المقبل امتحاناً حاسماً للعلاقات السياسية وربما مفترق طرق هامّ في تقرير مستقبل الحوار النيابي، في ضوء مصير الجلسة، ليبقى الميدان الأمني المكان الوحيد لتحقيق الإنجازات بعدما أضاف الأمن العام اللبناني أمس إلى سجل إنجازاته، وضع اليد على شبكة تجسّس «إسرائيلية» تقول المعلومات إنّ في عدادها كنزاً معلوماتياً دسماً.
الجلسة التشريعية إلى أين؟
يحفل الأسبوع الطالع بمحطات واستحقاقات داخلية شديدة الأهمية أبرزها الجلستان التشريعيتان اللتان دعا إليهما رئيس المجلس النيابي نبيه بري يومي الخميس والجمعة المقبلين وسط تلويح القوى المسيحية بالمقاطعة، لا سيما «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، بخطوات تصعيدية إذا تمّ تجاوزها وعقدت الجلسة من دون شمول جدول الأعمال قانون الانتخاب، بينما تتكثف الاتصالات والمشاورات بين الكتل النيابية في الوقت المتبقي حتى الخميس لمحاولة الوصول إلى مخرج توافقي يؤمّن مشاركة الكتل المقاطعة. إلا أنّ مصدراً مقرّباً من الرابية استبعد في حديث لـ«البناء» أن يتغيّر موقف التيار الوطني الحر حتى الخميس من دون إدراج قانون الانتخاب على جدول الأعمال «نظراً إلى حجم الالتزامات العلنية للتيار تجاه قاعدته الشعبية وتجاه الأطراف المسيحية الأخرى»، إلا أنّ المصدر ألمح إلى وجود مخرج سهل لحلّ عقدة قانون الانتخاب، معوّلاً بذلك على «حكمة وسعة صدر الرئيس بري وخبرته في تدوير الزوايا وابتداع مخرج يُرضي الجميع ويؤمّن حضور كلّ المكونات الجلسة».
وأكد المصدر أنّ «الأفق مغلق حتى الآن أمام أيّ مخرج، وحذّر من أنّ ردّ الفعل على تجاوز المكونات المسيحية لن يكون له سقف. وكلّ الاحتمالات مطروحة في وقت نشهد فيه إعادة تكوين المنطقة».
وذكّر المصدر بـ»كلام الرئيس بري عن الميثاقية في جلسة التمديد للمجلس النيابي وطلبه تمثيلاً مسيحياً لعقد الجلسة حينها التي قاطعها التيار الوطني الحر بينما أمّنت «القوات» الميثاقية بحضورها».
وتوقّع المصدر عقد الجلستين إذا لم يتمّ التوصل إلى حلّ حتى الخميس يقضي بحضور المقاطعين، «إلا إذا أعلن تيار المستقبل المقاطعة نتيجة التشاور مع حلفائه. وهذا الاحتمال سيدفع الرئيس بري إلى تأجيل الجلستين».
«المستقبل» يؤكد حضوره
وأكد عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار لـ«البناء» أنّ «حضور تيار المستقبل الجلستين بات محسوماً، لأنّ الأخطار الاقتصادية والمالية على لبنان إذا لم تقرّ القوانين المالية والقروض ستكون كبيرة»، ولكنه أبدى في الوقت نفسه «حرص المستقبل على حضور حلفائه المسيحيين في 14 آذار من القوات والكتائب والمستقلّين».
وكشف الحجار أنّ «الاتصالات والاجتماعات مستمرّة منذ اليومين الماضيين وتستكمل اليوم بين «المستقبل» وبين حلفائه في 14 آذار للوصول إلى حل يرضي الجميع»، مشدّداً على ضرورة عقد الجلسة حتى لو لم تحضر المكونات المسيحية، «لأنّ الدستور لم يلحظ ميثاقية في المجلس النيابي، بل تحدّث في المقدّمة أن لا شرعية لسلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، وقصد بذلك الميثاقية في مجلس الوزراء وليس في مجلس النواب الذي يحتاج فقط إلى النصف زائداً واحداً لعقد الجلسة».
و«القوات» تحسم اليوم
ويحسم اليوم رئيس حزب «القوات» سمير جعجع الموقف من الجلسة التشريعية في مؤتمر صحافي يعقده في معراب، بحسب ما أعلن مكتبه الإعلامي.
الراعي للسياسيين: لا للتعطيل
ووجّه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي نداء إلى السياسيين في لبنان، قال فيه: «لا يمكننا أن نقبل معكم بأن لا تنتخبوا رئيساً للجمهورية منذ 18 شهراً، ولا بتعطيل عمل المجلس النيابي، ولا بشلّ عمل الحكومة».
رعد: دفعنا عن لبنان الخطر الاستراتيجي
من جهته، أكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أننا «نريد للحكومة وللمجلس النيابي أن يلتئما، وإذا ما اختلفنا حول هذه الضرورة، فإنه لا يجب أن نختلف في أن هذا الوطن ينبغي أن يكون لكل أبنائه، وأن لا أحد فيه يستطيع أن يلغي أو يقصي أحداً».
وشدّد رعد على «أننا دفعنا الخطر الاستراتيجي عن لبنان، ونريد لهذا الخطر أن يرتفع عن سورية أيضاً، لأنه يعزّز استقرارنا في لبنان».
إنجاز جديد للأمن العام
أمنياً، وفي سياق تهاوي الشبكات الإرهابية في قبضة الأجهزة الأمنية، تمكّن الأمن العام أمس من إلقاء القبض على شبكة تجسس تعمل لمصلحة العدو «الإسرائيلي» في منطقة الجنوب، حيث تمّ توقيف كل من: السوري ر.أ وزوجته اللبنانية س.ش ، واللبناني هـ.م. .
وأشارت المديرية العامة للأمن العام في بيان، إلى أنه «وبالتحقيق معهم اعترف الموقوفون أنهم قاموا وبتكليف من مشغليهم بجمع معلومات عن شخصيات وأهداف أمنية وعسكرية بغية استهدافها لاحقاً، وبتصوير طرقات ومسالك وأماكن حساسة داخل مناطق الجنوب وإرسال الأفلام إلى مشغليهم لاستثمارها في اعتداءات لاحقة».
وأفادت مصادر أمنية لقناة «المنار» أن «شبكة التجسس تعمل منذ سنة لمصلحة «إسرائيل» وتم توقيفها في منطقة صيدا وجوارها»، لافتة إلى أن «النشاط التجسسي للشبكة تركَّز على رصد حركة النائب أسامة سعد والشيخ ماهر حمود».
عملاء «الموساد» في المخيم
وأوضحت مصادر عسكرية لـ«البناء» أن «عملية توقيف هذه الشبكة تدلّ على كفاءة جهاز الأمن العام بعد أن بات دوره أساسياً في مكافحة الشبكات الإرهابية و«الإسرائيلية»»، ولفتت المصادر إلى أن «مَن ينقذ لبنان حالياً في الداخل هو كفاءة الأجهزة الأمنية وتنسيقها فيما بينهما ومع المقاومة».
وأشارت المصادر إلى الوجود والنشاط الإرهابي الدائم في صيدا وجوارها، موضحة أن «هذه المنطقة هي الشريان الحيوي للمقاومة وحزب الله وصلة الوصل بين بيروت والجنوب، كما أنها تشكل بيئة حاضنة للتفجير وذات حساسية أمنية وديمغرافية ويمكن اللعب على التناقضات الموجودة فيها، فضلاً عن قربها من مخيم عين الحلوة الذي يحوي كل الخلايا الإرهابية النائمة التي ترى في المخيم جزيرة محميّة عدا عن التناقضات الفلسطينية، وذكّرت بظاهرة أحمد الأسير وحذّرت من تكرارها بأشكال وأوجه أخرى».
وإذ أكدت المصادر أن «إسرائيل لم ولن تتوقف عن توسيع شبكاتها الإرهابية في لبنان»، أشارت إلى «التنسيق بين الاستخبارات «الإسرائيلية» «الموساد» وبين التنظيمات الإرهابية»، وحذرت من «اختراق هذه الاستخبارات للمخيم عبر عملاء، ومنهم ينتمون إلى شبكات إرهابية».
وتجدر الإشارة إلى أنّ الأمن العام أوقف الشهر الماضي شبكة إرهابية في عين الحلوة كانت تخطط للقيام بعمليات تفجير تستهدف مراكز الجيش وحواجزه وشخصيات سياسية لبنانية وفلسطينية وتفجير سيارات مفخخة في أحياء الضاحية الجنوبية خلال إحياء مراسم عاشوراء.